play icon pause icon
جورج يزبك

جورج يزبك

الثلاثاء ٢٤ آب ٢٠٢١ - 09:23

المصدر: صوت لبنان

من حرية القول، الى حرية الب…

ذكرتني الإستدعاءات وحجز الحريات التي حصلت مع المحتجين بعد انفجار التليل بزمن عبد الناصر الذي استدعى قيادات اليمن الى مؤتمر في القاهرة. وما إن وصلوا حتى أودعهم السجن، وكان بينهم المثقف أحمد النعمان. وفي السجن، لم يكن الحرس يسمح لسجناء الرأي بالذهاب الى الحمّام الا مرة في ال٢٤ ساعة. فكتب النعمان ساخراً: كنا في صنعاء نطالب بحرية القول، صرنا في القاهرة نطالب بحرية البول. وفي لبنان كنا نطالب بحرية الرأي، وصرنا نطالب بحرية النأي، النأي عن لبنان الى بلاد الله الواسعة وبأي وسيلة، مشياً أو سباحة، ذهاباً دون إياب، وعندها فليحتكموا وليحكموا وليتحاصصوا وليؤلفوا ما شاؤوا من حكومات. عندها سيصبح رئيس الجمهورية المسيحي مطراناً على مكة، وسيصبح رئيس الحكومة المسلم مفتياً لجمهورية كان اسمها لبنان. لبنان كان ملاذاً للمضطهدين في بلادهم، وصار بمثابة المنفى لمواطنيه، ورصيف انتظار أول طائرة وأول باخرة. كان سويسرا الشرق، فصار فنزويلا العالم. الليرة تشبه البوليفار، وطبع العملة هنا يشبهه هناك، وغداً سيضطر لبنان الى شطب أصفار من قيمة الليرة ليعيد لها بعض الاعتبار في الشكل، كماحذفت فنزويلا ستة أصفار من عملتها. كان نيّال من له مرقد عنزة في لبنان، صار غابة وحوش مفترسة تتاجر بالماء والكهرباء والدواء. كان مشفى الشرق صار مركز التفشي والتشفي.
كان لبنان نقيض الديمقراطية العراقية التي تخاف بطش صدام حسين، ونقيض الديمقراطية المغربية التي تسمح بكل الهتافات شرط أن يكون الهتاف الأخير للملك. كان يا ما كان في قديم الزمان بلد اسمه لبنان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها