إبراهيم مصطفى

الأربعاء ٢٥ حزيران ٢٠٢٥ - 15:00

المصدر: independent عربية

الإرهاب الزراعي سلاح خفي… 10 أسئلة

أدى إلقاء السلطات الأميركية القبض على عالمين صينيين بتهمة تهريب فطر ضار بالمحاصيل إلى تسليط الضوء على مصطلح قد لا يكون متداولاً، هو “الإرهاب الزراعي” الذي استخدم في مرات عديدة خلال نزاعات مسلحة وحروب باردة بين الدول، مما أثار تساؤلات في شأن استخدامه من جانب الصين ضد الولايات المتحدة، في وقت تتسع فيه الخلافات التجارية بين البلدين.

1- ما الإرهاب الزراعي؟

يعرف “الإرهاب الزراعي” بأنه استخدام وسائل متعمدة لتخريب أو تدمير الموارد الزراعية، وتشمل النباتات أو الماشية أو المحاصيل أو التربة بهدف إلحاق الضرر بالاقتصاد أو الأمن الغذائي لدولة ما وبث الذعر بين سكانها، أو يستخدم كأداة للضغط الاقتصادي والسياسي، ويعد إحدى صور الحروب غير التقليدية.

2- ما صور الإرهاب الزراعي؟

تتضمن أشكال الإرهاب الزراعي استخدام حشرات أو فطريات لإتلاف المحاصيل، أو نشر فيروسات تصيب الماشية مثل “الجمرة الخبيثة” أو التسميم المتعمد للتربة ومصادر مياه الزراعة، إضافة إلى حرق المزارع والمنشآت الغذائية.

3- ما الأمثلة التاريخية على استخدام الإرهاب الزراعي في النزاعات السياسية؟

الأمثلة التاريخية المؤكدة للإرهاب الزراعي نادرة، ويعزى معظم تفشي الأمراض الزراعية إلى أسباب طبيعية. ومع ذلك هناك حالات تم فيها الاشتباه أو توثيق التخريب المتعمد أبرزها استهداف ألمانيا دول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914-1918) بمرض “الجلندرز”، وهو مرض بكتيري يصيب الحيوانات.

وبحسب موقع المكتبة الوطنية للدواء، وهو موقع إلكتروني رسمي يتبع الحكومة الأميركية، فقد استخدم عملاء ألمان نشر ذلك المرض للإضرار بدول معادية وأخرى محايدة في أوروبا. وتعتبر المكتبة أنه أول هجوم بيولوجي منظم موثق في السجلات الرسمية، لكنه كان محدود التأثير لأن التجارب الألمانية كانت غير مكتملة، إلا أنه شكل أساساً لمزيد من تطوير الأسلحة البيولوجية في عهد ألمانيا النازية.

وفي اليابان أجرت الوحدة 731 الخاصة بالحرب البيولوجية تجارب في الثلاثينيات من القرن الماضي على مجموعة من مسببات الأمراض التي تستهدف المحاصيل والماشية، وطورت طرقاً لنشر أمراض مثل الجمرة الخبيثة والطاعون البقري لتعطيل إمدادات الغذاء في أراضي الدول التي خاضت ضدها اليابان حرباً، بخاصة في الصين.

4- متى ظهر الإرهاب الزراعي؟

يرى بعض المؤرخين أن أفعال الجيوش قبل نحو 1000 عام مثل المغول والرومان بتسميم الآبار أو تدمير المحاصيل يمكن اعتبارها مقدمات لما يعرف في العصر الحديث بالإرهاب الزراعي، وإن كانت تلك الأفعال تستهدف الإمدادات الغذائية بصورة أشمل، لكن في السجلات التاريخية يعد استخدام ألمانيا لنشر الأمراض كسلاح في الحرب العالمية الأولى، هو المثال الأول في العصر الحديث للإرهاب الزراعي.

5- ما المعاهدات الدولية التي تحظر الإرهاب الزراعي؟

دخل اتفاق حظر الأسلحة البيولوجية حيز التنفيذ عام 1975، والذي يقضي بمنع تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية والسامة، ويمنع تطوير أو تخزين أو استخدام العوامل البيولوجية “بما فيها ما يستهدف المحاصيل أو المواشي”، كما يشمل هذا الاتفاق الممرضات النباتية والحيوانية كوسائل حرب. ويعد هذا الاتفاق أول معاهدة دولية تنص على تجريم الإرهاب الزراعي بصيغته البيولوجية.

وفي عام 1993 وُقِّع اتفاق الأسلحة الكيماوية الذي يحظر استخدام المواد الكيماوية السامة ضد البيئة أو الزراعة، ويعد تسميم الأراضي أو المياه الزراعية باستخدام مواد كيماوية انتهاكاً صريحاً للاتفاق. وقد وقعت دول العالم كافة على المعاهدة باستثناء ثلاث دول من بينها مصر.

6- كيف تتعاون الدول في مكافحة الإرهاب الزراعي؟

يعد الإرهاب الزراعي أو الإرهاب البيولوجي الذي يستهدف الزراعة جزءاً من برامج مكافحة الإرهاب العالمية، ولكنه غالباً لا يحظى بالاهتمام نفسه الذي يحظى به الإرهاب التقليدي بالمتفجرات. وهناك أطر قانونية دولية للحد من الإرهاب الزراعي مثل اتفاق حظر الأسلحة البيولوجية الموقع عام 1972. كما تعمل منظمات أممية على الحد من تهديدات الإرهاب الزراعي، مثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” التي تنظم برامج تدريبية للدول الأعضاء حول الأمن البيولوجي الزراعي واكتشاف مسببات الأمراض التي يمكن استخدامها كأسلحة. كذلك تتعاون “فاو” مع منظمة الصحة العالمية للحيوانات لمراقبة الأمراض الحيوانية، مثل الحمى القلاعية، التي يمكن استخدامها لأغراض إرهابية، عبر الإضرار بدول أخرى.

وتقع جرائم الإرهاب الزراعي ضمن اختصاصات الشرطة الدولية (الإنتربول) الذي يدير برنامجاً خاصاً في هذا الشأن، يركز على منع تهريب العوامل البيولوجية وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول.

7- ما جهود الأمم المتحدة للحد من الإرهاب الزراعي؟

استراتيجية الأمم المتحدة للتعامل مع الإرهاب الزراعي ليست خطة قائمة بذاتها، بل تندرج ضمن إطار “استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب” التي أطلقت عام 2006، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

وترتكز جهود الأمم المتحدة على حماية القطاعات الحيوية مثل الزراعة التي قد تكون هدفاً للأعمال الإرهابية، إضافة إلى تعزيز الأمن البيولوجي لمنع الوصول إلى مسببات الأمراض التي يمكن استخدامها ضد المحاصيل أو الماشية، وتدريب الدول على مراقبة ومنع التهديدات ضد القطاع الزراعي، ودعم تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول للكشف المبكر عن التهديدات ضد الأمن الغذائي.

ونص قرار مجلس الأمن رقم 1540 لعام 2004 على إلزام الدول باتخاذ تدابير لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك العوامل البيولوجية التي يمكن استخدامها في الإرهاب الزراعي، عبر تأمين المواد البيولوجية (مثل مسببات الأمراض النباتية أو الحيوانية) في المختبرات والمزارع، ومراقبة نقل هذه المواد عبر الحدود لمنع تهريبها، مع الحث على إقرار قوانين وطنية لمعاقبة الأفراد أو الجماعات التي تحاول استخدام هذه العوامل لأغراض إرهابية.

8- ما التحديات أمام مواجهة الإرهاب الزراعي على الصعيد الدولي؟

تواجه مواجهة الإرهاب الزراعي تحديات متعددة تعوق الجهود العالمية والمحلية لمواجهته، أولها صعوبة تمييز الإرهاب الزراعي عن التفشيات الطبيعية، إذ تعد الأمراض الزراعية والحيوانية، مثل الحمى القلاعية أو صدأ القمح، أمراضاً قد تحدث بصورة طبيعية، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كان التفشي ناتجاً من هجوم متعمد أم عن عوامل طبيعية، ويحتاج ذلك إلى تحقيقات طويلة. يضاف إلى ذلك أن عديداً من مسببات الأمراض الزراعية، مثل فيروس الحمى القلاعية أو فطريات صدأ فول الصويا، متوافرة في الطبيعة أو في مختبرات غير مؤمنة بصورة كافية في بعض الدول، مما يسهل على الإرهابيين الحصول عليها مقارنة بالعوامل البيولوجية المقيدة.

وفي حين توجد خطورة كبيرة للإرهاب الزراعي فإن برامج مكافحته لا تحظى بالتمويل الكافي مقارنة ببرامج مواجهة الأنواع التقليدية من الإرهاب، ويحد ذلك من قدرة الدول، بخاصة النامية، على تطوير أنظمة مراقبة وتدريب الأفراد لمقاومة الأمراض الزراعية أو الحيوانية. وقد تبدو مهمة من يريد القيام بعمل ضمن “الإرهاب الزراعي” سهلة، في ظل تعدد مراحل سلاسل التوريد والنقل عبر الحدود، بما في ذلك تجارة المحاصيل والماشية.

9- ما تفاصيل اتهام عالمين صينيين بـ”الإرهاب الزراعي” في أميركا؟

قالت السلطات الفيدرالية الأميركية إن عالماً صينياً دخل الولايات المتحدة العام الماضي، وهو يحمل فطراً ساماً مخبأ في حقيبته، وذلك في إطار قضية وجهت فيها اتهامات له ولصديقته التي كانت تعمل في مختبر بجامعة “ميشيغان”، ووصفت بأنها “إرهاب زراعي” محتمل. وأوضح مكتب التحقيقات الاتحادي في وثائق المحكمة بمدينة ديترويت، أن الفطر المعروف باسم “فوزاريوم غرامينياروم” يمكنه مهاجمة محاصيل مثل القمح والشعير والذرة والأرز، كما يمكن أن يسبب أمراضاً للماشية والبشر.

ووجهت إلى يونتشينغ جيان (33 سنة)، وزونيونغ ليو (34سنة)، تهم التآمر والتهريب والإدلاء بتصريحات كاذبة وتزوير تأشيرات الدخول. وقال المدعي الأميركي جيروم جوردون جونيور “إن الأفعال المنسوبة لهذين المواطنين الصينيين، بما في ذلك أحد الأعضاء الموالين للحزب الشيوعي الصيني، تمثل مصدر قلق بالغاً على الأمن القومي”.

10- كيف تواجه أميركا الإرهاب الزراعي؟

يمثل إلقاء السلطات الأميركية القبض على مواطنين صينيين اثنين بتهمة تهريب فطر ضار أحد الأمثلة على الجهود التي تقوم بها واشنطن للحد من محاولات استهدافها بالإرهاب الزراعي، إذ عززت من التشريعات عبر إصدار قانون التأهب والاستجابة للإرهاب البيولوجي عام 2002، الذي وسع سلطة إدارة الغذاء والدواء على قطاع الأغذية والواردات، وشدد الرقابة على فحص الصحة الحيوانية والنباتية كما وضع عقوبات جنائية للإرهاب ضد المؤسسات الحيوانية. كما يقوم عناصر الحدود والجمارك بالكشف عن المواد السامة وعوامل نقل الأمراض الزراعية على الحدود، وكذلك فرض تدابير صحية لمنع نقل ماشية مصابة بأمراض مثل الحمى القلاعية.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها