محلية
السبت ١٥ حزيران ٢٠١٩ - 06:55

المصدر: Kataeb.org

المؤتمر الدولي السنوي لبيت المستقبل: الجغرافية السياسية والطاقة في الشرق الأوسط

افتتح الرئيس اللبناني  الأسبق الشيخ أمين الجميّلصباح اليوم في بيت المستقبل في بكفيا المؤتمر الدولي السنوي لبيت المستقبل تحت عنوان “الجغرافيا السياسية والطاقة في الشرق الأوسط” بحضور الرئيس فؤاد السنيورة وزير البترول والثروة المعدنية المصري المهندس طارق الملا، ضيف شرف المؤتمر، وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين ومسؤولين حكوميين وسفراء: مصر نزيه نجاري، ايطاليا ماسيمو ماروتي وعدد من كبار صانعي القرار في مجال النفط والغاز في القطاعين العام والخاص بمن فيهم ممثلين عن بعض شركات الطاقة العالمية ومصرفيين وخبراء وأكاديميين.

وتركزت أعمال المؤتمر حول ثلاثة محاور رئيسية هي: الاكتشافات المهمة لحقول الغاز في شرق المتوسط ودور مصر الإقليمي حيث يتضمن البرنامج جلسة خاصة عن مصر يتحدث فيها الوزير طارق الملا. أما المحور الثاني فهو شح المياه والترابط بين المياه والطاقة، والثالث،الطاقة المتجددة وأهميتها.

وتحدث في جلسة الافتتاح رئيس بيت المستقبل الرئيس أمين الجميّل والممثل المقيم لمؤسسة “كونراد أديناور” في بيروت مالتي غاير والرئيس التنفيذي لمجموعة الإقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي، وممثل مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد قنديل.

الرئيس الجميّل

شكر الرئيس الجميّل الجهات المشاركة والداعمة للمؤتمر الذي ينعقد في ظل تطورات متسارعة في المنطقة على صعيد الاكتشافات الجديدة والتعاون الإقليمي والتطورات الأمنية وتغير التحالفات الدولية. وأشار في كلمته إلى عدد من التحديات الرئيسية التي تواجه دول المنطقة في إطار سعيها للاستغلال الأمثل لمواردها. وأوضح أن أولى هذه التحديات هي تراجع الطلب على النفط بسبب تحول أميركا من واحدة من أكبر المستوردين في العام 1963 إلى مصدرة دائمة للطاقة في العام 2018 وما سببه ذلك من تحول في الجغرافيا  الاقتصادية العالمية بالإضافة إلى قيام روسيا بتعزيز شبكة أنابيب النفط والغاز لتصبح أهم مورد طاقة لأوروبا والصين.

 واعتبر الرئيس الجميّل أن التحدي الثاني يكمن بقدرة غاز المنطقة على المنافسة عالميا لتصبح دول المنطقة مصدرة أساسية لأوروبا لتلبية الطلب المتزايد هناك. وأشار إلى أن التحدي الثالث هو المياه إذ قد يؤدي الشح في المياه وارتفاع عدد السكان إلى مشاكل واضطرابات أمنية خاصة مع تركيا التي تقوم ببناء السدود على نهري دجلة والفرات، وكذلك مع أثيوبيا التي بنت سد “النهضة” على نهر النيل.وأشار في هذا المجال إلى أن الحاجة إلى المياه ستشكل في القرن الواحد والعشرين معضلة اجتماعية واقتصادية رئيسية وهي تعتبر مصدر قلق وأدت إلى نزوح سكاني كبير مما أسفر عن ضغوطات سياسية واجتماعية واضطرابات في مناطق الشرق الأوسط ذات المعدلات السكانية المرتفعة.

 أما التحدي الرابع فاعتبر الجميّل أنه يكمن بالتطور الكبير للطاقة المتجددة التي قد تؤثر على استهلاك الطاقة التقليدية وتراجع قيمة مواردنا البترولية وتساهم بتغيير الجغرافيا الاقتصادية لامدادات الطاقة إذ من المتوقع أن ترتفع نسبة توليد الطاقة من الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي.

كذلك أوضح الجميّل أن عامل الأمن والاستقرار قد يؤثر سلبياً على مستقبل صناعة الطاقة في المنطقة التي لا يمكن أن تتطور وتساهم في النمو الاقتصادي في غياب الاستقرار والتوازن الاستراتيجي بين دول المنطقة. وأشار في هذا السياق إلى بعض الخلافات الحدودية خاصة بين لبنان واسرائيل وبين تركيا وقبرص وإلى الحوادث المؤسفة في مياه الخليج العربي في الأيام السابقة والتي تشكل دليلاً مقلقاً على ما ينتظرنا في الأيام المقبلة من اضطرابات.

كذلك نوه الرئيس الجميّل بالمشاركة القيمة لوزير البترول المصري طارق الملا في أعمال المؤتمر لما لمصر من دور أساسي في دعم التعاون والتكامل بين دول المنطقة. وتطرق إلى دور مصر الاستراتيجي المتنامي الأهمية على صعيد الاكتشافات الجديدة والتحول لتكون مركز إقليمي للطاقة يساعدها في ذلك امتلاكها لبنية تحتية متطورة لا سيما في مجال تسييل وتصدير الغاز.

غاير

أشار غاير إلى الأهمية الكبيرة التي توليها اوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص لمنطقة شرق المتوسط خاصة مع توالي اكتشافات الغاز الكبيرة في مصر وقبرص. وشدد على ضرورة التعاون والتكامل بين دول المنطقة في مجال الإنتاج والتسييل وتصدير الغاز خاصة وإن أوروبا تعد سوقاً رئيسياً للغاز وهي تسعى دائماً إلى تنويع مصادر امداداتها. وأوضح أن التعاون بين دول شرق المتوسط يسهم بتخفيض كلفة الإنتاج ويسهل التصدير إلى أوروبا التي تبحث دائما عن تخفيض كلفة استيراد الغاز.

وأوضح غاير أن المانيا تركز أيضاً على الاستثمار  في مجال الطاقة المتجددة وهي تدعم هذه الصناعات حول العالم في محاولة منها لدعم التقنيات الجديدة في هذا المجال التي ستسهم بخفض التكلفة. وشدد على أن أوروبا بشكل عام بدأت تلجأ لدعم هذه الصناعات لخفض معدلات انبعاثات الكربون ولمواجهة الاحتباس الحراري والتغير المناخي.

أبو زكي

أشار أبو زكي إلى أن النفط والغاز في الشرق الأوسط عموماً وفي منطقة شرق المتوسط تحديداً يعتبر من العوامل الرئيسية المحددة لمستقبل دول المنطقة وشعوبها وتكفي الإشارة إلى انه بات مؤكدا امتلاك هذه الدول احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي إذ تتوالى اكتشاف الحقول الضخمة في مصر، وقبرص وقريباً في لبنان بإذن الله مما يستدعي البحث المعمّق في وضع الأُطر القانونية والتنظيمية الكفيلة بضمان الاستغلال الأمثل لهذه الموارد لتوظيفها في خدمة النمو والتنمية بإشراك القطاع الخاص. وشدد على ضرورة إيجاد حلول عاجلة للنزاعات والمشاكل المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين بعض دول المنطقة، وكذلك إيجاد صيغ ملائمة للتعاون والتكامل بين مصر ولبنان وقبرص واليونان، ولا سيما في مجال التصدير حيث تبرز مصر كخيار ملائم بسب امتلاكها محطتين للتسييل وبنية تحتية وتشريعية مناسبة.

وأشار أبو زكي إلى أن لبنان حقق إنجازات مهمة سواء على صعيد تهيئة البنية التشريعية والتنظيمية اللازمة أو على صعيد بدء عمليات الاستكشاف والتنقيب حيث ستبدأ عمليات الحفر قبل نهاية العام الحالي بموجب دورة التراخيص الأولى بالإضافة إلى إطلاق دورة التراخيص الثانية التي يظهر أنها موضع اهتمام كبير من قبل الشركات العالمية والإقليمية.

قنديل

وكان اخر المتحدثين في الافتتاح أحمد قنديلالذي شدد على السؤال الذي يطرح نفسه دائماً في هذه المنتديات وهو هل اكتشافات المنطقة هي عامل حرب أم سلام خاصة مع بروز بعض المشاكل الحدودية الكبيرة بسبب عدم التزام تركيا واسرائيل بقانون البحار الصادر عن الأمم المتحدة وطمع هذه الدول بموارد لبنان وقبرص ، بالإضافة لحوادث الاعتداءات على ناقلات النفط في الأيام الماضية. لكنه أشار إلى بعض العوامل الإيجابية التي بدأت بالظهور لا سيما التعاون بين دول المنطقة وإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط وتحول مصر إلى مركز للتعاون الإقليمي في مجال التسييل وتصدير الغاز إلى أوروبا وأسواق أسيا الناشئة.

وكان قد سبق المؤتمر عشاء أقامه الرئيس الجميّلمساء أمس على شرف المشاركين في الملتقى في فندق هيلتون- بيروت تحدث خلاله كل من الرئيسالجميّل وسفير جمهورية مصر العربية نزيه نجاريومدير منتدى النزاعات حول التوقعات الجيوسياسية الدولية والإقليمية وتفاعل الطاقة الستر كروك.

اختتام اعمال المؤتمر في جلسة مسائية

ومساء، اختتم وزير البترول والثورة المعدنية المصري المهندس طارق الملا أعمال مؤتمر “الطاقة والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط” المنعقد في بيت المستقبل بجلسة مسائية مخصصة للتوقعات في الشرق الأوسط ولدور مصر الخاص أدارتها المسؤولة الإقتصادية لسفارة جمهورية مصر العربية في لبنان الدكتورة منى وهبة.

وتلا الوزير الملا خلال الجلسة بياناً عن السياسة العامة للمنطقة وعن قصة نجاح مصر في التحول من مستورد للنفط والغاز إلى مصدّر وإلى مركز إقليمي لتسييل غاز شرق المتوسط وتصديره. وتطرق الوزير الملا إلى التطور الكبير الذي حصل في مجال البنية التحية والتشريعية والتنظيمية لقطاع النفط والغاز في مصر. وأشار إلى الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه مصر في مجال تعزيز التعاون الإقليمي بين دول شرق المتوسط لتسييل الغاز وتصديره نحو أوروبا وبعض أسواق اسيا الناشئة بسبب موقعها المميز وبنيتها التحتية الملائمة. وختم الوزير الملا مداخلته بالتشديد على ضرورة الحوار والتعاون بين دول المنطقة للوصول إلى استغلال أمثل لثرواتنا الطبيعية ولمعالجة أي أزمات قد تنشب في المستقبل، وأوضح أن التعاون الإقليمي هو في سلم أولويات مصر حالياً وفي الأعوام المقبلة.

كما تحدث في الجلسة كل من النائب سيزار أبي خليل وزير الطاقة السابق وسفير مصر في لبنان نزيه نجاري، والمدير التنفيذي لمصر وشرق المتوسط في شركة “شلومبرجر” كريم بدوي، والرئيس الإقليمي لشركة “بي.بي” شمال أفريقيا هشام مكاوي، ورئيس سلطة الطاقة الفلسطينيظافر ملحم.