عباس الحلبي

الأثنين ١٦ أيلول ٢٠١٩ - 07:52

المصدر: صوت لبنان

هنيئا” للبنان…

هنيئا” للبنان نجاح الحكومة في حسن اختيار القضاة في المراكز القضائية العليا. وفي طليعتهم حضرة الرئيس الاول القاضي سهيل عبود. ومن موقع المعرفة الشخصية لا شك ان هذا التعيين يعطي بارقة امل للبنانيين في هذا الجو العابق بالتحديات والفشل. فالتهنئة اولا” واخيرا” للشعب اللبناني التائق الى سلطة قضائية مستقلة وحرة ضمانتها الرئيس سهيل عبود ورفاقه.

الطائف يحتاج إلى رعاية لِصِيانته من التعديات التي تقَع على أحكامه وبنودِه خصوصا” أنَّ المولجين بالتطبيق يتجاوزونه ويعملون على إهمالِه والحكم من خارج نصوصه التي تكرَّسَت بالدستور وأصبحَت جزءا” لا يتجزأ منه.

والسؤال المطروح هل يبقى هذا الإتفاق صالحا” كصيغة حكم أم أنَّ المعطيات والممارسات تجاوَزَته وأصبح لا يفي لإستيعاب المعطيات الجديدة؟ وهل هناك معطيات جديدة؟

التشكيكُ بالنصوصِ الدستورية بَلَغَ حدا”، فَلَم يعد المواطن يعرف هل فعلا” نحن دولة تخضع لدستور وتعمل مِن ضمنِه المؤسسات ازاء الفوضى العارمة في التفسير وفي الممارسة و التطبيق.

والسؤال الأهم كيف يحافظ اللبنانيون على الدولة ويُؤَمِّنون حمايتها من الإنهيار نتيجة سوء الممارسة. وهل هناك فعلا” مَن هو مقتنع بالطائف. أَوَليس هو الميثاق الوطني الذي يجمع اللبنانيين. فإعادة النظر بالطائف لا بدَّ وأن تؤدي إلى فك الميثاق على إعتبارِ أنه يشكِّل جزءا” منه وأن العبث بأحكام الدستور هو العبث بميثاق العيش المشترك.

إنَّ آلية الديمقراطية بريئة في ذاتها من المساوئ. والنص القانوني كيفما كان ليس مسؤولا” عن تردي الواقع السياسي العام بل المسؤولية كلها شخصية على المسؤولين فعليهم أن يتجنبوا التداول في التفسيرات ويحصروا جهودهم في التطبيق على ما كتب رشيد درباس في جريدة النهار منذ أيام، خصوصا” وأن أمر تنفيذه بِيَد المعارضين أساسا” لَه.

والسؤال الأهم هل أنَّ الظروف المحلية والإقليمية والدولية التي أملت على اللبنانيين الإتفاق سنة 1989 لا تزال متوافرة؟.

فكيفَ للبنانيين أن يجتمعوا على رأي وهم الآن أكثر ما يكونون منقسمين حِيال أبسط القضايا فكيف على الاساسيات.

للتذكير فقط ان الطائف جاءَ بِهدَفِ وقف الحرب وبناءِ دولةٍ عصرية وَحدَّدَ موقع لبنان في الصراع في الإقليم والأهم أنَّه وزَّعَ دور كل الطوائف وأدخَلَها جميعها في تركيبةِ السلطة. فلماذا إذا” التشكيك به في وقتٍ يعجز اللبنانيون على التفاهم على قضايا أبسط من تلك بكثير.

إنَّ حماية الطائف هي مسؤولية جماعية فهلاَّ عمدَ المخلصون إلى توفير شبكة الأمان حتى لا نغدو يوما” بِلا ميثاق ولا دستور ولا دولة ولا بلد! من هذا المنطلق تجتمع نخبة من المثقفين والسياسيين والعاملين في الشأن العام لإنشاء مرصد الطائف وإصدار نشرة الطائف وكلاهما يهدفان لِرصد الممارسات والمخالفات وتقديم الشروحات بغية تصويب البوصلة التي يجب إتباعها لكي يبقى الحكم ضمن النصوص وليس خارجها. مقالة رشيد درباس المشار إليها يجب أن تحفظ كوثيقة وطنية لما فيها من تعلّق بالأصول وولاء للوطن وللأخلاق السياسية.

المهمة الجليلة هي أولا” وأخيرا” برسمِ جميع اللبنانيين لِضمانها.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها