إقتصادية
السبت ١١ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 14:00

المصدر: الشرق الأوسط

الصين وأميركا تذيبان جليد الميزان التجاري باتفاقات فلكية

تجاوزت 250 مليار دولار… وتمتد من الطائرات إلى الرقائق الإلكترونية

من الطائرات العملاقة إلى الرقائق الإلكترونية، مرورا بالاتفاقات المتعلقة بالطاقة، امتد طيف سلسلة الاتفاقات التجارية الكبرى بين الصين والولايات المتحدة الأميركية على هامش زيارة تاريخية للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى بكين، شهدت لقاء قمة مع نظيره شي جينبينع، واتفاقات تجاوزت في مجملها حاجز 250 مليار دولار.
وشملت الاتفاقات قطاعات متنوعة، حيث تم توقيع 15 اتفاقية في مجالات كثيرة من الغاز الصخري والغاز الطبيعي المسال والتعاون الصناعي ومحركات الطائرات والسيارات وغيرها… وفيما جرى الكشف أول من أمس (الأربعاء) عن عدد من الاتفاقات التي بلغت قيمتها نحو 9 مليارات دولار، كشف عدد من الشركات أمس الخميس عن جوانب أخرى، ومن بينها «جنرال إلكتريك» و«بوينغ».
وبين حزمة الاتفاقات هذه بروتوكولات اتفاق غير ملزمة، لكن المبالغ المذكورة هائلة، ومن بين الشركات التي تستفيد منها «كاتربيلار» و«هانيويل» و«كوالكوم»، ما يصب لصالح الرئيس الأميركي في سعيه لإعادة التوازن إلى المبادلات بين البلدين. وأمس أعرب ترمب عن ارتياحه، قائلا: «لدينا عجز تجاري هائل مع الصين، الأرقام مثيرة للصدمة»… لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا يلوم بكين في ذلك.
وقال ترمب، خلال كلمة ألقاها أمام قادة الأعمال في بكين: «إنني لا ألوم الصين، من الذي يمكن أن يلوم بلدا ما على الاستفادة من بلد آخر لصالح مواطنيه؟»، لكنه ألقى باللائمة على الإدارات الأميركية السابقة في السماح لهذا العجز التجاري بالوجود من الأساس والنمو، متعهداً أنه سيعمل على التصدي فورا «للممارسات التجارية غير العادلة» التي تتسبب في نمو العجز، إلى جانب التصدي لسرقة الملكية الفكرية.
وبدوره تعهد الرئيس الصيني بتوفير بيئة أعمال أكثر انفتاحا للشركات الأجنبية في الصين. وأكد أن بلاده ملتزمة بزيادة فتح اقتصادها أمام الاستثمارات الأجنبية، دون الكشف عن تفاصيل محددة.
وقال شي، إن الشركات الأجنبية في الصين، بما فيها الشركات الأميركية، سوف تجد السوق «أكثر انفتاحا وشفافية وأكثر تنظيما»، مؤكدا أن الصين ترغب في توسيع واردات الغاز الطبيعي المسال والنفط الخام ومنتجات الطاقة الأخرى من الولايات المتحدة. كما أعرب عن أمله في أن تتمكن الصين والولايات المتحدة من الحفاظ على علاقات «صحية ومستقرة ومتنامية»، مشيرا إلى أن العلاقات المستقرة بين البلدين تخدم «المصالح الأساسية» للشعبين الصيني والأميركي.
صفقات قياسية
وفي حضور ترمب وجينبينغ، وقعت شركة صناعة الطائرات الأميركية بوينغ، وشركة جنرال إلكتريك، وعملاق الرقائق كوالكوم، اتفاقات بمليارات الدولارات خلال حفل في بكين. وقال وزير التجارة الصيني تشونغ شان، معلقا على حجم هذه الاتفاقات خلال إيجاز صحافي في بكين أمس: «هذه معجزة بحق».
وفي وقت تسعى الصين لضمان إمداداتها من المحروقات، فإن أهم العقود التي أعلن عنها أمس تتعلق بالطاقة. وفي هذا السياق، أبرمت ثلاث هيئات رسمية صينية، هي مجموعة «سينوبيك» النفطية الكبيرة و«الصندوق الاستثماري الصيني» و«بنك أوف تشاينا»، اتفاقا لاستغلال حقول من الغاز الطبيعي المسال في ألاسكا، ينص على استثمارات تصل إلى 43 مليار دولار.
وأعلن مكتب حاكم الولاية الأميركية، أن هذا الاتفاق سيستحدث «ما يصل إلى 12 ألف وظيفة أميركية» ويخفض العجز التجاري الأميركي تجاه الصين بمقدار «10 مليارات دولار في السنة».
كما أعلنت شركة بوينغ الأميركية لتصنيع الطائرات أنها وقعت اتفاقا مع الشركة الصينية القابضة لإمدادات الطيران، لبيع 300 طائرة تتجاوز قيمتها 37 مليار دولار.
وبدورها، وقعت شركة جنرال إلكتريك ثلاث اتفاقات طيران ومحركات مع شركاء صينيين بقيمة إجمالية 3.5 مليار دولار. وقالت «جنرال إلكتريك»، في بيان، إن اتفاقات الشراكة وقعت بحضور ترمب وشي، وكذلك وزير التجارة الأميركي ويلبور روس ونائب رئيس الحكومة الصينية وانغ يانغ.
وتشمل الاتفاقات، اتفاق محركات وإصلاح من شركة جونياو إيرلاينز، بقيمة 1.4 مليار دولار وفقا للأسعار المعلنة، وطلبية أخرى بقيمة 1.1 مليار دولار لثمانين محركا لتشغيل 40 طائرة «بوينغ 737 ماكس» من «آي سي بي سي ليسنغ»، وهي وحدة التأجير التابعة للبنك الصناعي والتجاري الصيني. كما وقعت «جنرال إلكتريك» اتفاقا إطاريا مع مجموعة «داتانغ» الصينية لإمدادها بتوربينات غاز ومكونات أخرى لمشروعات محلية تقدر بنحو مليار دولار.
أيضا وقعت شركة كوالكوم الأميركية لأشباه الموصلات، وهي من مزودي مجموعة «آبل»، بروتوكولات اتفاق مع ثلاث من كبرى شركات الهواتف الذكية الصينية «تشياومي» و«أوبو» و«فيفو». وأفادت «كوالكوم»، في بيان نقلته وزارة الخارجية الأميركية، بأنها قد تبيع هذه الشركات الثلاث أشباه موصلات «بنحو 12 مليار دولار» خلال السنوات الثلاث المقبلة.
من جهته، سينشئ مصرف الأعمال «غولدمان ساكس» مع الصندوق الاستثماري الصيني «صندوق تعاون» يطمح إلى استثمار خمسة مليارات دولار في شركات أميركية تتعامل مع الصين، بهدف معلن هو «تحسين الميزان التجاري».
كما اتفقت شركة داو دوبون الأميركية الجديدة المنبثقة في نهاية أغسطس (آب) الماضي، عن الانصهار بين مجموعتي داو كيميكال ودوبون للمواد الكيميائية الزراعية، مع شركة موبايك الناشئة الصينية لتقاسم الدراجات الهوائية، من أجل تطوير مواد وقطع خفيفة الوزن للدراجات، ما يمكن أن يعزز صادرات البولي يوريثان الأميركية.
وبحسب بيان نقله مصدر دبلوماسي، فإن شركة كاتربيلار الأميركية لمعدات الورش والبناء وقعت اتفاق تعاون استراتيجي لخمس سنوات مع شركة تشاينا إينرجي الصينية، شركة الطاقة الأولى في العالم التي ولدت هذا الصيف من الانصهار بين مجموعتين حكوميتين، من غير أن ترد أي تفاصيل مالية بشأن الاتفاق.
وستبيع شركة بيل هليكوبتر 50 مروحية بيل 505 إضافية لشركة رينوود الصينية، لتضاف إلى ستين وحدة سبق أن قدمت طلبية بشأنها في وقت سابق هذه السنة.
أما مجموعة «هانيويل» الصناعية، فأعلنت أنها أبرمت اتفاقا مع شركة الطيران الصينية سبرينغ إيرلاينز لإمدادها بتجهيزات لأسطولها المقبل من طائرات إيرباص «إيه 320 نيو» من دون الكشف عن أي أرقام.
وفي مجال الصناعات الغذائية، التزمت مجموعة «جاي دي كوم» الصينية المتخصصة في البيع على الإنترنت بحسب بيان صادر عنها، بشراء منتجات من الولايات المتحدة بأكثر من ملياري دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، من بينها 1.2 مليار دولار من اللحوم من جمعية مربي المواشي في مونتانا ومن مجموعة «سميثفيلد فودز» الأميركية.
هل انتهت المخاوف؟
وتسلط صفقات الربع تريليون دولار التي اغتنمها ترمب الضوء على مدى حرص الرئيس الأميركي على الظهور بمظهر المعالج لمسألة عجز التجارة مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي وصفه بأنه «مرتفع على نحو صادم».
وصعد ترمب من انتقاده للفائض التجاري الكبير الذي تسجله الصين مع الولايات المتحدة، والذي بلغ 34.6 مليار دولار في سبتمبر (أيلول)، واصفا إياه بأنه «محرج» و«مفزع» الأسبوع الماضي.
لكن كثيرا من المخاوف المستمرة منذ فترة طويلة، التي تنتاب الشركات الأميركية بشأن الصين، ما زالت قائمة بما في ذلك دخول السوق الصينية دون قيد، والأمن الإلكتروني والوجود المتنامي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم داخل الشركات الأجنبية.
وقال ويليام زاريت، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الأميركية في الصين، لـ«رويترز»: «هذا (الاتفاق) يظهر أن لدينا علاقات اقتصادية مشتركة قوية ونشيطة، لكن ما زلنا بحاجة للتركيز على تمهيد أرض الملعب، لأن الشركات الأميركية ما زالت منقوصة المزايا في القيام بأنشطة أعمال في الصين».
وشركات التكنولوجيا الأميركية، مثل «فيسبوك» و«غوغل»، غير قادرة في الغالب على العمل في الصين، في حين ينبغي على شركتي صناعة السيارات «فورد موتور» و«جنرال موتورز» العمل من خلال مشروعات مشتركة. بالإضافة إلى ذلك تواجه أفلام هوليوود نظام حصة صارما.