سمير سكاف

الأثنين ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢١ - 12:30

المصدر: صوت لبنان

هل شل البلاد بالكامل هو مدخل الحل السياسي؟! جراحة استئصال أورام الفساد والمفسدين مؤلمة جداً!

حاول الشعب كل الحلول السلمية الممكنة للتغيير. والنتيجة بقاء السلطة الفاسدة والمفسدة في مكانها!

المظاهرات، والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والمسيرات والاضراب عن الطعام واشغال الساحات والتوجه الى مراكز الرؤساء والوزارات والادارات واحتلال بعضها. والتوجه الى منازل عدد من الرؤساء والمسؤولين… ومواجهة المسؤولين في الشارع وفي المطاعم… والمواجهة في الاعلام وفي الدراسات. والمواجهات الانتخابية الطلابية والنقابية بانتظار البلدية والنيابية… كلها تحركات سلمية، وأحياناً مع جرعات عنفية صغيرة، بعيداً جداً عن فانتازيا التكسير والتخريب، المتواجد فقط في أذهان أعداء الثورة السلمية وغير الدموية (وقد يكون هذا عيبها بحسب الكثيرين!). والثورة التي استشهد فيها عدد كبير من الرجال والشباب مستمرة بأشكال مختلفة. ولكنها هل تستطيع أن تمنع الفوضى التي طال انتظارها (بعد أن كنا نوقعنا حدوثها قبل ذلك بكثير!)؟!

هل يكون شل البلاد مدخل الحلول، إما بإقفال كل شيء وإما بالعصيان المدني..؟ وذلك، لوقف النزيف الداخلي المالي والاقتصادي والاجتماعي المميت. وفي زمن وصل الجوع والعوز الى كل بيت بأشكالهما المتفرقة. وهذا نذير سوء أكثر ظلاماً وظلامية مما هو الوضع عليه البارحة! أم إن الحلول قد تحتاج الى انقلابات عسكرية أو تدخلات دولية…بالقوة؟!

السيناريو الأسود، الذي حذرنا منه منذ سنتين، تقترب نيرانه لتحرق الأخضر واليابس. والضروري هو مواجهة استباقية للحد من الأخطار المحدقة، ومن الموت الذي يعود من جديد ليطل في موسم مستمر ومتكرر على اللبنانيين، ويقلقهم ويؤرقهم.

ليس الهدف هو التخريب والتدمير من أجل إعادة البناء، بل هو وقفة ضمير لدى المواطنين في زمن غيابها لدى المسؤولين السياسيين! ولا تنفع التحركات الصغيرة، على أهميتها، في التغيير الجذري المطلوب في اقتلاع الطبقة السياسية من جذورها. كل الحلول الأخرى واهية وغير مجدية، ولا تنفع إلا في إطالة إقامة اللبنانيين في جهنم لسنين طويلة! والسعي للخلاص المركزي مفقود! ما يعطي ازدهاراً للأفكار والسبل التقسيمية، كالتي يعتمدها حزب الله في مناطقه من ميليشيات مسلحة ومؤسسات اجتماعية وقرض حسن…! كل المؤشرات تؤدي إما الى الفوضى وإما الى التقسيم! كل ذلك، من دون الحديث عن مأساة دعم الخارج لهذه الطبقة السياسية! فالمبادرة الفرنسية المدعومة أميركياً جاءت لتعويم سلطة أغرقها عرق المتظاهرين في الساحات! وكذلك، السفارات هي الى جانب زعماء السلطة! وال NGOs الفعلية التي حصدت مليارات السفارات والدول الخارجية هي ملك للسياسيين ولزوجاتهم ولبناتهم وللحاشية! وفتافيت الأموال ذهبت لبعض الجمعيات، في حين أن العمل الثوري كان وما زال من دون أي تمويل للسفارات، في ظل استمرار تمويل إيراني لحزب الله ولحلفائه ووقف التمويل لخصومه! سلطة “هشّلت” الشقيق، والممول الوحيد القادر على دعم لبنان بالمال اللازم للخروج من أزماته المالية الحالية، والتي لن تكون على أي حال سوى مخرج مؤقت، بانتظار الاصلاح البنيوي في البلاد بطرد باعة الهيكل وباعدام المذهبية والطائفية ومحاصصاتها ومحمياتها المالية!

إن رؤية الأعاصير التي ستضرب الناس والوطن ليس رؤيا! والمشهد السوداوي واقع وليس تشاؤماً في زمن أصبح التفاؤل به جريمة! إما تكون الحلول جذرية وإما لا تكون… سوى عملية اغتيال بغاز السلطة!
ما لم…

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها