خضر حسان

الأربعاء ٧ حزيران ٢٠٢٣ - 18:33

المصدر: المدن

موظّفو “الضمان” ينتزعون حقّهم بالرواتب: الإسكافي لم يَعُد حافياً

يلتزم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي باتخاذ الخطوات المناسبة لتطوير مستوى تقديماته للموظّفين المشمولين بتغطيته الصحية والاستشفائية وتعويضات نهاية الخدمة. ومع تصاعد مستوى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وانهيار سعر صرف الليرة، وذوبان قيمة التغطية المدفوعة للمستشفيات والأطباء وفروقات الفاتورة الدوائية، بادَرَ الصندوق في العام 2021، إلى حماية الموظفين وتحسين إيراداته عن طريق عدم قبوله بتصاريح من المؤسسات عن أجراء يتقاضون أقل من مليون ومئة ألف ليرة، مع أن الحد الأدنى الرسمي للأجور كان لا يزال 675 ألف ليرة. ومع ذلك، لم يستطع الصندوق حماية موظّفيه من تداعيات انهيار قيمة رواتبهم بالليرة، حتّى صَحَّ فيهم القول “بيت الإسكافي حافي”.
أمّا المناشدات المتكرّرة التي رفعها الموظّفون باتجاه السلطة السياسية، وتحديداً مجلس الوزراء، أفضت إلى شملهم بالقرار رقم 11227 القاضي بإعطائهم 4 أضعاف الراتب. لكن سجالاً حصل بين نقابة الموظّفين ومجلس إدارة الصندوق، خلص إلى إعلان الموظفين الاعتصام ووقف العمل.

مجلس الإدارة يرفض قرار الحكومة
أعلن المجلس التنفيذي لمستخدمي الصندوق بدء الاعتصام يوم الاثنين الماضي، احتجاجاً على “رفض مجلس الإدارة الالتزام بالمرسوم رقم 11227/2023 والقاضي بإعطاء تعويض موقّت لجميع العاملين في القطاع العام، بما في ذلك العاملين في الضمان الاجتماعي”. لكن الاحتجاج المُحِقّ بنظر المستَخدَمين، يقابله رفضٌ من مجلس إدارة الصندوق الذي يرى بأن “مستخدَمي الصندوق يخضعون لأحكام قانون العمل وقد استفادوا من زيادة غلاء المعيشة وفقاً لأحكام المرسوم 11226″، وبالتالي، يسقط حق المستخدمين في الرواتب الأربعة، منعاً لحصولهم على مساعدة مزدوجة.

رفض إقرار الزيادة حَوَّلَ القضية إلى ما يشبه جلسة محاكمة، استعرَضَ خلالها الطرفان أدلّتهما. ولم يخلُ الأمر من الاتهمات بالتعطيل والتحريض، فمجلس إدارة الصندوق اعتبر في بيان أن “وراء تصرّف النقابة أهدافاً باتت مكشوفة لجهة تعطيل أعمال مجلس الإدارة والتفرّد باتخاذ الإجراءات بعيداً عن مفهوم الشفافية الإدارية والأصول القانونية”، والنقابة رأت أن رفض المجلس ينبع من “غايات في نفس يعقوب”، فحضَرَت “الغايات المبيّتة” من دون الإفصاح عنها، وتُرِكَ تفسيرها رهن فهم واقع الإدارات والمؤسسات العامة المترهّل منذ عقود.
لكن ما يُسَجَّل لصالح المستخدمين، أن مطالبهم منصوص عليها بمرسوم حكومي، وهو السَنَد الذي يتّكىء عليه رئيس نقابة موظف ومستخدمي الصندوق، حسن حوماني، ليؤكّد لـ”المدن” أن مطالب الموظفين محقة. ويُشهِر حوماني أيضاً في وجه مجلس إدارة الصندوق “قرار هيئة التشريع والاستشارات التي طَلَبَ المجلس رأيها في هذا الموضوع، وأجابت أن الزيادة التي سيحصل عليها الموظّفون مشروعة طالما أنها لا تدخل في صلب الراتب ولا في تعويض نهاية الخدمة”.

تضاربٌ في القرارات.. وانتصار
بعد نحو ساعة على مُطالعة مجلس الإدارة التي خلصت إلى رفض إقرار الزيادة، أصدرت مديرية العلاقات العامة في الصندوق، اليوم الأربعاء 7 حزيران، بياناً تجزم في مضمونه بأن للموظفين حقٌّ على مجلس الإدارة الإقرار به. وأتى الجزم حسب البيان، “على ضوء الاتصالات التي قام بها مدير عام الصندوق محمد كركي مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير العمل مصطفى بيرم ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، وبحضور رئيس وأعضاء نقابة مستخدمي الصندوق”. وبخلاصة الاتصالات تبلَّغَ كركي من ميقاتي “أن مطالب المستخدمين محقّة وأنّهم مشمولون بالمرسوم القاضي بصرف 4 رواتب شهرية لهم، وأنّ هذا المرسوم واجب التطبيق”. وعليه، عَلَّقَت النقابة اعتصامها ودعا كركي كافة مديريّات ومكاتب الصندوق إلى معاودة العمل اعتباراً من يوم الخميس 8 حزيران.

النتائج الإيجابية ستظهر بدءاً “من يوم الإثنين المقبل”، وفق ما يقوله حوماني. لكن ذلك لا يلغي ضرورة متابعة الأزمة الإدارية داخل جسم الصندوق، فهناك شغور في مجلس الإدارة، إذ يضمّ حالياً 16 عضواً من أصل 26 عضواً، ما يؤثّر على آلية اتخاذ القرارات وعلى حسن سير العمل في الصندوق. علماً أن ولاية المجلس منتهية منذ العام 2003.

يعتبر الموظفون الذين اعتصموا لأربعة أيام، أن حسم حقّهم بالزيادة الحالية بمثابة انتصار وإن كانت الزيادة “لا تصل قيمتها إلى نحو 100 دولار. لكنها حق للموظفين، كفله قرار مجلس الوزراء”. وبالتالي، سيحصل الموظّفون على تعويض مؤقت اعتباراً من منتصف شهر حزيران، يُمَوَّل من سلفة الخزينة المعطاة لوزارة المالية بموجب المرسوم رقم 11301 تاريخ 18/4/2023، وذلك عن شهري أيار وحزيران للمتقاعدين، وعن شهر أيار للعاملين في الخدمة الفعلية.
وتجدر الإشارة إلى أن الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، يستفيدون من المرسوم رقم 11227، والذي ينصّ على أن “لا يقلّ التعويض لموظفي الإدارات العامة والمتعاقدين عن 8 ملايين ليرة وعن 7 ملايين ليرة بالنسبة للعسكريين الذين سيتم احتساب هذا التعويض لهم على أساس الراتب والمتمّمات العسكرية، على ألا يزيد في مطلق الأحوال هذا التعويض المؤقت عن 5 ملايين ليرة شهرياً”.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها