منى فياض

الأثنين ٦ أيار ٢٠٢٤ - 08:15

المصدر: صوت لبنان

محاولة في فهم سيكولوجية الشيعة

عقدت ندوة مؤخراً برعاية أمم للتوثيق والأبحاث، تحت عنوان ” الخيار الوطني عند الشيعة”، تحدث فيها نخبة من المثقفين الشيعة. خصصت احدى الجلسات ل “سيكولوجيا المجتمع الشيعي”، تحدث فيها الدكتوران: داوود فرج واحمد زين الدين. وعند دمج المداخلتين نستفيد بما يلي:

بعد بروز حزب الله وممارساته، التي صادرت الطائفة الشيعية، وقسمت المجتمع اللبناني؛ طغى الشعور بفائض القوة على سلوك شيعة الحزب.

برز حينها التساؤل عن خلفية المنتمين الى هذه الطائفة. حاول المحاضران الإجابة عن أسئلة من نوع: هل نفهم شيعة حزب الله؟ هل يفهموننا؟

زين الدين اعطانا الخلفية التي سمحت ببروز عقدة التفوق عند حزب الله، وهي الثورة الإسلامية الإيرانية والتشيع الصفوي.

وهو تشيع يختلف عن التشيع العاملي النجفي الذي لا يؤمن بولاية الفقيه.

أما فرج فبحث في فهم الشخصية الشيعية، مشيراً ان لكل جماعة نواة تشكل الأصل وتربطها ببعضها البعض.

وعلى غرار مقولة (رشاد الشامي في كتابه: عن اليهودية): الذي يجد ان نواة الشخصية اليهودية، هي “سيكولوجيا الضحية”. او شخصية الحمل الذي يُضحّى به. لكنها تغيرت بعد الهولوكوست النازي، فتحول الحمل الذي بداخلهم الى ذئب عندما يواجه حملاً آخر يتذكر نفسه وتاريخه كضحية، وبما انه يريد التخلص من هذا الشعور، يتحول الى ذئب.

 

نواة الشخصية الشيعية، هي المظلومية، التي تتمحور حول مأساة أهل البيت وتتناقلها. سيكولوجيا الضحية تختلف عن سيكولوجيا المظلومية. فاليهودي ضحية لأنه عظيم. الآخر يضطهده لأنه لا يعترف به “كشعب الله المختار. بينما المظلومية عند الشيعة هي: انا مظلوم لأني على حق وأضحي بنفسي من أجله، كما فعل الحسين.

تاريخياً، وبعد ثورة الحسين واستشهاده، فيما عدا بعض الظواهر المتمردة كالقرامطة مثلاً، اختار الشيعة المهادنة والتقية (اتجاه الامام الحسن). بانتظار المهدي الذي يقيم العدل على الأرض، بعد سيرورة سلسلة من الأئمة.

لكن بعد الثورة الإسلامية في ايران، وطريقتها الخاصة في الاستيلاء على التشيع، ودمجه بالقومية الفارسية، حصل تحوير تسبب بقلب ثورة الحسين من ثورة دفاع عن الحق، الى تشيع متمرد يريد، عبر نشر أيديولوجية الولي الفقيه بالقوة والعنف، ان يصل الى الهيمنة على محيطه.

كيف نقرأ واقع الطائفة الشيعية على ضوء ذلك؟

انتجت المظلومية الشيعية عندهم الخوف، خصوصاً تحت الحكم العثماني.

ينتج الخوف عند الشعور بالظلم، بسبب الضعف. وهذا ما يؤدي الى الشعور بالدونية. وبحسب نظرية آدلر، هذا الشعور طبيعي وموجود عند كل البشر، ونعوّضه عن طريق الإنجازات التي يحققها الشخص. لكن عندما الفشل في تعويض عقدة النقص هذه، يرفضها لتتحول الى عقدة تفوق.

بعد مرحلة الاستسلام بسبب القمع العثماني جاءت مرحلة التفوق والتمرد، عند من تبنى عقيدة التشيع الإيراني.

والتمرد قد يؤدي الى طريقين: انحرافات مجتمعية او الالتزام بقضية نضالية. والخائف يحتاج الى حماية، والشعور بالدونية يحتاج الى تعويض.

وهذا ما ينطبق على أمل وحزب الله. نجد عند أمل عقدة النقص، وعند حزب الله عقدة التفوق.

 

انطلق كلاهما من المفهوم السيكولوجي للمظلومية. عند أمل برزت آلية التبرير اللاواعي، لممارساتها المعروفة بالسلبطة واستغلال السلطة لمصلحتها. لجأ الأمليون الى آلية التبرير لشرعنه افعالهم، عبر اجراء تحويل في القيم الأخلاقية. اوجدت أمل قيم جديدة تسمح لها بالاعتقاد بان السرقة من الدولة حلال. الدولة تسرقنا اصلاً: تسرقنا عبر الكهرباء والماء والضرائب الخ… فسرقتها حلال.

وأصبح زعيم الطائفة (نبيه بري) هو الذي يحمي، وهو “تاج راسنا”. اغلبية الشيعة الذين انتموا الى امل، وجدوا من يحميهم ويعوّض شعورهم بالنقص.

انتماءهم الى الدولة قائم على أساس “اللهط”. بسبب الجوع العميق والحرمان.

يلتف محازبي حركة امل، حول الزعيم الحامي نبيه بري، ويخافون ان يفقدونه: يا ويلنا من بعدك! لقد أصبح وعيهم مشوها. وبالرغم من معرفتهم بأنهم على خطأ، لا يمكنهم التراجع عن مواقعهم، سيشعرون بالضعف وفقد الحماية، ويخافون من الانتقام منهم حينها.

 

عند حزب الله، الطرف المتمرد، نجد الشعور بالتفوق. عندما يتأمن لك طرف قوي يحميك، تستبدل عقدة النقص بعقدة التفوق. هناك دولة عظمى تحميني وتؤمن حاجاتنا للتفوق والتسيّد: النفوذ والمال والسلاح، وحتى العلم. فالمهدي عندما يظهر يحقق اعلى درجة علمية، لأنها علوم ربانية وهي اقوى العلوم. خصوصاً انه يقترن بالقداسة. وسواء آمنوا بذلك ام لا، انها اداتهم للاستناد الى قوة قدسية تسند عورهم بفائض القوة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها