صلاح سلام

الخميس ٢٦ أيلول ٢٠١٩ - 07:37

المصدر: صوت لبنان

وفود البذخ في الدولة المفلسة ..!

يكرر كبار المسؤولين أحاديث وخطابات الإصلاح والتقشف ومكافحة الفساد ، ليس دون إتخاذ أية خطوة تنفيذية جدية وحسب ، بل تأتي ممارساتهم اليومية على عكس ما يقولون !
في بلد يقف على شفير الإفلاس ، ويعيش أزمة مالية معقدة ، وصلت ، ولاول مرة
في تاريخه ، إلى حد إفتقاد وجود العملة الخضراء في أسواقه ، يصر أصحاب السلطة والمناصب الرفيعة على التصرف ببذخ وإنفاق غير مجدي بلا حدود ، فضلا عن إستمرار روائح الفساد بالتفاقم ، والتي دفعت بالزعيم الجنبلاطي إلى الإستنجاد بالرأي العام للتصدي “لمدام الفساد” التي تحاول زيادة بواخر الكهرباء ، والتلاعب بصفقات المعامل !
من غير المعقول أن تكون كلفة رحلات المسؤولين بالمليارات و الوزراء بمئات
الملايين، وأن تضم وفودهم الحاشية من الأزلام والمحاسيب برتبة “مستشارين” ، إضافة إلى ممثلي المحطات التلفزيونية ، وعدم الاكتفاء بفريق واحد يوزع التغطيات والنشاطات على بقية الشاشات ، كما يحصل في العديد من المناسبات المحلية.
لم يعد الوزير في لبنان يكتفي بالسفر بوفد مختصر يضم أحد مساعديه الشخصيين والمدير أو المستشار المعني بملفات الزيارة ، كما يفعل وزراء الدول الغنية في العالم، لا بد من وفد جرار يضم المقربين والمحظوظين ، ومرافقة إعلامية للتطبيل والتزمير ، وتصوير الوزير وهو يضع إكليل من الزهور الإصطناعية على قبر الجندي المجهول ، أو أثناء مصافحته مثيله الوزير المعني ، أو من هو أعلى منه بدرجة !
والمفارقة أن ليس من يحاسب على نتائج هذه الزيارات الإستعراضية ، وليس من
قارن بين المصاريف الخيالية لمثل هذه الرحلات ومردودها على الخزينة والإقتصاد الوطني ، والذي غالبا ما يكون أقل من الصفر!
غالبا ما نسمع أن لا أموال كافية لمساعدات الأدوية المزمنة مثلا وتسديد مستحقات
المستشفيات ، وأن الضرورات تفرض تخفيض ميزانية القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية وغيرها ، وأن التقشف يقضي بإقفال عدد من المدارس الرسمية، وتجميد رواتب العاملين في الدولة . ولكن كل هذه المبررات تزول دفعة واحدة عند تنظيم الزيارات وتشكيل الوفود المرافقة !
لعل المسألة تتطلب شعورا بالمسؤولية أكبر من قبل المسؤولين ، الذي عجزوا عن
تحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد ، ولكن ما زالوا على عاداتهم في التصرف بأموال الدولة وكأنها ملك خاص لهم !

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها