فرنسوا ضاهر

الجمعة ٢ أيلول ٢٠٢٢ - 14:23

المصدر: صوت لبنان

هل من نصاب خاص أو موصوف واجب توافره لجلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية؟

  • لقد نصّت المادة 34 دستور على أنه لاي كون إجتماع المجلس قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفونه وتُتَخذ القرارات بغالبية الأصوات… “

ما يعني أن النصاب القانوني العام لعقد أي جلسة لمجلس النواب هو الأكثرية المطلقة من الأعضاء الذين يؤلّفونه.

  • إن المادة 49 دستور التي تختص بآلية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية فهي لم تنصّ صراحةً وفي حرفيتها على وجوب توافر أي نصاب خاص أو موصوف لإنعقاد جلسة إنتخابه ولا لدورات الإقتراع التي تؤدّي الى ذلك الإنتخاب. 

ما يعني أنه يطبّق عفواً وحكماً بشأن قانونية إنعقاد تلك الجلسة النصاب القانوني العام، وذلك أيّاً تكن الأكثرية (المطلقة أو الموصوفة) التي حدّدها المشرّع الدستوري لصحة عملية الانتخاب تلك.

إذ نصّت على التالي: يُنتخ برئيس الجمهورية بالإقتراع السرّي بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الإقتراع التي تلي. “

بحيث أنه بمعرض جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، يمكن أن يتمّ إنتخابه بأكثرية ثلثيْ أعضاء المجلس النيابي في دورة الإقتراع الأولى، وبالأكثرية المطلقة في دورات الإقتراع التي تلي الدورة الأولى، ضمن جلسة الإنتخاب ذاتها.

  • وإن الحالة الدستورية المنصوص عنها بالمادة 49 أعلاه، هي مشابهة لحالات إنعقاد جلسات مجلس النواب لغرض:
  • نزع الثقة عن رئيس المجلس النيابي أو نائبه التي تتمّ بأكثرية الثلثين من مجموع أعضائه  (44 دستور).
  • وإتهام رئيس الجمهورية بخرق الدستور وبالخيانة العظمى التي تتمّ أيضاً بغالبية ثلثيْ مجموع أعضاء المجلس النيابي (60 دستور).
  • وإتهام رئيس مجلس الوزراء والوزراء بإرتكابهم الخيانة العظمى أو الإخلال بالموجبات المترتّبة عليهم التي تتمّ كذلك بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس النيابي (70 دستور).

د- وإقتراح تعديل الدستور بطلب من مجلس النواب التي تقع بأكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً (77 دستور). وبأكثرية ثلاثة أرباع (4/3) هؤلاء الأعضاء في حال أصرّ المجلس النيابي على إقتراحه، بعد إعادة درسه ثانيةً من قبله بطلب من الحكومة.

  • اما النصاب الخاص أو الموصوف فلا نجده إلاّ بنصّ المادة 79 دستور، التي تتعلّق بحالة إقرار تعديل الدستور.  إذ نصّت على التالي:

عندما يُطرح على المجلس مشروع يتعلّق بتعديل الدستور لا يمكنه أن يبحث فيه أو أن يصوّت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلّفة من ثلثيْ الأعضاء الذين يؤلّفون المجلس قانوناً ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها. “

كما لمجلس النواب، إستناداً الى المادة ذاتها 79 دستور، أن يعيد التصويت على القانون المتعلّق بتعديل الدستور بأكثرية ثلثيْ الأصوات الذين يتألف منهم المجلس قانوناً، في حال طلب رئيس الجمهورية الى المجلس، بعد إطلاع مجلس الوزراء، إعادة مناقشة مشروع التعديل مرّة أخرى (79 دستور).

  • كما وإن صياغة المادة 49 دستور توحي بأن المجلس النيابي، المنعقد لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيُتِمّ هذه العملية في جلسة وحيدة وعلى دورة إقتراع واحدة (بالأكثرية الموصوفة) أو عدة دورات متتالية (بالأكثرية المطلقة). 

بمعنى أن إنتخابه لن يتمّ أصولاً في الدورة الأولى إلاّ إذا حاز على أكثرية ثلثيْ أعضاء مجلس النواب، وعلى الأكثرية المطلقة من هؤلاء الأعضاء في دورات الإقتراع التي ستلي الدورة الأولى.

  • كما وإن المشرّع الدستوري إذا كان لم ينصّ عمداً على وجوب توافر أي نصاب خاص أو موصوف لإنعقاد جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فلأنه رمى من خلال ذلك ألاّ يكون النصاب، بحدّ ذاته، عائقاً أو وسيلةً لتعطيل إنعقاد جلسة إنتخابه.

فتضحي بالتالي عرقلة عملية إنتخابه ممسوكةً من الأقلية النيابية المعطّلة للنصاب. الأمر الذي نهى عنه المشرّع الدستوري، جهاراً وخطيّاً، بعدم نصّه على وجوب توافر أي نصاب خاص أو موصوف لإنعقاد جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ولو كانت نيّة المشرّع الدستوري غير ذلك، لكان نصّ صراحةً على النصاب الواجب توافره. كما فعل بالنسبة للوضعية الدستورية المتعلّقة بتعديل الدستور (79 دستور).

  • كما يَعتبر المشرّع الدستوري أن جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية هو حدثدستوريجلل لا يمكن ولا يحق للنائب أن يتقاعس عن المشاركة فيه أو عن ممارسة واجبه الدستوري بمعرضه، وإن على الوجه الذي يرتأي. من هنا، لم يعد من لزوم لأن ينصّ على نصاب خاص أو موصوف محدّد لإنعقاد جلسة إنتخاب رئيس جديد للبلاد. إذ يُكتفى حينئذ بتحقّق النصاب القانوني العام لصحة إنعقادها.

بدليل، أنه إذا تقاعس رئيس المجلس النيابي عن الدعوة لإلتئام المجلس لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية بمدة شهر على الأقل وشهرين على الأكثر قبل موعد إنتهاء ولاية الرئيس الدستوري الحالي (Président en exercice ou en fonction)، يعود للنواب أن يتداعوا حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس لعقد جلسة إنتخاب رئيس جديد (73 دستور).

  • وإنه في حال إنفراط الجلسة المخصّصة لإنتخاب رئيس جديد، وتمّت الدعوة الى جلسة لاحقة لإنتخابه من قبل رئيس المجلس النيابي، أو بتداعي النواب أنفسهم، وفق نص المادة 73 الآنفة الذكر. فيُصار لزوماً الى إتمام العملية الإنتخابية وفق دورة إقتراع وحيدة بأكثرية الثلثين، وبالأكثرية المطلقة في دورات الإقتراع التي تليها، تبعاً لذات الآلية التي نصّت عليها المادة 49 دستور. ما دام ثابت أن تلك الآلية، وفق منطوقها، تتناول الجلسة المعقودة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية بالذات.
  • أما الممارسات والفذلكات والتفسيرات التي أفتت بوجوب توافر نصاب الثلثين لإنعقاد جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فهي لا تجد لها أي سند في النص الدستوري ولا في نيّة المشرّع الدستوري. بل كان سندها الوحيد هو موازين القوى السياسية والملاءمة والظروف التي أعطت للأقلية النيابية المعارضة، والمعطّلة لذلك النصاب، دوراً أو حصةً في تحديد الشخصية التي سيتمّ إنتخابها لرئاسة الجمهورية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها