المصدر: النهار
ترشيحات قياسيّة.. والمرأة تسجّل رقما استثنائيا
مع ان المرحلة الحاسمة والنهائية التي يعتد بها في انطلاق السباق نحو الموعد الساخن في 6 أيار لا تزال عرضة لترقب التطورات التي ستسبق انتهاء مهلة تسجيل القوائم الانتخابية في 26 آذار الجاري، فإن هذا الانتظار لا يقلل أهمية انتهاء المهلة الرسمية لتسجيل الترشيحات منتصف الليل الماضي وبدء الإعداد لإعلان اللوائح الاسمية للمرشحين لدى الكثير المتبقي من القوى السياسية تمهيداً لابرام التحالفات الانتخابية. الصورة المختلفة للمشهد الانتخابي هذه المرة والتي لم تعد تشكل مفاجأة حقيقية منذ إقرار قانون الانتخاب الجديد، برزت مع اليوم الأخير من فتح باب الترشيحات الذي انتهى الى تسجيل مجموعة مفارقات بل سوابق.
أولى هذه المفارقات ان باب الترشيح عموماً سجل رقماً قياسياً ناهز معه عدد المرشحين ألف مرشح وهو الاعلى في كل الدورات الانتخابية التي اجريت بعد بدء تنفيذ اتفاق الطائف، علماً ان عدد المرشحين للانتخابات النيابية في الدورة الأخيرة التي أجريت عام 2009 بلغ 702 مرشحين. والواقع ان ارتفاع عدد المرشحين الى هذا السقف فاق بعض التوقعات لجهة ان تعقيدات قانون الانتخاب وفق التركيبة المزدوجة التي تجمع النظام النسبي للمرة الأولى مع اعتماد الصوت التفضيلي الاكثري والطائفي كان يمكن ان يشكل نقطة نفور لدى كثيرين. كما ان عاملاً مادياً آخر كان يمكن ان يلعب دوراً سلبياً في تقليص عدد المرشحين لجهة عدم رد أي نسبة من الرسم المالي لتسجيل الترشيح البالغ ثمانية ملايين ليرة حتى لو سحب المرشح ترشيحه. ومع ذلك تجاوز عدد المرشحين السقوف المتوقعة بما يشكل مؤشراً حيوياً حيال تحريك الحياة السياسية وتوق اللبنانيين الى التغيير والانخراط بكثافة في السباق الانتخابي. وقد تجاوز عدد المرشحين في اليوم الاخير الـ234 مرشحاً وبلغ العدد النهائي للمرشحين الى الانتخابات 976 مرشحاً بينهم 111 سيدة كما أعلنته رسمياً وزارة الداخلية.
أما المفارقة الأخرى التي قد تكون أكثر أهمية وتحمل دلالات بارزة للغاية، فتمثلت في تسجيل الرقم القياسي الثاني ضمن جولة الترشيحات وهو ارتفاع عدد النساء اللواتي سجلن ترشيحاتهن الى ما يفوق 107 مرشحات وهو الأعلى اطلاقاً في تاريخ الانتخابات النيابية اللبنانية. والواقع ان أسباب هذا الاقبال الكثيف للنساء على الترشح باتت معروفة ومبررة ومن أبرزها الحملات الاعلامية والاجتماعية والانخراط القوي لمنظمات المجتمع المدني في مسألة التمثيل السياسي للمرأة اللبنانية بما يوازي ويواكب نجاحاتها وتقدمها في باقي القطاعات والاختصاصات والمهن. كما ان الحملات السياسية والنقاشات المزمنة حول الكوتا النسائية وانخراط أحزاب وقوى ومنظمات في الدفع نحو اقرار الكوتا ساهمت الى حد بعيد في التحفيز على الترشيحات النسائية الكثيفة من مختلف القطاعات. ويضاف الى ذلك ان اقبال بعض الاحزاب على ترشيح نساء شكل علامة التزام لصدقية هذه الاحزاب في التشجيع على الافساح لتكبير حجم تمثيل المرأة نيابياً. ومع ذلك، فإن تحقيق رقم قياسي في الترشيحات النسائية واكبه محظور هو ألا يقترن هذا التطور بترجمة موازية له في اعلان قوائم الترشيحات النهائية أو التزام انتخاب النساء المرشحات اسوة بالمرشحين من دون تمييز.