وليد حسين

الثلاثاء ١٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 16:47

المصدر: المدن

انهيار مبنى المنصورية: مئات المباني جاهزة للسقوط

يفتح انهيار مبنى يزبك في المنصورية يوم أمس الإثنين، قضية المباني التي بحاجة إلى ترميم والمهددة بالانهيار وهي بالمئات. فالسيول التي حصلت، جراء الأمطار التي تساقطت يوم أمس، كانت كفيلة بالإجهاز على المبنى المتداعي في المنصورية، حيث سقط ثلاث ضحايا، ونجاة أربعة أشخاص، فيما ما زالت فرق الإنقاذ تبحث عن خمسة أشخاص تحت الأنقاض. ويؤكد الدفاع المدني لـ”المدن” أن فرق الإنقاذ تعمل منذ يوم الاثنين بتأنٍ، نظراً لعدم القدرة على استخدام الآليات الثقيلة، من مقصات ورافعات، لتجنب انهيار ما تبقى من المبنى على الأشخاص المتواجدين تحته.
أسباب عديدة كانت خلف انهيار المبنى، يفترض أن يكشفها التحقيق، تبدأ بمواصفات البناء على أرض غير صلبة، وتجمع مياه الأمطار في الطابق السفلي (موقف السيارات لجميع المباني الأربعة في العقار) مروراً بانفجار المرفأ وترددات الزلزال الذي ضرب تركيا العام المنصرم، وعدم إجراء صيانة على المبنى وتدعيمه.

إشكالية أساسات المبنى
انشأ مجمع يزبك في المنصورية في العام 1990، حسب مستندات الرخصة التي تقدم بها إلى بلدية المنصورية، وهو مؤلف من أربعة مبان. في آب المنصرم تلقت البلدية اتصالاً هاتفياً من أحد السكان، الذي أبلغ عن تشققات في أساس البناء. وأجرت البلدية كشفاً ميدانياً وأنذرت المالكين بضرورة تدعيم المبنى، وليس مجرد ترميم أعمدة الأساسات. وتعهد المالكون بترميم المبنى، بعدما رفضوا عرض الشركة التي كشفت على البناء. وقدم المالكون كشوفات بأنهم أجروا اللازم. ولكن كشف انهيار المبنى أن الترميم كان صورياً، إذ كان المالكون يعملون على تدعيم المبنى بعد تفتت بعض الأعمدة في الأساسات، جراء تجمع مياه الأمطار في الطابق السلفي، تقول بلدية المنصورية.

انهار المبنى وسقط ضحايا. لكن ماذا عن سقوط مبانٍ أخرى وضحايا آخرين؟ الهيئة العليا للإغاثة أحصت جميع المباني بعد الزلزال العام الفائت، وسلمت مجلس الوزراء لوائح بها، تقول مصادر الهيئة، رافضة الكشف عن عددها. إذ يفترض أن يصار إلى إخلائها من السكان ودفع بدلات إيواء وفق مقتضيات القانون، ليصار إلى إجراء تدعيمها من أصحاب العقارات أو هدمها في حال كانت غير قابلة للترميم. لكن مشكلة هذه المباني أن الكشف عليها وفحص متانة الاسمنت والحديد عالي الكلفة، وبآلاف دولار، ويكتفي أصحاب العقارات بالكشف الميداني بـ”النظر” وإجراء ترميم سريع، ودفع رشاوى للفرق الرسمية التي تحضر لاحقاً للكشف على الترميم.

لا خطة شاملة
الإشكالية أكثر تعقيداً من النظر إلى مبنى سقط يوم أمس. فالبلديات لا تتحرك عفواً للكشف على المباني، بل تنتظر التبليغ من المالكين أو المتضررين. وجل ما تستطيع البلدية القيام به هو وضع إنذار إخلاء على المبنى، في حال كان يشكل خطراً على السلامة العامة، تقول المهندسة المعمارية يارا عبد الخالق، من استديو أشغال، المتخصص بقضايا السكن والعمران والتنظيم المدني.
وتضيف، أنه لا يوجد إحصاء شامل في لبنان للمباني التي تشكل خطراً على السلامة العامة أو للمباني التي تحتاج إلى ترميم. فهذا الموضوع ما زال في إطار المبادرات الفردية أو المناطقية، أو من خلال البلديات عندما يتم تبليغها بوجود مشكلة في النطاق البلدي. غير ذلك لا يوجد تدخل رسمي من خلال وضع خطة شاملة لمسح المباني، حتى في المناطق التي يوجد فيها مبان كثيرة بحاجة لترميم وتدعيم.
وتقول عبد الخالق: على سبيل المثال، بعد انفجار المرفأ أحصت نقابة المهندسين في بيروت مئات المباني وصنفتها بدرجات من الأكثر خطورة إلى أقل خطراً. وبعد الزلزال الذي ضرب تركيا، طلبت وزارة الداخلية من البلديات الكشف على المباني وإحصاء الأضرار، وكان الكشف صورياً. وفي طرابلس حصلت مبادرة من نقابة المهندسين ودار الإفتاء لإجراء مسح شامل، وطال منطقة الزاهرية، وعاد وتوقف المسح. ومؤخراً سقط مبنى في الزاهرية نفسها. وهناك مبان أخرى آيلة للسقوط. وغدا سنسمع بسقوط مبانٍ أخرى في أي منطقة في لبنان، حيث تتكاثر المباني القديمة.
وتشرح عبد الخالق، أن الإشكالية هي بالتحرك عندما تقع المباني، والمسارعة للقول إن البلدية حذرت المالكين عبر إنذارات إخلاء. فهذا النوع من الإشكاليات في لبنان لا يمكن التعامل معه بشكل فردي، لا سيما أن غالبية المباني قديمة، وفي مناطق معينة توجد أحياء مهددة بكاملها، كحال طرابلس. لذا يفترض معالجة المشكلة من خلال إجراء مسح شامل. وعدم الاكتفاء بالمسح المحلي، بل وضع خطة وأوليات وبدائل للسكان. فلا يمكن رمي السكان بالشارع إلى حين ترميم المبنى. ما يعني أن الإشكالية معقدة وتحتاج إلى خطة شاملة وعدم ترك الأمور للصدف.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها