play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ١ كانون الثاني ٢٠٢٤ - 10:19

المصدر: صوت لبنان

نعم للحياة هو مستقبل غزة والفلسطينيون    

عندما خرج فيكتور فرانكل، المعالج النفسي اليهودي، من المعتقلات النازية، قام بإلقاء محاضرات عن تجربته تلك، خرجت بكتاب عنوانه: نعم للحياة.
تعرض فرانكل للخسارات الثقيلة في تلك المعتقلات واقترب من الموت، لكنه مع ذلك احتفظ أيضاً ببصيص من الأمل للاستمرار في الحياة.
سأستعين بكتابه لعدة اهداف: منها ان حرب الابادة التي تقودها اسرائيل في غزة، هي تكرار لممارسات النازية، وحتى انها تتفوق عليها في كثافتها وعلى مساحة ضيقة جداً. مع التنبه الى ان النازيين الاسرائيليين الجدد، لم يعيشوا أي من فظاعات النازية، فقط سمعوا عنها بالتواتر، وطوّروا خيالاتهم السادية المجرمة، ليتفوقوا عليها؛ فآفة الغرور والثقة الفائضة بالنفس التي أصابتهم، جعلتهم يعتقدون ان القوة الغاشمة وحدها ستحقق تهجير شعب من أرضه.

الهدف من استعراض كتاب: “نعم للحياة”، رسالته، التي تنبؤنا بأن الفلسطينيين، سيتغلبون على هذه المآسي ويستعيدون حبهم للحياة؛ وبالرغم من قسوة حرب الإبادة المفروضة عليهم. سيجدون القوة ليحافظوا على ارواحهم حرة طليقة. لأن خيالاتهم واحلامهم لا تعتمد سوى عليهم. وهذه المقاومة النفسية هي حريتهم الانسانية الحقيقية.
فالبشر مستعدون لتحمل الاهوال اذا كان لمعاناتهم من معنى وهدف. وكلما كانت المشاكل والتحديات أصعب، كلما اكتسبت معنى أكبر. فإذا لم يكن باستطاعتنا تغيير مصيرنا، علينا تقبله على الأقل، والتكيف معه، والبدء بالتنمية الداخلية، حتى في وسط العاصفة.
المشكلة الحقيقية هنا تكمن فيمن يتجاهلون ما يحصل. لأنهم “قرروا” ان لا يعرفوا.
درس العالم النفس-اجتماعي ارفين ستووب، الذي عانى هو ايضاً في المعتقلات، القسوة الإنسانية والكراهية، واكتشف ان احد جذور هذه الشرور كان قرار الشهود إغماض عيونهم عما يحدث. لأن الصمت تواطؤ. وسياسة النعامة هذه تجعل القائمين بهذه الفظائع يؤولونها كموافقة ضمنية.
ولو ان هؤلاء الشهود، فعلوا العكس، ورفعوا الصوت اعتراضا على هذه الجرائم، لصعّبوا مهمة أولئك الذين يريدون ارتكاب الجرائم الشريرة.

ولاحظ فرانكل، ان القادة السلطويين عموماً، يشجعون الناس على “عدم المعرفة”. الأمر الذي تمارسه معظم السلطات السياسية والإعلامية في العالم الغربي الآن؛ ضاربة عرض الحائط جميع ادعاءاتها بحرية التعبير.
وهذه الممارسات تعود لفئة الأكبر سناً في المجتمعات. لذا من الملاحظ الآن بروز هوة بين الأجيال، وبروز حركات اعتراضية بين طلاب الجامعات والشبيبة، حتى من اليهود أنفسهم، على ممارسات إسرائيل.
وكما حصل بعد الحرب العالمية الثانية وبعد حرب فيتنام، برزت حركات شبابية ترفض العنف والحروب وتنادي بالسلام والحب. وعلى الأرجح ان تستقطب القضية الفلسطينية الاهتمام لأنها باتت، كقضية محقة تعاني من عنف غاشم غير مسبوق من جيش نظامي، على عزّل والعالم يتفرج.
سيحرك كل ذلك صراع أخلاقي ويولد تيارات سياسية وثقافية تدين سلوك الأجيال السابقة في خياراتها الحربية كما البيئية، التي لم تقد سوى الى الخراب.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها