سمير سكاف

الأحد ٣٠ تموز ٢٠٢٣ - 11:06

المصدر: صوت لبنان

هل دخلنا “عصر غليان الأرض” فعلاً؟!

 

 

سيناريو كارثي بدأت مؤشراته بارتفاع قياسي لدرجات الحرارة في العقد الأخير. ولكن خاصة مع الحرائق ومع تراجع حجم المتساقطات والأمطار والجفاف من جهة، ومع زيادة الفيضانات والأعاصير من جهة أخرى. والسبب هو سلوكيات كبرى الدول في العالم الطاقوية، والتي هي غير مشجعة على الاطلاق! فهذه السلوكيات لا تتطابق لا مع النوايا ولا مع التواقيع على اتفاق باريس وعلى المعاهدات المناخية الدولية.

ويلتقي إعلان الأمين العام للأمم المتحدة مع ما أقوله، منذ سنتين تقريباً، أن العالم قد خسر الحرب العالمية المناخية الأولى. وأنه من الصعب، كما تجري الأمور، منع حرارة الأرض من الارتفاع درجتين في ظاهرة التغيير المناخي مع العام 2030.

*غليان أو لا غليان؟!*

ولكن الحديث عن غليان الأرض سابق لأوانه. فالمتغير الأساسي هو ارتفاع حرارة الطقس في بلدان أوروبا الغربية على غير عادتها، مع تسجيل أرقام مرتفعة في محيط المتوسط. ومن هنا يجب مراقبة هذه الظاهرة، خاصة مع 4 موجات حرارية في أوروبا في صيف العام الماضي، وموجة واحدة، حتى الآن، هذا الصيف. مع التذكير أن صيف 2003 كان الأكثر فتكاً في أوروبا. وذهب ضحيته 75.000 ضحية، توزع نصفها بين ايطاليا وفرنسا. أما الحرائق فهي تبقى بمجملها نتيجة الأخطاء البشرية، خاصة وأن معظمها ينطلق من أماكن قريبة من السكن.

*ما الذي يعيق السيطرة على ظاهرة تغيير المناخ؟!*

من جهة أخرى، لا اتفاق باريس 2015 هو في موضع التنفيذ الجدي، ولا الحرب الروسية – الأوكرانية ساعدت الأوروبيين بالاعتماد على الغاز الروسي للذهاب الى الطاقة المتجددة بدلاً من التراجع للعودة الى الفحم الحجري لانتاج الطاقة، كما مع ألمانيا وبولندا (على الرغم من جهود أوروبية كبيرة ولكن غير كافية)، ولا بلوغ استهلاك الفحم الحجري رقماً عالمياً قياسياً متوقعاً هذا العام (حوالى 10 مليار طن) وهو الأكثر تلويثاً وانتاجاً لثاني أوكسيد الكاربون، ولا المفاوضات الأميركية – الصينية للحد من التلوث تعطي مفاعيلاً جدية، ولا تكنولوجيا الطاقة المتجددة تحولت الى دواء وعلاج بمتناول البلدان النامية بأسعار مقبولة وحرة التصرف، بل هي ما تزال “سلعاً” بأسعار مرتفعة مع براءات اختراع تحصر انتاجها في الدول الصناعية، ولا المبادرات الدولية والعربية تحقق المرجو منها…

*ظاهرتان مناخيتان هذه السنة!*

العشر سنوات الأخيرة هي الأكثر ارتفاعاً في الحرارة في التاريخ. وعلى الأقل منذ بدء إمكانية تسجيل معدلات الحرارة. ومرد ذلك الى ظاهرة التغيير المناخي التي انضمت إليها هذا العام ظاهرة النينيو التي تعود بعد موسم 2018-2019. وهي ستبقى حتى فصل الشتاء على الأقل لتتسبب أيضاً بفيضانات وأعاصير كثيرة!

*أبرز المخاطر التي تهدد كوكب الأرض!*

تختار حكومات الدول الكبرى الغنية النمو والربح المالي السريع على التنمية المستدامة. ولكن المخاطر التي تهدد الكوكب بسبب سياساتها الاقتصادية جدية جداً. وهي تبدأ بذوبان جليد القطبين وجزيرة غرينلاند وجبال الهملايا… وارتفاع مياه المحيطات والبحار بين متر و9 أمتار، واختفاء جزر في المحيط الهادىء والهندي والأطلسي، وغرق مدن ساحلية عدة، وتأثر كبير لمدن عربية ساحلية مثل الاسكندرية والشارقة وبيروت… بالإضافة الى حركات نزوح سكانية كبرى تقدر بمئات الملايين من الناس وضرر في حموضة مياه المحيطات، وحرائق وتصحر وانحسار كبير للمساحات الخضراء، وضرب موائل الحيوانات والأسماك وانخفاض حجم المتساقطات وتعرض مناطق كبيرة، وخاصة عربية للجفاف، وبالتالي ضرب المحاصيل الزراعية بسبب ندرة الري… بالإضافة الى انعكاس كل ذلك على صحة الانسان وعلى النظام الايكولوجي وعلى انقراض عدد كبير من المخلوقات وعلى ضرب السلسلة الغذائية…

*الحل بإيجاز*

الحل الممكن هو بانتقال سريع للحكومات الكبرى الى الطاقات المتجددة في اقتصاد دائري يعتمد على التنمية المستدامة، وبدعم الدول النامية مالياً وتكنولوجياً للحاق بها. وإلا فالآتي أعظم!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها