عباس الحلبي

الأثنين ٩ كانون الأول ٢٠١٩ - 08:13

المصدر: صوت لبنان

نحوَ فكرٍ عربي جديد

مأزومية الفكر العربي كما قالَ مشاركون في المؤتمر الذي دَعَت إليهِ مؤسسة الفكر العربي هي في أنَّ المفكرَ العربي سجينُ التراثِ والتاريخ من جهة وسجين المعرفة التي ينتجها غيره ولا يشارك هو في صنعها من جهةٍ ثانية . 

فَتحتَ شعار «نحوَ فكرٍ عربي جديد»، إلتَقَت نخبة من الباحثين والمثقفين وصنَّاع القرار وإعلاميون لِبحثِ الوسائل التي تجعل من الفكر العربي ينتقل من مرحلة التلقّي إلى مرحلةِ الإبتكار حتى يتحاشى عالمنا العربي الإندثار. 

« فالعقولُ هنا والفرصةُ لنا ولن نستسلم أبدا” » على ما قالَ رئيس المؤسسة الأمير خالد الفيصل. وكثيرةٌ هي التساؤلات حول عنوانِ المؤتمر منها ما يتراوح بين التعجّب والإستهجان فهَل يمثّل الفكر وإشكاليات تجديده قضية تندرج حقا” في قائمة إهتماماتنا الملحّة وتحتل موقعا” متقدما” في سلّم أولياتنا؟ والاّ يخشى أن يعد الإنصراف إلى البحث في أسئلة الفكر وتياراته ترفا” ذهنيا” وإستغراقا” في تنظير منقطع الصلة كما طرح مديرها العام الدكتور هنري العويط. 

ان من رأس الدواعي لاختيار موضوع المؤتمر رغبة مؤسسة الفكر العربي في إعادةِ الإعتبار إلى الفكر لأنه بحسب العويط في غمرة المتاهات التي نتخبَّط بها هو البوصلة التي تدلّنا على درب الهدى وهو المنارة التي ترشدنا إلى ميناء السلامة. 

فمنطقتنا لا يسعها أن تبقى بمنأى عن التحولات وعن التداعيات السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية والبيئية والتكنولوجية والتربوية والثقافية وما تثيره من متغيرات. من هنا أهمية 

تبنّي نهج فكري جديد وإعتماد مقاربات جديدة وصياغة رؤى جديدة على ما قال العويط. وبالمناسبة أطلقت المؤسسة التقرير العربي الحادي عشر للتنمية الثقافية وعنوانه “فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع” لِما لفلسطين من رمزية قوية في إطار إحياء الذكرى السبعين لنكبتها. 

إنَّ إختيار هذا الموضوع جاءَ ليؤكّد أهمية المقاربة الثقافية إذ جاءَ التقرير بـ 1200 صفحة في مجلَّدين أنيقين ليضيء على أوجه الحياة الثقافية المنوَّعة والنظر إليها كفعل مقاومة ويترجم موقف المؤسسة مصدرته المناهض للإحتلال والداعم لفلسطين وقضيّتها وحقوق شعبها. 

إنها دعوة إلى جميع المواطنين في الوطن العربي لإعادةِ الإعتبار إلى هذه القضية المركزية والإطلاع على سجل لنتاجات رجالات النهضة ورصد موقع فلسطين في الدراسات الإنسانية والإجتماعية وما وَرَدَ في أدبيات التاريخ القديم والمعاصر والفنون التشكيلية ومرايا الثقافات الأميركية والروسية وسائر الحضارات والثقافات في العالم أجمع هذا فضلا” عن التربية والتعليم وأهمية مدنية الفكر فضلا” عن بيبليوغرافيا توثيقية موسعة. 

إنها دعوة للوطن العربي لإتباع البوصلة الحقيقية لقضاياه ومشاكله كما أنها دعوة للإنفتاح على المستقبل بأساليب العصر والتحرر من اسر الماضي وفشلِه لإنتاج معارف جديدة لكي يعود العالم العربي لاعبا” بين الحضارات والثقافات.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها