محلية
الثلاثاء ٣ أيلول ٢٠١٩ - 16:29

المصدر: المركزية

بعد الصيفي وبيت الـوسط…حكومة الاختصاصيين في معراب… أي أفق؟

في 27 تشرين الأول 2018، وفي عز الكباش السياسي وتناتش الحصص الحكومية، عقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي في حزب الكتائب مؤتمرا فنّد فيه الوضع الاقتصادي الهش، في محاولة لتحليل وتمحيص سبل المعالجة. على أن الأهم يكمن في أن رئيس الحزب النائب سامي الجميل اغتنم فرصة كلمته على هامش هذا المؤتمر ليقدم إلى الغارقين في حرب تصفية الحسابات السياسية والانتخابية طرحا مختلفا، يقوم على الدعوة إلى تشكيل حكومة اختصاصيين يتولون إدارة الأزمة الاقتصادية لانتشال البلاد من كبواتها الكثيرة، تاركين للكتل السياسية حلبة مجلس النواب ليتصارعوا عليها قدر ما يشاؤون.

في توقيتها، وبالنظر إلى موقع الجميل في المشهد السياسي الذي أرسته التسوية الرئاسية، كلفت هذه المبادرة الصيفي اتهامات بالشعبوية ومحاولات العزف على الوتر الشعبي لاستنهاض همم الناس الذين خرجوا محبطين من انتخابات لم يشارك فيها أكثر من نصف عدد الناخبين، علما أن الكتائب كانت أوضحت مرارا موقفها القاضي بعدم المشاركة في الحكومة العتيدة، على ما يذكر مراقبون عبر “المركزية”.

وفي السياق نفسه، لا تفوت المصادر التذكير بأن في وقت قفز المعنيون فوق طرح المعارضة للأسباب السياسية المعروفة، حط هذا الاقتراح الرحال في بيت الوسط، الذي اعتبر بعض الدائرين في فلكه، في مرحلة معينة من مشوار التأليف، أنه قد يكون المخرج الأمثل من حرب تناتش الحصص الحكومية والأحجام التمثيلية. غير أن الأولوية عادت وأعطيت للجانب السياسي.

على أي حال، فإن المراقبين ينبهون إلى أن “بعد أقل من عام على اقتراح الجميل المعارض، عادت الحياة لتدب مجددا في عروق هذا الطرح، بلسان أحد أبرز المكونات الحكومية: رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي بات ينتهج سياسة القنص المركز على الحكومة والعهد سواء بسواء، بعدما عض طويلا على جراح كثيرة طبعت العمل الحكومي من جهة، والعلاقات القواتية ببعض أركان الحكم والحكومة.

ويذكر هؤلاء أن أمام هذه الصورة، تلقت القوات دعوات كثيرة إلى الخروج من الحكومة وممارسة المعارضة من الخارج. غير أنها فضلت تجاوزها لتستمر في وضع الاصبع على جروح المخالفات الحكومية متى وجدت، في إطار ما يسمى المعارضة من الداخل .

كل هذا لا يلغي تساؤلات مشروعة حول الأسباب الحقيقية الكامنة خلف العودة إلى طرح حكومة الاختصاصيين الذي لم يتأخر الجميع، بمن فيهم القوات، في مواجهته بالبطاقة الحمراء، في مراحل سابقة. وفي السياق، لا تجد المصادر صعوبة في ايجاد الاجابة الشافية: إنه الوضع الاقتصادي الهش والعين الدولية التي تراقب بكثير من الدقة السلطة اللبنانية وتنتظرها على كوع إقران الأقوال بالأفعال الاصلاحية، لتعبيد طريق مساعدات مؤتمر “سيدر” التي يراد منها نقل اللبنانيين من المعاناة الاقتصادية المزمنة إلى حال من البحبوحة التي لطالما انتظروها من دون طائل.

غير أن المصادر تختم مذكّرة بأن الطريق إلى حكومة الاختصاصيين قد تكون مزروعة بالألغام السياسية التي فجر باكورتها رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصيا بعد دقائق معدودة على طرح جعجع هذا الاقتراح على المشاركين في طاولة بعبدا الحوارية الاقتصادية، مستنكرا فكرة تسليم إدارة شؤون البلاد إلى الاختصاصيين، وجلوس “السياسيين” “على جنب”، وهو  ما تعتبره المصادر مؤشرا واضحا إلى أن هذا الطرح قد لا يرى النور في القريب العاجل، في بلاد تعطى الأولوية فيها للحسابات والمحسوبيات السياسية.