محلية
الخميس ٢٧ كانون الأول ٢٠١٨ - 17:22

المصدر: المركزية

بعد المعارضة… الموالاة تطرح “حكومة الاختصاصيين”… فهل تكون الحل؟

بعد طي صفحة الانتخابات النيابية، غرق الجميع في مستنقع آخر من الحسابات… الحكومية. فاندلعت حرب تناتش الحصص وترجمة المكاسب الانتخابية مقاعد وزارية كادت المواجهات في شأنها تنتهي لولا إجهاض الجهود في هذا الشأن في اللحظات الأخيرة. مشهد حاول رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل خرقه بتقديم ما يمكن اعتباره مشروع حل ينهي صراع المحاصصات، ويتيح للحكومة أن تبصر النور وتنكب على وضع الحلول للأزمات، على وقع تحذيرات جدية إزاء انهيار مالي واقتصادي بات وشيكا. فاغتنم الجميل فرصة مؤتمر اقتصادي عقد قبل نحو شهرين في البيت المركزي في الصيفي ليقدم للرأي العام ما سماها “خريطة طريق لإنقاذ لبنان”، تنطلق من تشكيل ما يسميها رئيس الكتائب “حكومة اختصاصيين”  تضع حدا نهائيا للمشكلات الاقتصادية، على أن تكون القاعة العامة في مجلس النواب حلبة تصفية الحسابات السياسية.

قد ينبري بعض المناوئين للجميل إلى القول إن طرحه هذا ينطلق من تموضعه المعارض للنهج السياسي السائد في البلد، علما أنه حمل هذه الفكرة إلى بيت الوسط وطرحها مع الرئيس المكلف سعد الحريري، قبل نحو أسبوعين.

على أن معاينة دقيقة للمشهد السياسي الذي ساد في الأيام الأخيرة، والمطعّم بنكسة حكومية هي الثالثة من نوعها منذ إنطلاق مفاوضات التشكيل، تفيد بأن حمل لواء هذه الفكرة لم يعد يقتصر على المعسكر المعارض، بل إنه بلغ الدائرة الضيقة من المحيطين برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وليس أدل إلى ذلك إلا التصريح الذي أدلى به عضو تكتل لبنان القوي النائب شامل روكز، حيث ذهب بعيدا في انتقاد المماطلة الحكومية، إلى حد المطالبة الصريحة بـ “حكومة اختصاصيين من 14 وزيرا تنقذ لبنان”، في موقف يلتقي فيه أحد أبرز الوجوه الدائرة في فلك الحكم مع رأس حربة المعارضة. ولكن مصادر سياسية تلفت عبر “المركزية” إلى أن أهم ما في هذا الموقف يكمن في أنه يلتقي أيضا مع دعوات مماثلة وجهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى المعنيين بمطبخ التأليف إلى تشكيل حكومة من أصحاب الخبرات والكفاءات والاختصاص لتعمل على حل الأزمات اللبنانية في أسرع وقت لأن البلاد تترنح فعلا على حافة الهاوية الاقتصادية فيما تهدد المماطلة الحكومية جديا المساعدات الدولية المخصصة للبنان، والتي انتهى إليها مؤتمر سيدر.

وإذ تلفت المصادر إلى أن روكز ليس النائب الوحيد من تكتل لبنان القوي الذي أيد تشكيل حكومة الاختصاصيين، فإنها تبدو حريصة على تسليط الضوء على توقيت هذه التصاريح التي تأتي بعد نحو شهر على الكلام عن أن فكرة حكومة التكنوقراط بدأت تشق طريقها إلى بيت الوسط، حيث يعتبر بعض المقربين من الرئيس المكلف أنها قد تكون مخرجا للزوبعة الحكومية الآخذة في استنزاف العهد بلا طائل، مشيرة إلى أن تصريح روكز يأتي أيضا فيما الرئيس ميشال عون ما عاد يخفي امتعاضه من التعطيل الحكومي غير المبرر الآخذ في استهلاك عمر العهد، فيما  كان عون يضع كل آماله على تشكيل سريع يتيح لـ “العهد القوي” تحقيق الوعود التي قطعها للبنانيين قبيل الاستحقاق الرئاسي.

غير أن المصادر نفسها لا تخفي خشيتها من ألا يبلغ هذا الطرح النهاية السعيدة التي يأملها كثيرون، من منطلق أن بعض المعنيين بالتشكيل وعقده الكثيرة يفضل إعطاء الأولوية لحرب تناتش الحصص الوزارية، بما يمكنهم من تكريس نتائج استحقاق أيار النيابي، إضافة توازنات سياسية تحكم قبضتها على حكومة من المفترض أن تعمر حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، المتوقعة، مبدئيا، عام 2022، بما من شأنه أن يفسر الجولة الجديدة من المماطلة والتسويف، وإن كان بعض العارفين بالشؤون والشجون الحكومية يؤكدون أن “التكنوقراط” مخرج لائق يحفظ ماء وجه قطبي الحكم (عون والحريري) وينقذهما من براثن الخلافات مع الخصوم و.. الحلفاء.