play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٢ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 08:37

المصدر: صوت لبنان

مشكلة النزوح السوري تتفاقم

تزداد مشكلة النزوح السوري تفاقماً مع الوقت ومع استمرار دخولهم.

تفيد الاحصائيات ان نسبة الجرمية المنسوبة الى السوريين تبلغ 3 اضعاف ونيف، عما هي عليه عند اللبنانيين.

فلماذا نسبة الجرمية عند النازحين أعلى مما هي عليه عند اللبنانيين؟

طبعاً لا يمكن تفسير ذلك بالاعتقاد بأنهم عنيفون بطبعهم او أكثر قابلية للعنف من اللبنانيين. لكن الأمر يعود لعوامل نفس – اجتماعية يتسبب بهما اللجوء والتهجير.

يصل النازح الى لبنان، غير المهيّأ وغير القادر على استيعابه، لأسباب معروفة. ولبنان عاجز عن تحمل هذه الاعداد حتى ولو كان في حالته الطبيعية. قارة أوروبا الغنية ذات ال 300 مليون نسمة تشعر نفسها مهددة من مليون لاجئ وتعمل على منعه.

لكن عملية اللجوء تترك آثاراً ثقيلة على كل من يترك موطنه الأصلي. تكون الأسرة المهجرة في حالة توازن وتكيف قبل اقتلاعها من بيئتها الحيوية، لكن هذا التوازن يختل ويضطرب بعده، تزيد حدته كلما كان التوازن الأصلي أكثر هشاشة أو لديه اضطراب معين.

وللأسرة تنظيم داخلي حيث لكل شخص دور ومهام ووظيفة تحافظ على مصلحة المجموعة.

وهي تنسج علاقات متعددة مع البيئة: كالعائلة الممتدة، الجيرة وزملاء عمل إلخ… تسمح بالحصول على عناصر مُرضية وتدعم هويات الأشخاص بشكل متبادل وتنمّي الهوية الاجتماعية المشتركة.

تتأثر مجموعة التبادلات هذه بين الأشخاص، بالبيئة الاجتماعية والثقافة والتنظيم السياسي للمجتمع. وتعتاد الأسرة في هذه الظروف على استراتيجية دفاع ومواجهة للمشاكل التي تتعرض لها. يأتي التهجير القسري لكي يكسر كل ذلك.

كما يتسبب بانقطاع واضطراب كبيرين، فتعاني الأسرة جراء ذلك من صعوبات مادية، من الفقر والجوع والنقص في العناية والصحة الجسديين وغياب الحماية؛ وعلى المستوى النفسي: الحزن والاكتئاب والعزلة الاجتماعية ويتأخر نمو الأطفال. عدا عن الخسارات المختلفة والعنيفة، كفقدان عضو من الأسرة، او أقارب.

تنكسر التوازنات في البيئة الجديدة، ويتمزق النسيج الاجتماعي الذي يحمي الأسرة ويدعمها، فتجد نفسها في خضم المشاكل في محيط غريب وبيئة فقيرة ومزدحمة ولا تتوفر لها الحاجات الأساسية. تنخفض الرقابة الاجتماعية، التي تؤمنها العائلة والجيرة والأقارب، في البيئة الجديدة؛ فتتسيّب القيم ما ينعكس على سلوك غير متكيف للأفراد، ويتسبب بسلوك لااجتماعي وسوء التكيف على انواعه: أخلاقي وعنف واعتداءات جسدية وجنسية والقيام بمخالفات على انواعها.

وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة الجرمية أكثر من 3 اضعاف عن النازحين السوريين، دون ان ننسى ان نسبة الجرمية ارتفعت أيضا بين اللبنانيين عموماً، بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والذي زادته كثافة اللجوء السوري تفاقماً.

ان الوضع في لبنان خطير ومتفجر، وخطر التصادم العنف بين اللبنانيين والسوريين يتزايد. وعلى الغربيين التعامل مع مشكلة النازحين الى لبنان على غرار ما يتعاملون معهم في بلادهم. وعلى حكومتنا وجميع المسؤولين تحمل مسؤولياتهم والمعالجة الجدية للموضوع حماية لأمن المجتمعين، بدل الاكتفاء بالخطابات الرنانة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها