محمد علوش

الأربعاء ١١ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 12:33

المصدر: المدن

“الثنائي الشيعي” أعدّ استراتيجية النزوح: تأمين 150 موقعاً

عاشت القرى الجنوبية الحدودية نهار الاثنين ساعات “حرب” قليلة، استعادت من خلالها بعض ذكريات الأيام الأربعة والثلاثين لحرب تموز عام 2006. فكانت أصوات القذائف والانفجارات كفيلة بخلق جوّ مشحون، ولو أن السكان في تلك المناطق يؤمنون بقدرة “المقاومة” وقوتها التي جعلتهم يسكنون في قراهم الحدودية، حسب ما يقول أبو علي، الذي يسكن في قضاء صور على مقربة من الحدود مع فلسطين المحتلة.

النزوح ليس ضعفاً
خلال حرب تموز، نزح حوالى نصف مليون لبناني، أكثر من نصفهم سكنوا مناطق قريبة لقراهم، خارج نطاق الحرب الدائرة، والبقية توزعوا على  باقي المناطق اللبنانية وصولاً إلى سوريا، التي قصدها بضع مئات من اللبنانيين. ومذ ذلك الحين أصبح ملف النزوح واستقبال النازحين ملفاً حساساً يُثير النزاعات بين جماهير المكونات السياسية اللبنانية، وصولاً إلى ما نعيشه اليوم حول هذا الموضوع، وتحديداً عندما كتب البعض صراحة بأن بيوت اللبنانيين ليست مفتوحة للجنوبيين بحال اندلاع الحرب.

حسب أبو علي، الرجل الأربعيني، فإن “النزوح ليس ضعفاً، ولا هو قلة ثقة بالمقاومة، بل هو فعل منطقي لكل من ليس له علاقة بخوض الحرب، فما الداعي لبقاء النسوة والأطفال في منازل قريبة من الحدود أو تقع ضمن دائرة الحرب؟”، مشدداً على أنه يفضل ترك منزله لتأمين عائلته. وهذا ما فعله بالضبط عند اندلاع المواجهات.

حسب مصادر في الثنائي الشيعي، فقد تركت عشرات العائلات منازلها في القرى التي شهدت القصف يوم الاثنين، مثل عيتا الشعب ومحيطها، الأمر الذي أطلق العنان للأخبار الكاذبة، والتي تتحدث عن موجات نزوح. وهو ما لم يكن صحيحاً، لكنه تسبب بذعر أدى الى ظهور طوابير في محطات الوقود، ليس في الجنوب وحسب بل في بيروت أيضاً. كما قامت العديد من المحطات بإقفال أبوابها، لا في القرى الحدودية وحسب، بل في مناطق بعيدة جداً عن دائرة النار، لأسباب لا يمكن تفسيرها سوى من خلال فكرة “الجشع والتخزين”، الذي يبدو أنه أصبح  في “دم” بعض التجار الذين اعتادوا على هذا الامر.

خطة النزوح جاهزة..
في الجنوب نزح المئات، وفي الضاحية بدأ المئات بالتفكير في “خطتهم” للنزوح بحال اندلعت المعارك. لكن حسب المصادر، فإن الثنائي الشيعي لم يطلب من اللبنانيين على الحدود ترك قراهم. وبالتأكيد لم يفعل ذلك لساكني الضاحية الجنوبية. وفي ذلك إشارة إلى أنه سيبلغ المواطنين بضرورة ترك منازلهم بحال وجد ضرورة لذلك، على غرار ما حصل عام 2006 حين بدأ التبليغ بشكل تدريجي، حسب ظروف الحرب وتوسعها. لكنه بعد بدء النزوح الأخير جنوباً، قام بتفعيل “استراتيجية” النزوح الجاهزة بانتظار التطبيق.

وتكشف المصادر عبر “المدن”، أن الثنائي، وتحديداً حزب الله، قد أعدّ خطة متكاملة لأي نزوح مستقبلي، وذلك استناداً إلى تجربة العام 2006 من جهة، وكل ما رافق هذا الملف في السنوات التي تلت الحرب من جهة أخرى. فهو يعتبر تأمين النزوح والحماية والمأوى سبباً من أسباب الانتصار في أي حرب مقبلة.

حسب خطة النزوح، هناك لجان متخصصة ينطلق عملها في لحظات مشابهة لتلك التي حصلت في الساعات الماضية، في كل قرية وبلدة، تكون مرتبطة بلجان أكبر وأوسع، أساسها جمعيات كشفية واجتماعية، ودفاع مدني وصحي، حيث سيتم تنظيم عملية النزوح منذ انطلاقها إلى نهايتها، مروراً بكل التفاصيل اليومية للنازحين.

في هذا السياق، تكشف المصادر عبر “المدن”، أن الخطة تتضمن تأمين أماكن إيواء لحوالى 50 بالمئة من سكان الجنوب والضاحية وبعلبك- الهرمل، في مناطق الشمال بشكل أساسي، في عكار 45 مركزاً، في المنية 4 والكورة 5، وزغرتا 6، وغير مناطق بنسبة أقل، في صيدا، وجديدة المتن وبرج حمود وغيرها، حيث تمّ تأمين 150 قرية وبلدة تضم منازل، مدارس، مساجد أو قاعات كبيرة.

وتضيف المصادر: “سيبدأ التنسيق من قبل أشخاص معنيين على مخارج الضاحية الجنوبية، مخارج بعلبك والهرمل، وصيدا، يسلّمون المواطنين ورقة تدلهم على المكان الذي يُفترض بهم التوجه إليه، ليس لتأمين مكان سكن وحسب، بل تأمين كل الاحتياجات. إذ تمّ تحضير 45 مطبخاً ميدانياً مجهزاً بكل المتطلبات، على أن يُخصص كل مطعم لثلاث او أربع قرى، كما سيكون هناك تأمين لأغلب المستلزمات، كحليب الأطفال والحفاضات، والطبابة عبر فريق طبي مكون من أكثر من 25 طبيباً سيعملون بين القرى، وأدوية، وفرش وأغطية.

هو مشروع ضخم أصبح جاهزاً بانتظار أي تطور. وحسب المصادر، فإن “كل ما يطلبه أهلنا سيكون بخدمتهم”. كاشفة عن وجود 50 منطقة وبلدة أبدت جهوزيتها للمشاركة بالمشروع، بحال تطلّب الأمر.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها