play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٢٢ نيسان ٢٠٢٤ - 08:49

المصدر: صوت لبنان

وجدي معوض: أوقفوا مهزلة الرقابة الاهلية كأداة للقمع الممانعجي بدل الحديث عن ثقافتان

لاحظنا مؤخراً شيوع مصطلح “ثقافتان”. فتعلن بعض مكونات المجتمع اللبناني: “لا يمكننا التعايش معهم، وعلينا الانفصال عنهم”. وال “هم” هنا تعني أولاً ممارسات حزب الله وبيئته. لكن ضمناً، تعني الشيعة كمكوّن، وصولاً الى المسلمين بمجملهم.

ومناسبة هذا الكلام، الغاء عرض مسرحية “وليمة عرس عند رجال الكهف” الذي كان مقرراً في الثلاثين من أبريل الجاري. وذلك بعد حملة الترهيب والتهديد والضغوط والتشهير التي تعرض لها مسرح المونو والكاتب والمخرج، وجدي معوض، والممثلين. ووصل الامر لتقديم إخبار ضد معوض أمام النيابة العامة العسكرية”. وفسر ذلك بالهيمنة الثقافية المستجدة.

لكن تاريخ الرقابة مثقل في لبنان، فمن المعروف ان الامن العام يمارس رقابة مسبقة على الاعمال السينمائية والمسرحيات والمواد الثقافية المستوردة والمطبوعات والمناشير.

وتجدر الاشارة ان الرقابة ترتفع عادة مع الاضطرابات السياسية. لقد ارتفعت الرقابة بعد اغتيال الرئيس الحريري، وسلسة الاغتيالات التي تلت. ارتفعت أكثر من أي وقت مضى، بعد الحرب السورية. كما تكشف بيانات جمعية “مارس”.

أما حظر المواد المرتبطة بإسرائيل واليهودية، فبدأ منذ عام 1950 مع حظر الفيلم الكوميدي “بائع الحليبThe Milkman، لأن بطل الفيلم من أصول يهودية. وامتدت الرقابة أحياناً كثيرة إلى فنانين ليس لهم صلات إسرائيلية أو صهيونية.

وسلسلة القمع والمنع لا تعد ولا تحصى.

مؤخراً في عام 2017 منع فيلم “المرأة الخارقة”، لأنه من بطولة ممثلة إسرائيلية. وبعد سمح بعرض فيلم “ذا بوست” لسبيلبرغ، عاد ومنعه الأمن العام اللبناني، بسبب الضجة والانتقادات التي أثيرت. ومن ثم أعيد عرضه بقرار من وزير الداخلية.

ذلك ان منع الافلام لأن اليهودي الداعم لإسرائيل سبيلبرغ شارك فيها او اخرجها، سيعني منع نصف الأفلام العالمية.

لكن ما حصل مؤخراً مع مسرحية وجدي معوّض، ان جهات ممانعة، لم تلجأ هذه المرة الى الرقابة الرسمية التي اعتدنا على رقابتها العشوائية، كما حصل مثلا مع فيلم باربي، بل الى خطاب التخوين والكراهية والتحريض وصولاً الى التهديد بالعنف. وانقسم الرأي العامّ اللبناني بالطبع.

الملفت هنا مسألتان:

الخضوع للابتزاز الممانعجي المعتاد، الذي يمارس القمع الديكتاتوري، وعلى جميع المستويات وليس الثقافي فقط. المطلوب هنا مواجهة هذه الممارسات والخطاب التخويني، الصادر عن الجهة التي تنتظر استقبال الجندي اليهودي الإسرائيلي هوكشتين على أحر من الجمر، بعد ان رسّمت معه الحدود، بينما تلعن وجدي معوض لأن احد ممثليه، منذ عدة أعوام وفي فرنسا، حمل الجنسية الإسرائيلية.

يجب مواجهة النفاق والازدواجية. وبدل الحديث عن ثقافتين، في معرض القمع الأيديولوجي والسياسي، تتوجب المواجهة واللجوء الى القضاء والقوى الأمنية لفرض استمرارية العرض وحمايته.

يحق لأي كان مقاطعة العرض، وليس من حقهم منعه بأي حال من الأحول.

اما الاستنتاج انها ثقافة معينة تُفرض، فهذا تفسير خاطئ. أولا لأن الممانعة منوعة من جميع الطوائف، ولأن ما يمارس هو عنف أيديولوجي سياسي تحت غطاء ثقافي لاستسهال قمع الفنانين.

ان الفريق الممانع، يمارس ديكتاتورية القمع والترهيب السياسي والأيديولوجي على عدة مستويات. لم نسمّ ولا أي مرة نمط الحياة التي فرضها الاتحاد السوفياتي بأنه فرض “ثقافة جديدة” على السوفيات. كان معلوماً انه فرض أيديولوجية شيوعية عبر القمع السياسي أولا واخيراً. على غرار “الثورة الثقافية الصينية”، التي تبين انها ليست سوى قمع سياسي، أتت نتائجه كارثية وتمت مكافحته.

وللحديث صلة، عن معنى الثقافة، الذي يتعدى الإنتاج الفكري والايديولوجيا او الطقوس والممارسات الدينية وحتى الخيارات السياسية والعقائدية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها