فرنسوا ضاهر

الثلاثاء ٢١ آذار ٢٠٢٣ - 09:06

المصدر: صوت لبنان

في إسقاط القيمة الشرائية للعملة الوطنية

إن إسقاط القيمة الشرائية للعملة الوطنية بالوتيرة السائدة المعمول بها والمتعمّدة هو مفتاح الدمار الشامل لكل مؤسسات الدولة والقطاعات الحيوية والمنتجة وللثقافة والتعليم على كافة مستوياته.

إنه أيضاً مفتاح الدمار للامن الاجتماعي وللعائلة خلية التكوين المجتمعي. إنه مفتاح تغيير المعادلات السياسية وإسقاط الزعامات التقليدية وتحطيم الزبائنية الحزبية القائمة. إنه مفتاح تغيير وجه لبنان وهويته لعقود وأزمان.

هذا، ولم نرى من السلطات الدستورية أيّ معالجة لهذه المجزرة الإنسانية والوطنية، بل تسييباً لمسارها وتسريعاً لوتيرتها بفعل السياسة المالية والنقدية التي إعتمدها مصرف لبنان وبدّد من خلالها إحتياطاته بالعملة الصعبة. ولا سيما من خلال سياسة الدعم العشوائي واللامحدود للسلع الاستهلاكية التي إرتضى السير بها بتغطية من المنظومة الحاكمة، وإبتداعه للتعميم ١٦١ وتوسعته لنطاق إعماله، وترخيصه للمدينين بالعملة الاجنبية بسداد القروض المصرفية ( ولا سيما قروض التجزئة والقروض السكنية) بالعملة الوطنية على سعر صرفها الاساسي (١٥٠٧ لل./د.ا.)، الامر الذي ارتدّ خسائر وشحاً في سيولة المصارف بالعملة الاجنبية تجاه عملائها المودعين لديها.

في حين، أنه كان من واجب المصرف المركزي المذكور أن يحدّد منذ إندلاع الأزمة المصرفية النقدية في البلاد سعراً انتقالياً موحّداً متحرّكاً للعملة الوطنية، إستناداً الى المعطيات المالية وألاصول التي تعود له وموجوداته بالذهب المتوافرة في خزائنه.

وأن تقوم السلطة الاجرائية، بشكل موازٍ، بدولرة الإنفاق العام الدولة كما إيراداتها على معدّل لا يتجاوز عشر قيمتها الدولارية، محتسبة كما بتاريخ ٢٠١٩/١٠/١٧، على أن يتمّ سداد تلك القيم، المقوّمة بالدولار الأميركي، بالعملة الوطنية حصراً، على سعر منصة صيرفة او سعر صرفها في السوق الموازية (وفق مقترح كنّا قد نشرناه سابقاً).

كما كان يتعيّن كذلك على غالب الاقتصاديين عدم المزايدة والمغالاة بإنحلال القدرة الشرائية للليرة اللبنانية والتبشير المجاني والاعتباطي بعدم وجود سقوف لانهيارها، الامر الذي فتح شهية المضاربين المصطنعين عليها، ووفّر لهم المناخ لإسقاط قيمتها الشرائية بوتيرة تآمرية متسارعة غير مبرّرة تقنيّاً، بهدف تحقيق الأغراض السياسية الكامنة وراء عملية الإسقاط تلك.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها