play icon pause icon
عباس الحلبي

عباس الحلبي

الأثنين ٢٨ كانون الأول ٢٠٢٠ - 12:41

المصدر: صوت لبنان

هل تحمل السنة الجديدة الفرح المنشود؟

درجَت العادة في نهايةِ السنة أن تعمَد المؤسسات والدول والهيئات وحتى الأفراد إلى إجراءِ جردة بالنجاحات والإخفاقات، بالإنجازاتِ والفشل، بالأرباحِ والخسائر وبِما لَها وما عليها.

فماذا عسى اللبنانيين أن يوثّقوا عن السنة المنقضية مِن كلّ ما سَبَق ذكره. هل سقوط العملة وشحّ الدولار، أم الفشل المجتمعي في الوقاية من الوباء، أم إنفجار المرفأ وما سبَّبَه وما كانت نتائجه المفجِعة وتداعياته. أم الفشل الكبير في معالجةِ أبسط القضايا والعجز عن إيجاد الحلول. أم التخبّط السياسي الذي حوَّلَ الدولة إلى دولةٍ فاشلة والحكم إلى صيغة غير قابلة للحكم. أم الغلاء الفاحش وعدم قدرة اللبنانيين بمعظمهم على دفع فواتيرهم. أم إنتقال النسب العالية منهم إلى فئات الفقر والفقر المدقع. أم المخاطر الأمنية وحالات الفوضى والشغب التي تلوح بالأفق نتيجةَ تفاقم الأوضاع. أم الفشل في تشكيل الحكومة الإنقاذية وتقاذف مسؤولية التعطيل. أم الإنكار للعودة إلى الدستور وإلتزام الشرعيتين العربية والدولية أم ماذا وماذا بعد.

ولكن المؤمنين بالبلد لا يزالوا يراهنون على أنَّ هذا البلد الذي مرَّ بِمِحَنٍ وظروف المجاعات الكبرى والحروب الداخلية والعدوان الإسرائيلي المتكرر وعدم وجود لا وحدة في الرؤية ولا وحدة في المصير يراهنون وما زالوا بأنَّ لبنان عصيّ على الإنهيار وصعب إزالته أو تبديل مبناه ومعناه.

رأينا التضامن الإجتماعي بِلَملَمةِ الجراح وبلسمةِ المعاناة ورأينا الجيل الجديد الذي تجاوز العصبيات يهبّ لِنَجدةِ المنطقة المنكوبة نتيجةَ الإنفجار ورأينا الهيئات الأهلية والمحلّية والجامعات العريقة تسعى مع أفراد الجيش إلى سدّ رمق الفقير بحصّة غذائية وبمعالجةٍ من إصابة وصرف المساعدات للعائلات لسدِّ إحتياجاتها. رأينا الوجدان الشعبي يتضامن عابراً للطوائف والمناطق في تعريةِ الفاشلين وبثورةٍ أخلاقية أصابَت الفاسدين والمرتشين والمتواطئين والمستفيدين. رأينا المقتدر يساعد المحتاج وفي كل ذلك الدولة غائبة في طيّ النسيان والتعامي عن المآسي وإنكار الواقع. رأينا أملاً واعداً يلوح بغريزةِ البقاء والإستمرار حتى ولو أفشلوا المبادرة الفرنسية. رأينا لبنان الغد انه سيولَد بعد المخاض والعثرات والممنوعات. رأينا البابا فرنسيس يدخل على خط إنقاذ لبنان بدعوةِ قادته إلى تغليب مصلحة بلدهم على مصالحهم الخاصة والبطريرك الماروني يدعوهم إلى الرحيل ويدعو إلى التغيير لكي يكفوا أن يكونوا أعداء بلدهم وشعبهم. هذا البلد العصيّ على الإندثار سيبقى رغم كل المآسي والمصائب التي تأتيه مِن بعض بنيه لأن الأكثرية تريده باقياً أزلياً سرمدياً صاحب رسالة العيش الواحد والغد الواعد. وهكذا تنقضي سنة بِما لها وعليها وتأتي سنة جديدة تحمل الأمل الموعود والفرح المنشود.

كل عام وأنتم بخير  

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها