جورج يزبك

الثلاثاء ٤ شباط ٢٠٢٠ - 08:30

المصدر: صوت لبنان

Recto Verso

كائناً من تكون، احترامك واجب حتى وأنت سارق، وناهب، ومنتهك كل القوانين والأعراف الوضعية والقيم والتعاليم السماوية. احترامك واجب لأن اللبناني اعتاد عليك زعيماً يلجأ الى خدماتك لدى الحاجة، وما أكثر الحاجات في لبنان، لأننا دولة زعامات لا دولة مؤسسات. دولة طوائف كرستها سنوات من القذائف، حتى لم نصبح بعد دولة الطائف.
كائناً من تكون، القبعة ترفع لك، والانحناء يسجد لك، والأرز ينثر، والخراف تنحر، واليد تقبّل وجهاً وقفا، وإذا كانت بالأجنبي ألطف، Recto Verso
لأنك زعمينا، اليوم وغداً والى الأبد. نحن بقاموسك حشرات، بهائم، قطيع، لا تعرفنا ولا تتعرف علينا ولا تزورنا الا مرة كل أربع سنوات. تضحك لنا مرة وتضحك علينا كل مرة. الى أن جاءت الثورة فهددت ثروتكم فهرّبتموها، ودكّت عروشكم فبالإسمنت حصنتموها وبالجدران عزلتموها، وهزّت كيانكم، فنومتم ضمائركم الأصلاً نائمة. قتلتم القتيل وتمشون الآن بجنازته وتتقبلون التعازي بالمرحومة الليرة والبطالة والفقر والعوز والهجرة. لم يعد ينقص سوى ان نطالب بسيدر لجناب كل واحد منكم تعويضاً عما سيفوتكم لأن السرقة صارت صعبة، وأيضاً الصفقات والسمسرات بوجود عيون الثورة وآذانها ولسانها. وبوجود فروع للثورة بل هي أصول قبل الثورة وجدت في القضاء من خلال نادي القضاة، وفي الادارة من خلال الموظفين الأوادم الذين كادوا أن يطيروا من مناصبهم لولا العيب والجرصة. نعم لبنان باق للأوادم ولن يكون محل للزعران مهما علا كعبهم، ومهما عظم شأنهم، ومهما قويت شوكتهم.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها