play icon pause icon
جورج يزبك

جورج يزبك

الثلاثاء ٢٥ أيار ٢٠٢١ - 08:10

المصدر: صوت لبنان

مقلاة التيفال

اذا كان في المعرفة قوة، ففي المعلومات سلطة. ومشكلتنا في هذه الجمهورية، أن أقلية القادة معرفيون وأكثريتهم الساحقة معلوماتيون. مشكلتنا أن الأقلية منهم مستحقو معرفة، والأغلبية منهم مدعّو معرفة، متفلسفون، يدوسون ذكاء المواطن ويتابعون طريقهم كأن لا شيء حصل.
لم يكف أنهم لم يبنوا دولة بل أحرقوا وطناً مرة واثنتين وثلاث، إن لم يكونوا هم فأقرباؤهم. في ال ٦٩ أحرقوه باتفاق القاهرة، في ال٧٥ أحرقوه بحرب الفلسطينيين، ولاحقاً بنيران السوريين، واليوم هرّبوا أموالهم بعدما نهبوه فوهبوه. أتحدى ال ١١٨ نائباً أن يدعي واحد منهم، فقط واحد، أن أمواله لا تزال مودعة في المصارف اللبنانية. لا نريد أن نعرف كم تملكون، فقط بادروا واعلنوا واثبتوا أنكم لم تحولوا دولاراتكم بالغاً ما بلغت الى الخارج. عندها وعندها فقط، يستحق الفاعل الاعتذار وربما اعادة انتخابه نائباً أو رئيساً. وما لم تبادروا فأنتم متهمون ومدانون، ولو اعتدتم على أن تكونوا كمقلاة التيفال لا يعلق عليها شيء.
مشكلتكم انكم بدل ان تبادروا الى حل الأزمات المتراكمة وأولها أزمة الكهرباء وأزمة النفايات، والأزمة المالية-الاقتصادية، تعملون على اختراع أزمات جديدة، كأن الموجود أو المخزون لا يكفي. إن إصراركم على تعطيل تأليف الحكومة يعني بالعربي الفصيح أننا ذاهبون بعيون مفتوحة الى إرجاء الانتخابات النيابية فالرئاسية. كل هذا دون منطق، لا المنطق التقليدي بيمشي معكم ولا الديالكتيكي بيمشي. واذا كان المنطق الأول يقول إن الشخص إما أن يكون ميتاً أو حيّاً، والشيء إما موجوداً أو لا، فالمنطق الثاني يرى أنه يمكن للشيء أن يكون في آن معاً موجوداً وغير موجود، ولبنان من الصنف الثاني، فهو دولة ولا دولة في وقت واحد، رئيس ومرؤوس في وقت واحد، رئيس مُكَلَّف ورئيس مُكْلِف في وقت واحد، وهل من كلفة أكبر من أن يكون رئيس مرؤوساً، ومكَّلف مُكْلِف لا يؤلِّف.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها