محلية
الخميس ٩ أيار ٢٠١٩ - 07:06

المصدر: الراي الكويتية

الحكومة تقترب من موازنة “أفضل الممكن”

على طريقة «الدومينو»، انكفأت الحركةُ الاحتجاجيةُ التي عطّلتْ مرافق حيوية في لبنان لأيامٍ في إطار «اعتراضٍ استباقي» على أي مساسٍ بحقوقهم ومكتسباتِهم في مشروع موازنة 2019 الذي رَسَمَ «هدفاً استراتيجياً» عنوانه خفْض العجز إلى الناتج المحلي عبر سلّةٍ لتعزيز الواردات وتقليص الإنفاق.
وبعد بدايةِ أسبوعٍ أوحتْ بأن البلاد على شفير أزماتٍ «متوالِدة» في ظلّ موجة الإضرابات، نَجَحَ الدخول الرئاسي على خطّ تَدارُك المنزلق الخطير الذي شكّله هذا المناخ السلبي وما أفرزه من إرباكاتٍ إدارية ومالية وارتباكات سياسية، في «تبريد» الاحتجاجات وسحْب «فتائلها» ولو في انتظارِ اتضاحِ الخيط الأبيض من الأسود في حقيقة الإجراءات التي ستتضمّنها الموازنة التي يحاول مجلس الوزراء الانتهاء من مناقشتها في الساعات الـ 48 المقبلة.
فغداة اجتماع بعبدا (ليل الاثنين) بين رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري واضطلاع الأول بدورٍ على صعيد التواصل المباشر مع بعض القطاعات المُشارِكة في حركة الاعتراض، كرّتْ سبحة «معلّقي» الإضرابات، بدءاً من موظفي مصرف لبنان، وصولاً إلى المصالح المستقلة والمؤسسات العامة (مرفأ بيروت، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مؤسسة كهرباء لبنان، هيئة اوجيرو، وغيرها) التي عاودت العمل أمس، بالتزامن مع استئناف التداولات في بورصة بيروت بعد التوقف الاضطراري الثلاثاء (بفعل إضراب موظفي المركزي).
وأتاح إزاحة ضغْط الشارع إراحةَ الحكومة في مناقشاتها لمشروع الموازنة التي استمرت الأربعاء في جلسةٍ وزارية برئاسة الحريري، وسط اعتبار أوساط سياسية أن إعلان تعليق الاحتجاجات بعد الاجتماع الرئاسي في بعبدا يؤشّر إلى أمريْن متداخليْن، الأوّل أنّ هذا الحِراك ولو في أحد جوانبه يتشابَك مع اعتباراتٍ سياسيةٍ استفادت من زخم الشارع لـ«قصّ شعر» بعض الإجراءات المؤلمة التي كانت ستشكّل إحراجاً لبعض الأطراف أمام قواعدهم، والثاني أن «الترويكا الرئاسية» أرست تفاهماً على وجوب تركيز الجهود على إنجاز الموازنة من ضمن «شراكة في المسؤولية».
وإذ توقفت هذه الأوساط عند التسريبات التي ربطت التصويب على مصرف لبنان وتضخيم الصورة حيال الواقع الاقتصادي – المالي بأنها لـ«إصابة عهد الرئيس عون»، تساءلت إذا كانت الموازنة التي ستُقر لتحال على البرلمان باتت «مفرَّغة» من الجوانب الإصلاحية الجوهرية ولا سيما على صعيد التخفيف من «الأثقال» التي يشّكلها حجم القطاع العام على الخزينة، بما يترك علامات استفهام حول طبيعة الإجراءات البديلة للإبقاء على التوازن في الموازنة لملاقاة هدف خفض العجز إلى أقل من 9 في المئة.
ولاحظتْ الأوساط نفسُها أن «تجميد» التحركات الاعتراضية (باستثناء القضاة الذين أبقوا على اعتكافهم)، مع إبقاء العسكريين المتقاعدين «الإصبع على زناد» الاحتجاج في الشارع بانتظار انكشاف طبيعة القرارات المتعلقة بهم في الموازنة، ترافقتْ مع مسألتيْن، الأولى: تأكيد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في سياق إعلان تعليق إضراب المؤسسات العامة والمصالح المستقلة انه تبلّغ من عون «الاتجاه لتعليق المادة 61 (حول تقاضي الموظفين 16 شهراً في السنة في بعض المؤسسات وتوحيد التقديمات الاجتماعية وسقف الرواتب) من مشروع قانون الموازنة، على أن يتم درس واقع كل مؤسسة على حدة»، وهو ما اضطر وزير المال علي حسن خليل إلى التوضيح قبيل جلسة مجلس الوزراء أنّه «لم يتمّ صرف النظر عن المادة 61 التي لها علاقة بالرواتب».
والثانية تأكيد أن النقاشات في الحكومة لا تشمل أي اقتطاع من الراتب الأساسي بل تدور حول بعض الإصلاحات المتعلقة بمخصصات ومكتسبات، وتوحيد سقف الرواتب وإعادة النظر ببعض البدلات المالية والامتيازات التي يتقاضاها بعض كبار الموظفين علاوة على الراتب الأساسي وتفوق أعلى مخصصات السلطات العامة من رؤساء ووزراء ونواب.