فرنسوا ضاهر

الأحد ٢ تموز ٢٠٢٣ - 12:18

المصدر: صوت لبنان

يُسجّل على القضاء في لبنان

 

يُسجّل على القضاء في لبنان :

١- إنه وقف عاجزاً عن التحقيق بملف تفجير مدينة بيروت ومرفئها، لعلة أنه خلافاً لاحكام القانون، قد جعل من الحصانات الإدارية والنيابية والوزارية وسيلة وأداة لإسقاط الملاحقة القضائية بحق المشتبه بهم وإعفائهم من المسؤولية الجنائية. كما وأطاح بالنظام القانوني الذي يختص بعمل المحقّق العدلي فأخضعه لذات النظام الذي يرعى عمل المحقّق القضائي. ما أفقد المجلس العدلي، كمحكمة خاصة، ذاتيتها (sui generis) وغايتها وجدواها وفاعليتها في كشف الحقيقة.

٢- وإنه وقف عاجزاً عن التحقيق وكشف المرتكبين في كل ملفات الاغتيالات السياسية التي وقعت على أراضي الجمهورية اللبنانية منذ سنة ١٩٧٥ وحتى اليوم، مروراً بشهداء ثورة الارز وصولاً الى لقمان سليم مؤخراً.

٣- وإنه وقف عاجزاً أيضاً عن التحقيق وكشف المتورطين في كل ملفات الفساد المالي وصرف النفوذ التي أُثيرت عبر وسائل الإعلام منذ إندلاع ثورة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ وحتى يومنا هذا.

٤- وإنه يقف عاجزاً عن ملاحقة حاكم مصرف لبنان ملاحقة جدّية بملف شركة فوري. لكونه يعتمد ملاحقة شكلية تبرّؤه مما نُسب اليه، وذلك حتى تنسحب تلك التبرئة على الملاحقات القضائية الجنائية الجارية بحقه امام المحاكم الأوروبية.

٥- وإنه أسهم في تدمير حق الدائنية في لبنان عن طريق تحويله قسراً دين الدائن بالعملة الاجنبية الى عملة وطنية وتصفيته على سعر صرفها الرسمي، حتى في ظل إنهيارها المطّرد الذي وصل الى ٩٦ ضعفاً، وذلك خلافاً لأحكام القانون الوضعي ولعلم القانون عامةً وقواعد الإنصاف والاجتهاد السليم الذي كان معمولاً في لبنان.

٦- كما وإنه أسهم أيضاً في تدمير ودائع المودعين في المصارف عن طريق الترخيص للمقترضين من تلك المصارف بالعملة الاجنبية بسداد ديونهم لها بالعملة الوطنية على سعر صرفها الرسمي. مما الحق بالمصارف المذكورة خسائر بمليارات الدولارات الأميركية إرتدت نقصاً جوهرياً في ضمان الودائع لديها وشحاً جسيماً في سيولتها.

٧- وإنه أسقط كذلك المفعول المبرئ للشك المصرفي الذي وفّر له ساحبه المؤونة الكافية لسداده، مقتطعةً من حساباته، من دون أن يتمكّن المصرف المسحوب عليه من توفير سيولته للمسحوب لأمره. الأمر الذي يخرج عن مسؤولية الساحب المذكور ويعفيه من أي تبعة.

٨- وإنه، بصورة معاكسة، ألزم المصارف بسداد ودائع المودعين لديها نقداً بذات عملة الإيداع ومهما بلغت قيمتها، وبالأفضلية على بقية المودعين. مع علمه الشائع بأن القطاع المصرفي في لبنان هو في حالة شحّ في سيولته، نتيجة إقتراض الدولة اللبنانية للودائع المصرفية وتمنّعها عن سدادها مدعومةً من صندوق النقد الدولي، ونيّتها المعلنة والمكشوفة للتبرّؤ منها بالقرار الذي إتخذه مجلس الوزراء مؤخراً في ٢٠٢٢/٥/٢٢.

٩- وإنه عندما يتعلق الأمر بإحتساب الرسوم في المعاملات التنفيذية التي ترمي الى تحصيل القيم المالية المطالب او المحكوم بها بالعملة الاجنبية، فإن ذلك الاحتساب يتمّ على أساس سعر صرف تلك العملة في السوق الحرة. في حين، أنه يتمّ تصفية القيم المالية بحدّ ذاتها موضوع تلك المعاملات بالعملة الوطنية جبراً على سعر صرفها الرسمي.

١٠- وإن الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد إمتنعت عن التصدّي لكل هذه المناحي والبلبلة والتضارب والشطط في الاجتهاد حول كل هذه المسائل المفصلية المطروحة. الأمر الذي إرتدّ على حقوق المتقاضين إرتداداً مصيرياً، وعلى الاقتصاد الوطني عامةً لجهة الإحجام عن رسملته، كما وعلى القطاع المصرفي لجهة التسريع في إنهياره. فضلاً عن أنه أفقد مهنة المحاماة قواعد ومرتكزات لعملها، وأسقط الاعتبار الذي يكنّه المجتمع لصانعي العدالة في لبنان.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها