نسيم الخوري

الثلاثاء ٨ تموز ٢٠٢٥ - 10:58

المصدر: صوت لبنان

الى غسان تويني: يسهر لبنان على صياح الديك الذي لا ينام…..

يرقد غسّان تويني في حضن بيروت وطنا عملاقا من حبر موصول بسدّ مأرب الغسّاني التاريخي الذي تدفقت من خلفه تحت قضمة الفأرة الأساطير والحكمة العربية والأشعار والحضارات البكر . ما شاخ ماؤه ولن يشيخ حبره مهما مذ الزمان عنقه، وما اسمرّت عروبته عند اجتيازه مجاري الحبر والصحاري نحو الشمال وكان النهار أبدا في الانتظار.
أيركد الحبر الغساني بعدما أتخمته الإلفة في الفجائع؟
لا بالإبهام والسبابة والوسطى نصلي معا ونكتب في ذكرى الغسان ابو جبران دامغ لبنان بالشرايين بحثا عن حبر هندسي تعربش فوق اصابعه نحو الأعالي يهدم المنحدرات والإخفاقات وتتهادى الجمل والأفكار دروسا وطنية فوق عكّازات من قصائب التبغ التي استهلكها عبر حديقة الدار والنار في “بيت مري” مشتل القصائد الذي ألفناه جميعا حقولا ندية تناديك: اخرج الى الحديقة يا الحبيب غسان
وطوع لبنان قصيدة للعالم الحر ولو أطبقت رموشها الكلمات حزنا أو خوفا داميا لكنها ما بكت ولن تبكي لبنان الباقي أبدا زهرة هذا الشرق .
كلّ الديوك تحكّ أنوفها بحثا عنك تقرأ لهم معزوفات الصباح في بناء الاوطان و”دعوا شعبي يعيش” عبر الإفتتاحيات اليتيمة القديمة الأولى, وعلى مسامع الأمم كنت تعالجها ابدا ببسمتك وسعلتك الفريدة “الجوكندية” الساحرة والساخرة غير المفهومة لمن يعشق الألف والياء في آخر افتتاحيات النهار.
قد يكون أفضل كلمة لطالباتنا وطلابنا في الصحافة والإعلام الذين امتشقوا الحريات المطلقة في “عصر اللايك” وقفزوا نحو رؤوس الجبال كما تتعملق النسور فوق السنديان والصخور في مهن الصحافة والإعلام الحر ولهم أن يقفوا معي صلاة فوق هذه الشواطيء الغسّانية يحدقون في مستقبل لبنان ثم يمدّون قصبهم لإصطياد سلال مستقبل الأجيال وميراث النصوص والمعارف والتجارب والآداب والمهارات والمحاضرات والمقالات والخطب والصمت المقدس الملفوف احيانا بورق الأناجيل والآيات القرآنية التي لطالما أعيت ركض الأبجدية اللبنانية الجديدة بحثاً عن مستقبل لبناني معقد دموي قهار يستعصي رسمه لك ونحوك حتى كتابة هذا النص.
اعذرني من الألف حتى الياء ان أوقظت لبنان المقيم فيك وفينا هذا الصباح ولنحترم هدأتك امام وطننا المتعب اليوم والمتعرق في حيرته وضياعه يعيد تركيب فلذات القلب والكبد والعقل اللبناني في عالمٍ بهي من الحيرة لكم والأشواق.
ولنبقى وستبقى نبراسا نسهر ونستيقظ معه على نقرة الديك عند كل صباح يختال مقلدا لك وطناً من الثقافة والفكر الموزون والحرية الذهبية والنبل والتسامح الارثوذكسي. كان همك أن تدفع عنهم البحّة والتلعثم والحيرة والقهر من أي ناحية أو لون وصل الينا ورمانا كما يرمينا كل يوم مجددا في الضياع.
هذا نص ملفوف بحبر من كبريائك شئت أن أوصله بصوتك أن: « دعوا شعبي يعيش” في زمن يتجدد عبره ملف لبنان بالأحمر الذي نصلي ألا تطاله النيران قط ولا يراه قراؤك في لبنان الحائر الدائر كما احجار المطاحن اليوم ويشق الطرق مجددا نحو تخليص الحضارة وتلقف الدول الكبرى تداري مصائبنا المذهبية والدولية.
يسكننا رهبة الخوف من غد تنسف فيه الأبواب الخشبية السميكة من هامات الأرز في اركان الغابات.

لك سلامي
فأرحمنا حيث انت

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها