بلقيس عبد الرضا

الأحد ٢٧ آب ٢٠٢٣ - 17:25

المصدر: المدن

مستقبل قوي لصناعة الأزياء الفاخرة في لبنان

لم تعد صناعة الأزياء في لبنان مجرد حرفة، محصورة بعدد بسيط من المصممين، بل تحولت إلى صناعة مهمة، بعدما نجحت في تحقيق الانتشار والشهرة الكبيرة في الأسواق العالمية، ويعود السبب في ذلك، إلى متانة وجودة التصاميم من جهة، ومن جهة ثانية إلى إبداع اللبنانيين وقدرتهم على الابتكار، وتراكم الخبرات على امتداد أجيال من المصممين والمبتكرين، خصوصاً مع فترة الازدهار التي عرفها هذا القطاع منذ منتصف التسعينات.

نمو قوي
تتوقع مؤسسة “Statista” البريطانية أن يشهد قطاع الأزياء اللبناني المزيد من القوة في السنوات المقبلة. وحسب الأرقام، من المتوقع أن تصل الإيرادات في سوق الأزياء إلى 287 مليون دولار أميركي في عام 2023، كما أنه من المتوقع، أن تظهر الإيرادات معدل نمو يبلغ 7.36 في المئة سنوياً من العام 2023 إلى العام 2027، مما ينتج عنه حجم سوق متوقع قدره 381 مليون دولار أميركي بحلول عام 2027.

ووفق الأرقام، يصل حجم مبيعات الأزياء اللبنانية عبر المواقع الإلكترونية إلى 266.2 مليون دولار أميركي. وهو ما يمثل 16.5 في المئة من إجمالي سوق التجارة الإلكترونية في لبنان. ومن المتوقع أن تزداد خلال السنوات المقبلة.

يعترف مصمم الأزياء وليد شهاب لـ”المدن”، بأن القطاع نجح في الوصول إلى العالمية، بفضل التصاميم المبتكرة، والجودة، والأسعار التنافسية للأزياء اللبنانية. ويقول: “لم تعد صناعة الأزياء في لبنان محصورة بفئة معينة من الفنانيين أو المبدعين، بل باتت مهنة مستقلة، لها أصولها، خصوصاً مع إقبال الجامعات اللبنانية والمعاهد لتأسيس دبلومات وشهادات جامعية تساعد الطلاب في إتقان فن الحياكة”. ويضيف، “الكثير من الجامعات اللبنانية وقعت اتفاقيات مع جامعات عالمية، على غرار جامعة لندن للأزياء وغيرها، بهدف تطوير الاختصاص، من مجرد فن للحياكة، إلى كيفية إدارته، وتسويقه”.

حجم السوق
تغيب الإحصاءات الخاصة بحجم مبيعات الثياب الفاخرة المصدرة إلى الخارج. إذ لا يوجد أي Code تعريفي يتم على أساسه إدراج عمليات شحن الثياب الفاخرة في الجمارك، ورغم ذلك، يعتقد شهاب بأن حجم المبيعات خلال فصل الصيف تحديداً مرتفع للغاية، على اعتبار أنه موسم حفلات في المنطقة العربية، وحتى في دول أوروبا. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن أسعار الثياب الفاخرة مناسبة للعديد من الفئات الاجتماعية.

تبدأ أسعار الفساتين الفاخرة، من 5000 دولار، وترتفع إلى أكثر من 50 ألفاً، وهو ما يعني أن هناك فئة كبيرة من محبي الثياب الفاخرة لديهم فرص متنوعة لشراء ما يناسبهم.

ماذا عن التحديات؟
صحيح أن القطاع يبدو وردياً إلى حد كبير، إلا أن المصممين، وتحديداً الذين لا يزالون يديرون أعمالهم من لبنان، يعانون من صعوبة الأوضاع، وتأثيرها على إنتاجيتهم.

حسب شهاب، هناك مجموعة من التحديات الضاغطة على المصممين العاملين في لبنان. فعلى سبيل المثال، زادت أسعار المواد الأولية بعد جائحة فيروس كورونا، وارتفعت أسعار الأقمشة. ولذا زادت التكلفة بمعدل لا يقل عن 20 في المئة. فعلى سبيل المثال، كان يباع سعر متر القماش من الخارج بنحو 15 دولاراً، فوصل السعر بفضل ارتفاع الأسعار العالمية إلى ما بين 20 و22 دولاراً، وبالتالي، زادت التكلفة على المصمم، وهو ما أدى إلى رفع أسعار الثياب الفاخرة. فقد كان يباع الفستان على سبيل المثال بسعر متوسط يتراوح ما بين 5000 و7000 دولار، ارتفع السعر إلى مايقارب 10000 و14000 ألف دولار.

وفق شهاب، هذه الأسعار، جعلت من الصعب الاعتماد على المشتري أو الزبون اللبناني، نظراً للأوضاع الحالية، وهو ما أثر بطبيعة الحال على حركة البيع.

ومن جهة ثانية، تركت الأزمة الاقتصادية تأثيراتها على المصمم، الذي يضطر إلى تسديد فواتير مرتفعة لتأمين الكهرباء. إذ يضطر الكثير من المصممين إلى تأمين التيار الكهربائي ليلاً ونهاراً، وهو ما يكبد المصمم أو العامل في هذا المجال خسائر إضافية. فالمصمم يضطر إلى تأمين نحو 100 أمبير من الكهرباء، جزء منها لإدارة المشغل، وجزء أخر لصالة العرض. وبحسبة بسيطة، تصل تكاليف 100 أمبير إلى ما يقارب 3000 دولار شهرياً، وهو مبلغ صعب بالنسبة إلى أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وعليه، فهذا القطاع كما غيره من القطاعات الصناعية والإنتاجية، قادر على المساهمة بتغيير الوجه الاقتصادي للبنان، لو توفرت البنى التحتية الأساسية والإدارة الرسمية الرشيدة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها