ميريام معماري

الجمعة ٩ نيسان ٢٠٢١ - 10:55

المصدر: صوت لبنان

التخلص الآمن من النفايات الطبية

مع الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم والتحسن الملحوظ في الرعاية الصحية،تتولد النفايات الطبية حتماً وترتفع بمعدلات لا يمكن تصورها. والآن مع انتشار جائحة كورونا وفي ووهان وحدها، انتجت المستشفيات ستة أضعاف كميّة النفايات الطبيّة الناتجة عن الرعاية الصحيّة (مثل الأقنعة والقفزّات) والتي أسفرت عن استخداماً عالمياً مادة(PPE) التي يستخدمها مليارات المواطنينللحماية الشخصيّة علماً أن هذه الأدوات غير قابلة لإعادة التدوير.

هذه الشكلة تهم لبنان إلى حد كبير. وإبان دراسة الراميّة الى الكمّ الهائل من إستعمال هذه الأدوات التي وصلت الى 129 مليار قناع وجه و65 مليار قفّاز وليست قابلة لإعادة التدوير كما ذكرنا سابقاً. وقد شهد لبنان إنفجار مدمّر في الرابع من آب وتسارعت الدول بتقديم كميّات كبيرة من شحنات المساعدات الطبيّة والتي بدورها تعيد إحياء أزمة النفايات الطبيّة. نود أن نشير الى أن التبرعات والهبات الطبيّة من مسعفين ومعدّات طبيّة ومعدات الوقاية الشخصيّة من شأنها أن تزيد تلقائياً نسبة النفايات الطبيّة. أضف الى ذلك وبسبب الأزمة الإقتصاديّة الحاليّة، والإغلاق والخوف من نفاذ بعض الأدوية والتي لم يتم إجراء تقييمات مسبقة لمعرفة كميّة الأدوية المطلوبة للسوق المحلي، عمد الكثير من المواطنين إلى تخزين كميّة هائلة من الأدوية التي ستنتهي صلاحياتها في نهاية المطاف مما يساهم في مشكلة نفايات أكبر.

مخاطر التخلص من النفايات الطبية غير الآمنة
من الأهمية لسلامة مجتمعنا وكوكبنا أن نكون على دراية بكيفية التخلص الآمن من هذه النفايات الطبيّة، يؤدي الإحتفاظ بالنفايات الطبيّة المعدية أو الأدوات الحادة في منازلنا مثل معدات الوقاية الشخصية والحقن الى تعريض أفراد الأسرة في خطر الإصابة بالعدوى. إن الإحتفاظ بالأدوية القديمة والمنتهية الصلاحية يعرضهم لخطر تناولها عن طريق الخطأ مما يسبب التسمم
يؤدي حرق النفايات المعدية في المحارق الخطرة المكشوفة الى إطلاق أول أوكسيد الكربون CO الضار.إن رمي النفايات الطبيّة في القمامة سيعرّض مكبّات النفايات لمخاطر سامّة ممّا يؤدي إلى تلويث التربة بالدم المعدي ومسببات الأمراض الكيميائيةإن إلقاء النفايات الصيدلانية أو غير المستخدمة في سلّات القمامة من شأنها أن تعرض بعضالأشخاص بتناولهاعن طريق الخطأ . هنا يطرح السؤال حول كيفيّة معالجة النفايات على أساس جهاز تعقيم لعدم دخول هذه المواد الكيميائية إلى المجاري المائية ووجوب إزالتها بشكل فعّال في أنظمة معالجة النفايات. وهنا يختلف بتطبيق التخلص من النفايات الطبيّة بين دولة وأخرى.
الإجراء القياسي الدولي
عندما يتعلق الأمر بالنفايات الصيدلانية، يمكن للمواطنين الأميركيين التخلص من الأدوية القديمة أو غير المستخدمة من خلال إدارة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) في أيام الإسترداد نصف السنوية الخاصة بإدارة مكافحة المخدرات، و يمكن لمرافق الرعاية الصحية التخلص من النفايات الصيدلانية والحادة من خلال خدمات التخلص من النفايات الطبيّىة عبر البريد. كما تشجّع إدارة الغذاء والدواء(FDA) المواطنين إلى إيداع الأدوية غير المستخدمة في الصيدليات أو مراكز الشرطة أو برامج البريد الإلكتروني. وفي حال عدم توفّر مواقع لإستعادة الأدوية، فإنه يقترح التخلص من الأدوية فقط إذا كان الدواء مدرجاً على قائمة تدفق إدارة الغذاء والدواء، أوخلط الدواء بموادغير جذابة وإغلاقها في كيس بلاستيكي قبل التّخلص منها إذا لم يكن مدرجاً في القائمة: قائمة التدفق.
يتم التعامل مع النفايات المتولدة عن COVID-19 بشكل مختلف في بعض البلدان. في الصين، إستثمر وزير الصحة الصيني في 16 محطة معالجة لمستشفيات ووهان”STERILWARE”. تتكوّن STERIL WAREمن الآت عالية الكفاءة ومبتكرة تعقّم وتطحن نفايات المستشفيات باستخدام علاجات الميكرويف التي تعطّل الفيروس . ثمّ تخرج النفايات من خفض الحجم بنسبة 85% .

دراسة حالة عن إدارة النفايات الطبية في البلدان المتقدمة
نشرت “الرعاية الصحيّة بدون ضرر” دراسة حالة حول إدارة نفايات المستشفيات باستخدام تقنيات المعالجة بدون حرق في البرتغال. باختصار، تشير الدراسة إلى أن البرتغال أحرقت نصف نفايات لرعاية الصحيّة في محارق النفايات الطبيّة دون أي نوع من معالجة غاز المداخن (قبل عام 1996). مما دفع ضغط الرأي العام الحكومة البرتغالية الى الموافقة على تشريع جديد يعمل على الأوتوكلاف الطبيّة التي تعالج النفايات الطبيّة بدلاً من حرقها. واليوم تعالج أجهزة التعقيم 80% من مجمل النفايات الطبيّة.

الإجراءات والسياسات الناتجة
تعتبر الأفعال والسسّياسات والإتفاقيات الدوليّة التاليّة ذات صلة خاصّة عندما يتعلق الأمر بإدارة تحظر التخلّص من النفايات.
1- وكالة حماية البيئة (EPA) : تحظر التخلّص من النفايات الصيدلانيّة الخطرة التي تدخل الممرات المائيّة بنسة 1644 إلى 2600 طن سنوياً .
2- إتفاقية بازل بشأن التحكّم في نقل النفايات الخطرة والتخلّص منها عبر الحدود: تهدف إلى حماية المجتمع من الأثار الضارّة الناتجة عن إدارة النفايات الخطرة ونقلها وتطلب من أطرافها إدخال تشريعات وطنيّة لمنع الإتجار في النفايات الخطرة كما يتوقّع جميع الأطراف أن يتم التخلّص من هذه النفايات بطريقة آمنة.
3- إتفاقية ستوكهولم بشأن الملوثات العضويّة الثابتة: هي معاهدة عالميّة تهدف إلى حماية البيئة من الملوثات العضويّة.
وثيقة سياسيّة ISWAحول إدارة نفايات الرعايّة الصحيّة: هي تدعو إلى تعظيم تدوير المواد وإعادة إستخدامهاعندما يكون ذلك مناسباً من الناحيّة الصحيّة، ونفل النفايات الخطرة في حاويات مناسبة. كمل يتطلب لإحترام الأثار المترتبة على إتفاقية ستوكهولم، ويتوقّع أن يكون لدى مرافق الرعاية الصحيّة خطّة لإدارة النفايات.
توصية ق إلى لبنان
أصدرت وزارة الصحّة العامّة قوانين تتعلق بإدارة الرعاية الصخيّة ل”الإدارة البيئيّة والإجتماعيّة” كجزء من مشروع المرونة الصحيّة في لبنان في عام 2018 وتشمل القوانين:
o المرسومان اللبنانيان 8006-2002 و 13389-2004: ينظمان نفايات الرعاية الصحيّة من خلال تحديد نوعها. ويتطلّب فرز النفايات وتقليلها بشكل مناسب، ويضع إجراءات لجمع النفايات وتخزينها ويتطلّب تقييم الأثر البيئي لمنشآت معالجة نفايات الرعاية الصحيّة من أجل الحصول على ترخيص من وزارة البيئة.
o القراران رقم 2018-1/1294 و 2018-1/1295 : ينظمان نقل نفايات الرعاية الصحيّة المعديّة وإنشاء وتشغيل مرافق لتطهيرها. ويذكرون إجراءات الحصول على ترخيص بيئي لتشغيل مثل هذه المرافق.
o المرسوم رقم 2017/167 : يّوفر هذا المرسوم إعفاءات ضريبيّة على الدخل والجمارك للأفراد والكيانات الإعتباريّة التي تمارس أنشطة بيئيّة أو تستورد سلعاً لإستخدامها في تجنب التلوّث أو الحد منه أو القضاء عليه أو لمعالجة إعادة التدوير أو إعادة إستخدام النفايات.لحل مشكلة إدارة النفايات الطبيّة في لبنان ، يجب على كافّة المواطنين والحكومة العمل يداً بيد لضمان النجاح بدءاً بتطبيق هذه القوانين الأخرى:
في المدى القصير
o يمكن للمواطنين التأكد من شراء الأدوية التي يحتاجونها حالياً فقط بدلاً من تخزين الأدوية غير الضروريّة التي لا تستلزم وصفة طبيّة في منازلهم.
o يمكن للمنظمات غير الحكوميّة تبني فكرة الولايات المتّحدة الأميركيّة وتنظيم أساليب لإستعادة الأدوية.
o يمكن للمواطنين تسليم الأدوية غير المستخدمة وغير منتهيّة الصلاحيّة الى الجمعيات الخيريّة التي يمكن توزيعها على الأشخاض المحتاجين.
o توصي منظمّة الصحّة العالميّة بحرق النفايات الطبية في البلدان الناميّة فقط على المدى القصير حتى يتم تطوير خيارات أكثر صداقة للبيئة، طالما تمّ وضع المحارق بعيداً عن المناطق المهولة بالسكان ولها تصميم هندسي مرض.

على المدى البعيد
o تنصح الحكومة بتبني تقنيات عدم الحرق مثل الأوتوكلاف، وهي عمليّة حراريّة تستخدم بخاراً مضغوطاً لتطهير نفايات الرعاية الصحيّة بسعر أقل من المحارق، أو باستخدام تقنيّة الميكرويف، التي تظهر النفايات الطبيّة باستهدام الحرارة الرطبة والبخار الناتج عن طاقة الميكرويف. يمكن بناء محطات توليد الكهرباء من حرق النفايات للنفايات غير الخطرة.يمكن
o تنظيم حملات توعيّة من قبل المنظماتالتي لا تبغى الربح لإطلاع الناس على كيفية التخلّص بأمان من أدويتهم باستخدام طرق مشابهة لتلك التي اقترحتها إدارة الغذاء والدواءFDA. يمكن تمويل هذه المنظمّة من قبل قنوات البث الوطنيّة والدوليّة كمقاطع قصيرة بين العروض، على وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى في المناهج الدراسيّة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها