نافع سعد

الأحد ١٦ تموز ٢٠٢٣ - 14:15

المصدر: المدن

السيارات الكهربائية الشمسية و”ليرة” اللبنانية: للتمييز بين الواقع والهلوسات

مع تزايد الاهتمام بالسيارات الكهربائية EV، تسعى معظم شركات السيارات الرائدة إلى زيادة إنتاجها من هذه الفئة، والتخلي تدريجياً عن السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. ومن المتوقع أن يحدث تحول كامل نحو السيارات الكهربائية خلال 20 عاماً.

تشكل السيارات الكهربائية حالياً نحو 14% من السوق العالمي لبيع السيارات. ومن الفوائد البيئية الرئيسية للسيارات الكهربائية، أنه يمكن شحنها بواسطة كهرباء يتم إنتاجها من مصادر متجددة. وبالفعل، فقد أصبحت شواحن السيارات التي تستخدم أنظمة الطاقة الشمسية، متاحة بشكل واسع.
ولكن إذا تجاوزنا أنظمة الألواح الشمسية المثبتة فوق المنزل أو فوق محطات الشواحن، وبدلاً من ذلك قمنا بتجهيز أسطح السيارات بخلايا شمسية. فهل يمكننا الإستغناء عن الحاجة المتكررة إلى قابس الشحن، وتخزين الطاقة بواسطة الشمس مباشرة أثناء القيادة؟ تبدو هذه الفكرة مثالية، لكن لماذا لا نرى سيارات تعمل بالطاقة الشمسية على الطرقات؟

الكفاءة التقنية
لكي تعمل السيارة بواسطة الخلايا الشمسية، فإنها تتطلب مساحة واسعة على أسطحها لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيلها. وتحتاج إلى نوع خاص من الخلايا الشمسية فائقة الكفاءة (hyper-efficient) مخصصة للاستخدام في السيارات، وهي تكنولوجيا ما زالت في مراحلها الأولى وذات تكلفة عالية.

كما تتطلب هذه السيارات هيكلاً خفيفاً وآمناً في آن، بما في ذلك تطوير مواد خفيفة جداً ومتينة تدخل في صناعتها، بالإضافة إلى هندسة ايروديناميكية (انسيابية) متقنة لتفادي قوة جر الهواء على السرعات العالية.
كذلك تحتاج هذه السيارة إلى حزمة بطاريات ذات كفاءة خاصة، إن لناحية كثافة الطاقة أو لتقليل وقت الشحن.

سيارة شمسية افتراضية
على سبيل الشغف بالأرقام وتحليل المعلومات، دعونا نستعرض سيارة كهربائية معروفة، وسنقوم بتحويلها إلى سيارة كهربائية شمسية.

تتمتع سيارة تيسلا موديل 3 بمساحة علوية تقدر بحوالى 8.6 متر مربع، ولنفترض أنه يمكن استخدام 60% من هذه المساحة وتجهيزها بخلايا شمسية.

في سيناريو مثالي حيث تكون الشمس في وضعها الأمثل أعلى السماء، يمكن لخمسة أمتار مربعة من الخلايا الشمسية الموجودة على سطح السيارة أن تولد حوالى 7 كيلوواط من الطاقة. وبهذه القوة، يمكنها شحن حزمة البطاريات التي تتسع إلى 75 كيلوواط / الساعة، في 10 ساعات.

ولكن في سيناريو واقعي، حيث يتغير وضع الشمس خلال ساعات النهار، بالإضافة إلى حالة الطقس، ستتراجع كفاءة إنتاج الطاقة إلى الربع. أضف إلى ذلك أن كفاءة الخلايا الشمسية العادية ستكون 20%، فتصبح القدرة حوالى 37.5 واط لكل متر مربع. ولا ننسى أن نأخذ في الاعتبار كفاءة نظام شحن البطاريات، والتي سنفترض أنها 95%.

بناءً على هذه المعطيات، سوف تكون القدرة النهائية لأسطح السيارة المغطاة بخلايا شمسية حوالى 185 واط. كما سنحتاج إلى 405 ساعات من ضوء الشمس لشحن حزمة البطاريات بالكامل في سيارة مثل تيسلا موديل 3.

عن هذا الأمر يقول إيلون ماسك في مقابلة مع جو روغان، أن 1 كيلوواط لكل متر مربع مع كفاءة خلايا شمسية 20% قادرة أن تعطي السيارة الكهربائية عشرة أميال إضافية يومياً إن كنت محظوظاً.

تحديات تقنية ومالية
إن فكرة استخدام الطاقة الشمسية كمصدر مباشر لتشغيل السيارات ليست غريبة عن عالم السباقات، فهناك حدث سنوي يعرف باسم Formula Sun Grand Prix، تشارك فيه سيارات تتميز بأنها خفيفة الوزن للغاية وتمتلك مساحات أسطح كبيرة جداً لتركيب لوحات شمسية عديدة. هذه السيارات ليست مرخصة للسير على الطرقات العامة، إلا أنها تُعد محط إلهام للباحثين والمهندسين من أجل تطوير تقنيات جديدة في مجال السيارات الشمسية.

على الرغم من التحديات التقنية، فإن شركات عديدة تتحرك بقوة نحو المستقبل في مجال تطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية الشمسية SEV. من أبرز هذه الشركات، شركة Lightyear الهولندية التي تحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي، وشركة Aptera Motors الأميركية وشركة Sono Motors الألمانية.
من خلال جولة سريعة على مشاريع هذه الشركات، يمكن القول أن شركة Lightyear عانت صعوبات تقنية ومالية كبيرة، لكي تنتج العام الماضي سيارة Lightyear 0 حيث وصل سعرها إلى ما يقارب 300,000$ وهي السيارة الأكثر انسيابية في العالم رغم طولها الملفت ويمكنها أن تحصد من الشمس يومياً طاقة لجعلها تسير 70 كلم، لكنها غير قانونية في بعض الدول التي تشترط زجاجاً خلفياً شفافاً. تسعى اليوم الشركة إلى تطوير Lightyear 2 والتي من المتوقع أن تطرح في الأسواق عام 2025 بسعر 40,000$.

من ناحيتها، فإن شركة Aptera قد قاربت الأمر بشكل مختلف، فأنتجت سيارة شمسية خفيفة جداً ذات عجلات ثلاث وانسيابية عالية، تبلغ سرعتها القصوى 160 كلم/ساعة، وذات مدى يبلغ حوالى 640 كلم.
أما شركة Sono، فهي تركز اهتمامها على الحافلات وكذلك مستوعبات التبريد المقطورة نظراً لتوفر المساحة الكافية للخلايا الشمسية على هذه الآليات الكبيرة.
من جهتها، قامت شركة السيارات المعروفة Hyundai قبل سنوات بتزويد أحد موديلات سياراتها Sonata بخلايا شمسية على سطحها مكّنتها من زيادة المدى بنحو ثلاث كيلومترات يومياً.

ليرة اللبنانية
في حديث لمحطة LBCI، زعم صاحب سيارة “ليرة” بأن سيارته ذات اللوحين الشمسيين، والتي تشبه الصندوق المثبت على عربة غولف، بإمكانها بلوغ سرعة 100 كلم/ساعة ومدى 200 كلم. وأنه في حال تعذر شحنها بواسطة الشمس، يمكن لمالكها -سعيد الحظ- شحن بطاريتها بالكهرباء المنزلية العادية لمدة نصف ساعة فقط!

بعد حفل الإعلان عن السيارة العجيبة، والذي تم برعاية وحضور وزير الاقتصاد، انهمرت دموع الفرح لدى اللبنانيين. وبدأ الحديث عن الطاقات العلمية التي تحتاج إلى دعم وتمويل، ودعوات للإيمان بقدرة البلد وأبنائه في ظل الإنهيار…
يمكن للقارئ هنا العودة إلى مقطع سيارة شمسية افتراضية أعلاه وتبيّن الواقع من الهلوسات بطريقة علمية خالية من مشاعر الفخر الفارغة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها