محلية
الخميس ١١ نيسان ٢٠١٩ - 07:41

المصدر: Kataeb.org

توصيات المؤتمر العام الحادي والثلاثين لحزب الكتائب اللبنانية

أصدر حزب الكتائب اللبنانية توصيات المؤتمر الحادي والثلاثين الذي انعقد في ١٥- ١٦- ١٧ شباط الماضي في مجمع البيال في شقيها السياسي والاداري  .

وقد تلا نص البيان نائب رئيس الحزب الدكتور سليم الصايغ محاطاً بالامين العام نزار نجاريان ونائب الرئيس جوزيف ابو خليل واعضاء المكتب السياسي. وقد اعادت التوصيات التأكيد على ثوابت الحزب وخياراته الوطنية استناداً الى المراجعة الشاملة التي جرت في المؤتمر بناء على كلام رئيس الحزب وتقرير الامين العام والتقرير المالي والتقارير الواردة من الاقاليم والمجالس والندوات والمصالح والمناطق الاغترابية وبعد مراجعة شاملة لحال البلاد والمنطقة .

وقد اختتم البيان بتوصية الرئيس والمكتب السياسي بوضع خارطة طريق انقاذية للبنان انطلاقاً من المعارضة الوطنية تمهيداً لطرح بديل جدي في المستقبل لان في ذلك امل حقيقي للبنان واللبنانيين.

وجاء في التوصيات:” بعد الاسـتماع الى بيان رئيس الحزب وتقرير الامين العـــام والتقرير المالي والتقـارير الواردة من الاقاليم والمجالس والندوات والمصالح ومن المناطق الاغترابية ومناقشتها، وبعد أن أجرى مراجعة شاملة ومفصلة لحال البلاد والمنطقة بالمقابلة مع تطور الحزب على ضوء التحديات الكيانية والسياسية منذ تأسيس الحزب واستقلال لبنان، يعلن تأييده لما جاء في بيان الرئيس، نصًّا وروحًا، ويثمّن مناقشات المندوبين واقتراحاتهم القيمة، ويخلُص الى التوصيات السياسية والإدارية التالية:

في التوصيات السياسية

 إن التحديات التي يواجهها لبنان تهدّد أسس كيانه، ويوصي المؤتمر بمعالجة كلّ منها بشكل معمّق وشامل لربطها في تصوّر واضح للمستقبل بالإجابة “عن أي لبنان نريد؟”، السؤال الجوهري الذي طرحه مؤسس حزب الكتائب اللبنانية والذي لم يُجب عليه اللبنانيون بعد بشكل واضح.

أولاً: ادارة التعددية والعيش المشترك والاستقلال

  1.    إن المؤتمر العام الحادي والثلاثين إذ يؤكد على تشخيص الواقع اللبناني الذي تقدّم به المؤتمر العام التاسع والعشرين المنعقد في عام 2007 يذكّر أنّ ما حذّر منه الحزب آنذاك من محظور قد تمّ اليوم الوقوع فيه بالفعل.

لقد خلُص المؤتمر العام لعام 2007 إلى أن “العيش المشترك نفسه أصبح محطّ تساؤلات” وإن الدولة أصبحت معلّقة وغير قادرة على الاعتلاء على مكونات المجتمع لتصبح الجماعات الطائفية أقوى منها وان التوازنات محكومة بعنصري القوة في الداخل والارتباط الاقليمي في الخارج. وذهب الى اعتبار ان أي تسوية قبل انتظام المؤسسات هو تحكّم في وجود لبنان وهو بالتالي “مشروع انقلاب” يتم عبره فرض “تسوية هي في النهاية ترجمة لموازين قوى اقليمية قبل أن تكون لبنانية داخلية”.

  1.    لذلك يرى المؤتمر أن التحدّي الأوّل الذي يهدّد أسس الكيان اللبناني يكمن في تعميق وترسيخ الانتماء الطائفي مع الشعور بالغبن نتيجة انعدام التوازن الديمغرافي والسياسي بين الطوائف على حساب الشعور بالانتماء الوطني مما يثير الشكوك بتجربة “العيش المشترك”. ان حالة فقدان التوازن تولّد الخوف من الآخر والقلق على المصير وتضاعف قلة الثقة في صيغ دستورية هدفت أصلاً إلى تنظيم العيش المشترك. إلا ان الفشل في تأمين الأمان والحرية والكرامة، وهي قيم قامت عليها “الفكرة اللبنانية”، وطنًا وإمارةً ودولة، تحتّم المراجعة الشاملة والجريئة للنظام اللبناني، فيثبّت ما يصلح ويقطع ما لا يصلح. إن اعتماد نظام مركزي مدني قانونًا وطائفي اداءً، جمع أسوأ ما في العقلية الطائفية من دون أن يأخذ أحسن ما في الذهنية المدنية.

أدى هذا الأمر الى انحسار فضاء المواطنة الرحب لصالح ساحة الفئة أو الجماعة الضيقة، وتراجع منطق الدولة لصالح مصلحة الزعيم، وتقهقرت حوكمة الحق لصالح فوضى الباطل.

إن ضعف الدولة في شكليها البنيوي الدائم والمصلحي الآني أدى الى طلب الجماعة الطائفية المساعدة من الخارج ضد عدو خارجي أحيانًا وخصم داخلي دائمًا، للاطمئنان حينًا والاستئثار بالسلطة أحيانًا، أو كلاهما معًا.

إنّ تطوّر هذا التحدي من داخلي الى داخلي – خارجي، يضرب مفهوم الاستقلال السياسي ويؤكد على إشكالية الترابط العضوي بين حسن ادارة التعددية في دولة الحق المكتملة المواصفات وممارسة جدّية للاستقلال.

لقد أراد الميثاق الوطني أن يضع حلًّا لاشكالية الترابط بين التوازن الداخلي والارتباط الفئوي بالخارج. لذلك قال بالالتزام بالوحدة الوطنية القائمة على التبادلية المطمأنة الرديفة للتوازن الطائفي والسياسي بالتلازم مع احترام مبدأ عدم الانحياز او الحياد في قضايا العرب الخلافية. إلا أن الواقع جاء مغايرًا للمرتجى مما أدّى الى زعزعة الميثاق الوطني وانهيار الصيغة وانكشاف لبنان دولة وطوائف.

  1.    يرد المؤتمر على هذا التحدّي بإعادة التذكير ببيان تأسيس منظمة الكتائب اللبنانية عام 1936، إذ جاء فيه ان هدف النضال الوطني هو تعزيز الاستقلال وتأمين ديمومته بالعمل اليومي عبر تغليب المثال الوطني على النزعة الطائفية ودمج كل القوى المعنوية المحيّية للعائلات الروحية على تنوعها في إطار “دولة حديثة”.

يؤكد المؤتمر كذلك على ما جاء في أوّل مؤتمر عام للحزب في عام 1956 الذي أوصى “بالمحافظة على ميثاق 1943 واستعادة ما أفقدته إياه محاولات وحوادث وتصرفات مغايرة له” كما شدّد “على علمانية الدولة اللبنانية التي يتميز بها لبنان في هذا الشرق والتي تؤمن بحرية ممارسة الشعائر الدينية واحترامها”.

ويذكر المؤتمر بما جاء في توصيات المؤتمر العام الثاني للحزب في عام 1959 التي طالبت “باعتماد سياسة لبنان في العالم العربي المبنية على الحياد ازاء الخلافات التي تنشأ بين الدول العربية والعمل بجدّ ومحبة على إزالة هذه الخلافات”.

وهذا ما عاد وأشار اليه المؤتمر العام الرابع في عام 1961 عندما أوصى بضرورة “الاعتصام بمبدأ عدم الانحياز ازاء الخلافات التي تنشأ بين الدول العربية”، كما يطالب المؤتمرون بالعودة إلى الأدبيات الكتائبية بهذا الخصوص كما جاءت في المؤتمر العام الخامس في عام 1962 الذي طالبت بقوننة حياد لبنان بإجماع اللبنانيين، والذي تردد صداه في المؤتمرات اللاحقة لاسيما المؤتمر العام الثامن عشر في عام 1986 ومن ثم المؤتمر العام الثلاثون في عام 2015.

ويذكر المؤتمر بمساعي نواب الحزب الدؤوبة لجعل حياد لبنان الدائم مبدأ دستوريًا يأتي في مقدمة الدستور كبند من البنود الميثاقية إنقاذًا للميثاق الوطني وتحقيقًا للاستقلال السياسي الناجز. (نضالي البرلماني، سامي الجميّل، ص. 236)

أما في ما يتعلق بصيغة الحكم، يشير المؤتمرون الى مواقف الحزب الثابتة منذ المؤتمر العام الاول في 1956 حول ضرورة تفعيل العمل البلدي وتطويره بشكل يكون الحاضن والمنفذ للامركزية بكل أشكالها.

  1.    ويوصي،

‌أ.       بتشريع العمل ضمن اللجان البرلمانية لاقرار اللامركزية الموسعة انطلاقًا من اقتراح القانون الذي تقدّم به حزب الكتائب اللبنانية مما يؤمن الانتقال من الطائفية التصادمية الى التعددية التفاعلية عبر قيام مجالس محلية منتخبة تأخذ الدولة الى المواطن ويُعاد تشكيل السلطات وتوزيعها بشكل يحفظ وحدة البلاد وسلامتها ويحرّر المناطق من كل معوقات حسن ادارتها، تنموية كانت أو ادارية أو مالية أو سياسية.

‌ب.بوضع استراتيجية وطنية لتحقيق مبدأ الحياد الايجابي والالتزام به، تأخذ بعين الاعتبار إقتراح التعديل الدستوري الذي تقدم به نواب حزب الكتائب اللبنانية بجعل الحياد مبدأ من المبادئ الميثاقية في مقدمة الدستور وضرورة تحقيق إجماع وطني لروح الحياد الذي يجب أن يكون حيادًا قويًا يتعاطى من منطلق المحافظة على الاستقلال وتعزيز المناعة الداخلية والالتزام بقضايا الجامعة العربية.

‌ج.   بإطلاق ورشة عمل وطنية “لبنان 2020” بمناسبة المئوية الاولى لاعلان دولة لبنان الكبير تشترك فيها كل القوى الحيّة السياسية والاقتصادية والأهلية والروحية والتربوية والتنموية والنقابية، تهدف الى تحديد الاصلاحات الضرورية للانتقال بلبنان الى مئوية جديدة بثقة ورجاء وقوة.

‌د.     تحرير فضاء المواطنة وحمايته عبر اعتماد قوانين إختيارية للزواج المدني وللاحوال الشخصية يؤمّن المساواة الفعلية بين أبناء الوطن ويفصل بين الدين والدولة ويؤسّس لعلاقات سوية بين اتباع الديانات فيما بينهم وبينهم وبين ديانتهم على قاعدة الالتزام الحقيقي وليس على طريقة الارتباط الشكلي.

ثانيًا: السيادة والشراكة والحرية

  1.    يطرح المؤتمر العام اشكالية السيادة والشراكة وارتباطهما الوثيق بالحرية وهو يقرأ في البيان السياسي لرئيس الحزب الذي قدّمه الى المؤتمر توضيحًا حكيمًا ومصيبًا للقلق الذي ينتاب اللبنانيين، وبشكل خاص، المسيحيين ازاء منطق القوة المتحكم بالدولة، والذي ينبّه فيه من اعتماده كصيغة سياسية. وهو اذ يذكّر بثوابت الحزب التاريخية في موضوع السيادة برفض أي مقايضة بين السيادة والسياسة، يؤكد هذا المؤتمر على ما جاء في المؤتمر الأسبق في عام 2009 الذي اعتبر “ان ما يقلق المسيحيين هو هذا التغيير المتواصل في كينونة لبنان وقيمة وجوده السياسي والحضاري بل التآكل المتواصل في هذا الوجود، وبالتالي في الوجود المسيحي، أو الحضور المسيحي الموقوف دائما على وجود الدولة الحقيقية أي المكتملة السيادة، كما الحضور الاسلامي طبعًا … فما يريده المسيحيون أولاً هو وقف هذا التآكل في دور الدولة الذي لم يبقَ منه إلا الرموز والطقوس”.

ويستعيد المؤتمر ما جاء به المؤتمر العام الثلاثون عينهُ الذي شجب تحويل لبنان الى ساحة لصراع الحضارات بدل أن يكون ملتقى ثقافات وحضارات داعيًا الى معالجة مسألة المقاومة الاسلامية وسلاحها متسائلاً “متى تلتحق هذه المقاومة بالدولة هي وسلاحها، وبخاصة ان للأمر علاقةً بسيادة الدولة وحقها في امتلاك قرارات الحرب والسلم وكلّ القرارات؟”

  1.    لذلك يعتبر المؤتمر أن التحدي الثاني يتمثّل في هتك كرامة المواطن وقمع الحرية الكيانية والاحتكام الى شريعة القوة غير الشرعية. وأكّد المؤتمر على واقع ان السلاح غير الشرعي هو المانع الأساسي لاكتمال مواصفات الدولة في لبنان، أي الدولة السيّدة باسم شعبها على كامل أراضيها من دون منازع أو شريك، ممّا يعطّل الديمقراطية ويضعّف المؤسسات قبل أن يصادرها ويفرض تشكيل الحياة السياسية، من قانون الانتخاب الى تعطيل الحكم أو تحريره، الى تشكيل الحكومة قبل فرض شروطه عليها.

فبات السلاح غير الشرعي مسؤولاً عن نقض العدالة وضرب مبدأ المساواة بين المواطنين وتقويض الحرية التي لولاها لانتفى وجود لبنان في جوهره.

ان تأثير وجود السلاح ودوره بات مصيريًا على الشراكة الوطنية التي أفرغها من مضمونها والتي يريدها بين اتباع لخطّه ونهجه وسياسته، بينما الشراكة الوطنية الحقة لا يبنيها الا شركاء متساوون فعليًا في الحقوق والواجبات، الا شركاء أحرار في خياراتهم وارادتهم وطرق تعبيرهم لا يخافون ضغطاً أو ترهيباً أو تهويلاً. كما ان الشراكة لا تكون إلا على القيم المشتركة فلا تكون مشروطة بالتخلي عن السيادة والاستقلال والحرية، تمامًا كمن يتخلى عن الذات.

  1.    يرد المؤتمر على هذا التحدي بالعودة الى التذكير بالتزامات لبنان عند انتهاء الحرب اللبنانية والتي تعهد من خلالها حلّ كلّ الميليشيات المسلحة؛ والسلاح غير الشرعي الذي هو اليوم في قبضة المقاومة الاسلامية في لبنان هو سلاح ميليشيا لا لزوم له أبدًا خارج اطار الدولة اللبنانية. واعتبر المؤتمر كذلك ان القرارات الدولية 1559 و 1701 تشكل عناصر المظلة الدولية التي تحمي لبنان وتؤمّن استقراره وتؤسس لعودة سلمه الأهلي الحقيقي. أما حجّة الدفاع عن لبنان بوجه العدو الاسرائيلي فهي قد سقطت نهائياً بعد التدخل في سوريا والعراق والمغرب واليمن وبعد قيام الجيش اللبناني بدوره كاملاً بمواجهة كل أنواع الاعتداء على لبنان. ويدحض المؤتمر مقولة ان التضامن مع السلاح والرهان عليه هما الطريقة الفضلى لتحقيق الشراكة اذ لا شراكة عندما تكون مشروطة بالتخلي عن السيادة والاستقلال وكأن الشراكة والمشاركة تسقطان بسقوط السلاح أو انتهاء دعمه المفترض.

ويذكر بالأسئلة التي وجهها رئيس الحزب النائب سامي الجميّل الى الحكومة حول ترسيم الحدود مع سوريا ونشر الجيش على الحدود وشبكة الاتصالات غير الشرعية في ترشيش فضلاً عن مناقشة البيان الوزاري لمختلف الحكومات التي تعاقبت من كانون الأول 2009 حتى شباط 2019، حول موضوع السيادة.

  1.    لذلك يوصي المؤتمر:

‌أ.       بتطبيق التزامات لبنان الدولية كاملة وبطريقة فورية درءًا للخطر عن لبنان لا سيما القرارين  1559 و 1701.

‌ب.بترسيم الحدود السورية – اللبنانية ومطالبة الحكومة السورية بإعطاء لبنان الخرائط الضرورية للانتهاء من اشكالية مزارع شبعا.

‌ج.   بالاستمرار بتمكين الجيش اللبناني ونشره على كامل الاراضي اللبنانية من دون إبطاء.

‌د.     باقرار استراتجية دفاعية يتم من خلالها وضع تصوّر كامل للدفاع عن لبنان وحمايته.

‌ه.  بالطلب الى الأمم المتحدة عبر الدولة اللبنانية وضع استراتيجية لنزع السلاح وتسريح عناصر كل القوى المسلحة غير الشرعية واعادة دمج المسلحين في المجتمع المدني.

‌و.    بالاستمرار في خوض معركة الحريات لا سيما حرية التعبير عن الرأي المهددة اليوم بسبب الانحراف السلطوي ودعوة الحكومة والقضاء الى تكريس قدسية الحرية في القول والفعل.

ثالثًا: مكانة لبنان الدولية

  1.    لاحظ المؤتمر انكفاء الحضور الدولي والاممي للبنان مما أدّى الى تراجع مركزه السياسي ومكانته الدولية. فجاءت مؤتمرات روما وبروكسيل و”سيدر” بمقررات دعم للبنان وشعبه لكنها لا زالت معلقة التنفيذ بسبب فشل السلطة السياسية في حسن ادارة البلاد. مما أدّى الى فقدان الثقة الدولية بقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.

كما درس المؤتمر الانكفاء الدولي والاقليمي والعربي السياسي عن لبنان والذي جاءت ترجمته الواضحة في ضعف التمثيل الرسمي في قمة بيروت العربية التي انعقدت في بيروت في شباط 2019.

وناقشت لجان المؤتمر تقارير الامين العام للامم المتحدة حول تطبيق القرار 1559 وعدم وفاء الدولة اللبنانية بوعودها حول سلاح الميليشيات مما يثير الشكوك ويحرك الاتهامات حول مسؤولية لبنان في هذا الشأن.

واعتبرت لجان المؤتمر ان التقارير المرتبطة بتنفيذ القرار 1701 تضع الدولة في موقع المسؤولية الواضحة في الافلات من تطبيق مندرجاته لاسيما في ما يتعلق بالحوار حول الاستراتيجية الدفاعية تمهيدًا لتطبيق القرار 1559.

  1.    لذلك يعتبر المؤتمر ان التحدي الثالث للكيان اللبناني هو في ضرب موقع لبنان السياسي على الساحة الدولية وفي تقهقر الاداء الدبلوماسي بسبب الدخول في لعبة المحاور والتزام الدولة المحور الذي ينتمي اليه حزب الله ممّا أدّى الى انحسار دور لبنان التاريخي بالإسهام الايجابي في المعترك الدولي. وهو إذ يذكّر ان فكر حزب الله السياسي هو فكر ديني ذات طبيعة شمولية يستحضر فكراً شمولياً من الطبيعة ذاتها للرد عليه، مما يؤدي الى الجنوح نحو التطرّف السياسي بكل أبعاده المعنوية والمادية، فيعزل لبنان عن العالم بدل أن يكون بلد الانفتاح على الكون. إنّ هذا التحدي الكياني الثالث المثلث الأبعاد، أي التقهقر الدبلوماسي، والإنحسار عن المعترك الدولي، والانغلاق عن العالم، يضرب مفهوم لبنان – الرسالة الذي يتغنى به كثر فيما يمعنون في الطعن به عن إدراك أو سوء تقدير.
  2.    يرد المؤتمر على هذا التحدي بالتذكير بالثوابت التي قام عليها لبنان، لاسيما رسالته الفذة الى العالم. فلبنان هو من له المساحة الكبرى في وضع الشرعة العالمية لحقوق الانسان وله اليد الطولى في الدفاع عن القضايا العربية لاسيما القضية الفلسطينية، وقام بدوره هذا متسلحًا بالنموذج الفريد للعيش المشترك الذي طالما تغنى به. ويشير المؤتمر كذلك إلى أن مفهوم “رسالة لبنان” قد أتى في أدبيات الحزب منذ المؤتمر الأول عام 1956 الذي أوصى “بتأكيد اعتبار لبنان صاحب رسالة خاصة ومميزة بين الشرق والغرب، بحكم ما يتفرّد به من موقع جغرافي، وتراث انساني حضاري وانتشار أبناءه في ديار الاغتراب”.

وهو يثمن الالتفاف الوطني الجامع حول مفهوم لبنان الرسالة الذي تبناه سياسيون واعلاميون و وطنيون كبار وتمّ تتويجه بالارشاد الرسولي لقداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني عام 1996. ويذكّر المؤتمر بطرح الرئيس أمين الجميّل في جامعة الروح القدس – الكسليك عام 2006 الذي دعا فيه الى تحويل لبنان الى مساحة حوار بين الديانات والثقافات والحضارات دعوة أكّد عليها مؤتمر الحزب العام الـ 28 عام 2007، أفكار ما لبث أن تلقفها رؤساء الجمهورية المتتالون وأعلنوها نداء الى العالم في المحافل الدولية والفرنكوفونية.

  1.    لذلك يوصي المؤتمر،

‌أ.       باطلاق نقاش وطني عام ضمن ورشة “لبنان 2020” حول السياسة الخارجية واستعادة الموقع الدولي للعودة الى لبنان – الرسالة.

‌ب.بوضع استراتيجية واضحة للتعاطي مع جامعة الدول العربية والدول الصديقة للبنان.

‌ج.   بتحضير ملف المفاوضات اللبنانية لتحديد الحدود البحرية مع الدول المحيطة حماية لموارد لبنان الطبيعية.

‌د.     بتحويل لبنان برمته الى مساحة حوار عالمية عبر برامج توأمة فريدة من نوعها فلا يقتصر المشروع على استنساخ لمراكز أبحاث ودراسات ومؤتمرات تقول بالحوار موسميًا بينما الحوار عندنا نمط حياة وطريقة عيش وحلّ دائم للنزاعات الاجتماعية والسياسية والثقافية وتواصل وانفتاح يشكل عنصرًا أصيلاً من عناصر الشخصية اللبنانية الفريدة.

رابعًا – الأرض والريف والقرية الفذة والبيئة

  1.    إنّ التحدي الرابع للكيان اللبناني الذي ناقشه المؤتمر يكمن في موضوع المحافظة على الأرض، والريف ومفهوم القرية الفذة والبيئة.

فبحث المؤتمر أهمية المحافظة على الأملاك العامة وعلى أملاك الأوقاف ووقف التعديات عليها، واعتبر أن مسألة بيع الأراضي بطريقة مكثفة ومشبوهة تغيّر من خصوصية المناطق وهويتها لصالح فئة على حساب فئة أخرى، مما يشي بوجود مخطط توجيهي ما لتغيير معالم الخارطة الجيو- سياسية الداخلية في لبنان مع ما يترتب على ذلك من تداعيات تطيح بعامل الاطمئنان والثقة وتنسف أسس الميثاق الوطني وتدخل الطوائف في لعبة موازين القوى بدل أن تكون جميعها مجتمعة في موازين القيم المشتركة ضد أعداء لبنان وخصومه والطامعين فيه وحاسديه. ورأى المؤتمر أن هذا العامل الجيو – سياسي يسرّع الهجرة من الريف والمناطق الى العاصمة أو المدن الكبيرة ويبطئ عملية العودة الفعلية الى قرى الجبل والمناطق.

واعتبر المؤتمر ان الاستخفاف بموضوع البيئة يؤدي الى التصحّر في الكثير من المناطق وافقار للقطاع الزراعي وهدر للموارد الطبيعية، وضرب لصحة الناس بسبب التلوّث على أنواعه، حتى بات الخطر البيئي الوجه الآخر للتهجير، تهجير اللبنانيين النهائي وتيئسهم من الوطن. إن الموضوع البيئي ذات الأثر الاقتصادي الواضح والصحي القاطع كمسألة النفايات مثلاً يؤدي الى هجرة الاستثمارات وخلق فرص العمل وضرب حيوية مناطق بأكملها وأفضل مثال على ذلك هو قضية مكب برج حمود وامداد الشبكة الكهربائية هوائيًا بخطوط توتر عالي فوق المدارس والاماكن المأهولة.

واعتبر المؤتمر أن اندثار مفهوم “القرية الفذة” كأحد أسس الكيان اللبناني هو نتيجة لكل هذه العوامل الجيو – سياسية، والبيئية والصحية والاقتصادية، “والقرية الفذة” هي الحاضنة لتنمية القدرات الاجتماعية للفرد، والقيم العائلية التي تميّز لبنان، فضلاً عن كونها المحرّك الأساسي للتنمية المحلية والعجلة الاقتصادية.

وعبّر المؤتمر عن قلقه الشديد من الخروج الكثيف لأبناء العاصمة الى خارجها لأسباب اقتصادية أو معنوية، مما يفرّغ واقع المساحة المشتركة بين اللبنانيين وبالتالي يقلّص فضاء العيش المشترك.

  1.    يرد المؤتمر على هذا التحدي باعتبار ان المعركة للمحافظة على الأرض لا تنفصل عن المعركة للدفاع عن الريف و”القرية الفذة” والبيئة، لان الخطر هو ذات طبيعية كيانية وهو وجه آخر من وجوه تهجير اللبنانيين من وطنهم.

ويؤكد المؤتمر على اقتراح القانون الذي تقدّم به نواب الكتائب لنقل الطاقة الكهربائية بواسطة خطوط تحت الارض التي تمرّ في مناطق مكتظة بالسكّان لا سيما منطقة المنصورية – عين سعاده، كما يواجه مشروع محرقة النفايات في العاصمة في مجلس النواب وأمام الرأي العام. ويدعو المؤتمر كل القوى الحيّة في لبنان، سياسية كانت أم أهلية، مركزية هي أم محلية، للمواجهة الشعبية والسياسية في لبنان وأمام المحافل الدولية واعتبار ان أي تغيير في طبيعة لبنان سيؤدي الى تداعيات حضارية وثقافية وسياسية وأمنية، تضرب السلم الأهلي، وتطيح بالاستقرار وتجعل من كل الملفات المتعلقة بلبنان الأرض والشعب وتفاعلها مع مسألتي النازحين واللاجئين قنابل موقوتة بالفعل قد تنفجر بوجه الجميع.

  1.    ويوصي المؤتمر:

‌أ.       باعتماد حزب الكتائب اللبنانية “استراتيجية الارض” للمحافظة على خصوصية المناطق وتنوعها والتعاون مع المنظمات والاحزاب والقوى الحية لتنفيد هذه الاستراتيجية.

‌ب.بتشديد الرقابة على بيع الأراضي والأملاك المبنية الى غير اللبنانيين وإنشاء “مرصد الارض” لمراقبة مسألة الاستملاك.

‌ج.   بإنشاء صندوق دعم لقدامى المستأجرين القدامى لتمكينهم من السكن في المناطق التي ترعرعوا فيها.

‌د.     باعتماد البرنامج الانتخابي “131” لعام 2018 كتوصية بيئية لاسيما في ما يتعلّق بإدارة النفايات الصلبة والتنظيم المدني وادارة الثروة المائية وضمان جودتها وحسن ادارة الاملاك العامة البحرية والنهرية والجبلية ونوعية الهواء.

‌ه.   بتحمّل القضاء مسؤوليته للبت في إشكاليات التعدّي على الأوقاف الكنسية بطريقة عادلة وحاسمة.

خامسًا: الاصلاح و”الانسان الجديد”

  1.    طرح حزب الكتائب اللبنانية مسألة الاصلاح ومحاربة الفساد منذ التأسيس عام 1936. وهو أنشئ أصلاً كمنظمة تهدف الى رفض السياسة التقليدية التي جعلت من الحاكم متسلطاً على الناس بدل أن يكون خادمًا لهم. وللكتائب تاريخ عريق في الوقوف بوجه الفساد أثناء كلّ العهود التي شاركت فيها في الحكم أم عارضته. واعتبر أن الارتقاء بالسياسة بأخلاقيات جديدة وفكر نهضوي يربط الانسان اللبناني بالحضارة والمدنية والحداثة ويرفعه ليكون حاملاً للبنان – الرسالة. مارس الحزب هذه الأخلاقيات السياسية قبل أن يجعل منها مرتكزاً لنضاله الوطني ويحولها في ما بعد الى مقررات وأدبيات وتوصيات سياسية في مؤتمراته المتتالية. فهو طالب اللبنانيين وأهل السياسة باعتماد “الخلق المدني” في مؤتمره العام سنة 1969 وطالب بولادة “انسان جديد” في مؤتمره العام سنة 1972 وذكر دائمًا بأولوية مواجهة الفساد في كلّ المؤتمرات. جاء ذلك في وقت كان يواجه فيه لبنان أزمة الوجود الفلسطيني والانقسام الحاد حول هذا الموضوع وكانت فيه الكتائب كما تعوّدت رأس حربة في موضوع السيادة والمحافظة على الكيان ومفهوم الدولة.
  2.    لذلك يعتبر المؤتمر أن التحدي الكياني الخامس هو في الفساد الذي يضرب الدولة والطبيعة الاخلاقية الحميدة للانسان اللبناني. وتعود أسباب الفساد الى ضعف الحكم وسوء تطبيق الأنظمة والقوانين والحماية الطائفية ممّا يؤدي إلى تكبيل القضاء لتسود مبادئ عدم المساءلة والمحاسبة والإفلات من العقاب وتستبدل الثقافة اللبنانية المبدعة بثقافة أخرى لا هوية لها ولا طائفة أو دين، هي ثقافة المتاجرة بكلّ شيء، حتى بالقيم والكرامة والقانون والدستور والوطن.
  3.    يرد المؤتمر على هذا التحدي الكياني الخامس بالتأكيد أن الكتائب لم تنسَ يومًا أنّ جوهر نضالها هو المحافظة على الركيزة الأساس للكيان وعلّة وجوده وهو الانسان الحرّ المتمتع بكرامته وحقوقه في دولة تحافظ عليه ويحافظ عليها. فإذا ما فسد الانسان فسد الكيان وانتفى معنى لبنان وسرّ ديمومته. إن موضوع السيادة متلازم مع الأخلاق الانسانية، وكلاهما مرتبط بقيام الدولة، دولة الحق والمؤسسات وإن هذه الدولة في لبنان مجبولة بمبادئ النظام السياسي الديمقراطي الذي يستمدّ شرعيته من الشعب لا من حكم الفرد أو العائلة أو الدين. وإن هذا النظام يرتكز في بعده القانوني على الفصل بين السلطات واعتماد الحكم الصالح وسيادة القانون، وفي مشروعيته من رسالته الانسانية المغنية للعيش الحضاري وهي قد وضعت في مشروعها الانتخابي “131” سلّة من الاصلاحات لتعزيز الشفافية والدولة المدنية والمؤسسات الدستورية وترشيد الادارة العامة وتحديث الحياة السياسية. كما قد قدّم نواب الحزب عدّة اقتراحات قوانين لتعزيز الشفافية والمحاسبة وذلك باعتماد التصويت الالكتروني في مجلس النواب واسترداد الأموال المنهوبة أو لتمكين السلطات المحلية أو تعميم مبادئ العدالة أو الغاء جرائم الشرف أو الطلب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف البواخر عام 2017 (بواخر الكهرباء).
  4.    لذلك يوصي المؤتمر:
  5.    بالتأكيد على تلازم مسألتي الدفاع عن السيادة، سيادة الشعب اللبناني على أرضه ومؤسساته، والدفاع عن الكرامة، كرامة الانسان اللبناني وحقه في الحياة في دولة تحترم حقوقه وتؤمنها، وذلك عبر المحاربة الفعلية للفساد والعمل الجديّ للإصلاح.
  6.    اعتماد سلّة الاصلاحات التي طالب بها مشروع الحزب “131” عام 2018 كتوصية من المؤتمر والعمل على تطبيقها، لا سيما:

أ‌.       وضع دليل اخلاقيات للعمل السياسي

ب‌.رفع السرية المصرفية عن حسابات النواب والوزراء وموظفين الفئة الأولى والمتعهدين المتعاملين مع الدولة

ج. تعديل قانون الاثراء غير المشروع لجهة عدم حصر الشكوى بالمتضرر

د. تعديل طريقة اختيار مجلس القضاء الأعلى

ه. تحرير ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والأجهزة الرقابية من وصاية السلطة التنفيذية

و. الزامية استدراج العقود في ادارة المناقصات

ز. تعيين “وسيط الجمهورية”

ح. تعيين الهيئة الوطنية لحقوق الانسان

ط. اقرار قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد

ي.إلغاء مجلس الانماء والاعمار والصناديق والهيئات الرديفة لعمل الوزارات واستبدالها بوزارة التخطيط

ك.اقرار قانون الحكومة الالكترونية

ل. تنقية الادارة من الوظائف الوهمية

م. وقف التعاقد بكل أشكاله

ن. تطوير الاحصاء المركزي

  1.    تحديث الحياة السياسية عبر اعتماد تشريع جديد للأحزاب “يؤكد الحريات المكرسة في الدستور ويرسيها على قاعدتي الاستقلال والسيادة والاعلان العالمي لحقوق الانسان (مؤتمر عام 1971)
  2.    بإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة في قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات والعمل والضمان الاجتماعي واقرار قانون الحماية من التحرش الجنسي كما اعتماد نظام الكوتا النسائية بنسبة 30% على الأقل في الانتخابات النيابية والبلدية وشتّى مجالات الوظائف العامة.

سادسًا – التنمية والاقتصاد

  1.    درس المؤتمر التقارير الواردة حول تردّي الأحوال الإقتصادية والمالية والإجتماعية، والصحية والتربوية. وتبيّن أنّ المحظور الذي كان قد حذّر منه الحزب في الفترة الماضية قد وقع بالفعل. فأكّد على مواقف رئيس الحزب الذي اعتمد مقاربة موضوعية في الملفات الحياتية متجذّرة في ثقافة الأرقام ومبادئ أولوية الإنسان قبل أي أولوية أخرى فثبّت أنّ الانسان هو غاية التنمية ووسيلتها في آن. وبالتالي، ثمّن المؤتمر نهج المعارضة البنّاءة في وقت غلبت فيه سياسة الهدم والتعطيل والتأجيل. إلا أن سرعة التدهور الإقتصادي – الإجتماعي تحتم مضاعفة الجهود لمواجهة آثاره المحتملة على المجتمع والوطن.
  2.    لذلك يعتبر المؤتمر أنّ التحدي الكياني السادس هو في فقدان لبنان والانسان اللبناني القدرة على الصمود الاقتصادي. والمسألة ملحّة لأن قضايـــــا الانســــــان لا تنتظر توافقــــــا ً ســــــياســــــــيا ً ولا تســـــــويــــات .

وبما ان المعضلة الاجتماعية تطال الفئات المهمشة بخاصة الاكثر فقرا ً والذين يفتقرون الى أي شــبكة أمان إجتماعية. كما ان لبنان قد شكّل عبر تاريخه صرحــا ً تربــويـاً تعليميا ً يحتضن أرقى المذاهب على هذا الصعيد فبات مصدر إنتاج وتصدير للمعرفة. إلا ان الحــــالة الراهنة، تشهد مواجهة بين لجان الاهل من جهة اولى والاســـاتذة والمعلمين من جهة ثانيـــة والمدرسة من جهة اخرى ، كما أزمة الجامعة اللبنانية لا زالت تتفاقم بسبب عدم تطور قانونها وأنظمتها، فضلاً عن عدم التنافس الايجابي وعدم التوازن بين التعليم الخاص والرسمي ما لا يتيح حق الخيار بين هذا أو ذاك ، كما الخشية من تدهور المستوى الاكاديمي وإزدياد البطالة جراء تفشي التراخيص التربويـــــة العشوائية دون خطة ومناهج مستحدثة ما يفقد لبنان صورته على هذا الصعيد ويعرض أجيالنا للهجرة وللبطالــة في زمن العولمة ووجوب تكافؤ الفرص.

كذلك يشهد البلد حالات وفاة جراء عدم توافر الامكانات المادية لتلقي علاج أو شـــراء دواء بينما كان لبنان بمناخه وبالخبرات الطبية وبحسن الاستضافة الاستشفائية مقصدا ً من محيطه لحاجة من هذا القبيل.جاء هذا التردي الاجتماعي – الاقتصادي في ظلّ تفاقم مسألة النزوح السوري بثقلها الديمغرافي والإقتصادي واستمرارية مسألة اللاجئين الفلسطينيين وشح موارد الدعم الدولية لهم.

  1.    يرد المؤتمر على هذا التحدي بالتذكير بسياسة الحزب الثابتة حول القضية الاجتماعية وأهمية الانسان المبادر في اقتصاد حر. وهو قد قام منذ تأسيسه بسلسلة من التحركات المطلبية للدفاع عن كرامة المواطن في لقمة عيشه دعمًا للعدالة الاجتماعية ومحاربة للاحتكار وغلاء الأسعار. فجاء في مؤتمره العام الأول في 1956 أن الحزب يريد من السياسة الاقتصادية “التمسك بمبدأ الإقتصاد الحرّ والمثابرة على تثبيت النقد، واعتماد سياسة ضريبية عادلة كما وضع تصميم شامل للاقتصاد اللبناني وحماية المنتجات الوطنية عبر اتفاقيات تكافؤ … وتنظيم علاقاتنا الاقتصادية بالمغتربين لحملهم على الاشتراك في إنماء مرافق البلاد وحسن إستثمارها”.

وفي المؤتمر العام عام 1959، طالب الحزب “بالإسراع بإنشاء نظام ضمان إجتماعي إبتداء بتنفيذ الضمان الصحي” كما طالب في المؤتمر العام لعام 1961 “الدولة والنقابات وجميع الهيئات ذات العلاقة أن تتعاون وتنسّق (في ما بينها)… للتعجيل بإقامة نظام الضمان الاجتماعي وبتعديل قانون العمل”… والحوار مع النقابات كان مطلب الكتائب الدائم لما فيه خير جميع الأطراف المعنية (مسألة الحق بالإضراب، مؤتمر 1964) والحوار بين العمال وأصحاب العمل واللجوء الى الوساطة والتحكيم وتنظيم علاقاتهم بواسطة العقود الجماعية وتنشيط الحركة التعاونية (مؤتمر 1966) ولم توفّر جهدًا من أجل وضع ذهنية الخطة الشاملة والتخطيط القطاعي لاسيما المخطط العام للانماء الوطني الشامل بقضايا الصحة العامة (مؤتمر 1973). وواجهت الكتائب في مؤتمرها العام (1986) قضايا ذووي الحاجات الخاصة والمهجرين، قضايا لا زالت مطروحة وبإلحاح حتى الساعة.

ويذكّر المؤتمر بمشروع وزير الصناعة الشهيد الشيخ بيار الجميّل “صناعة لشباب 2010” الذي وضعه عام 2006 والذي لا يزال نموذجاً للنهضةِ بالقطاع الصناعي في لبنان حتى اليوم، كما يشير الى البرنامج الذي وضعه وزير السياحة الأستاذ ايلي ماروني “رؤية لصناعة الشباب في لبنان” في عام 2009.

ويعتبر هذا المؤتمر أن الحلقات الدراسية التي قام بها والتي أفضت الى اعتماد الشق الإقتصادي في برنامج “131” عام 2018 شكّلت ردًّا دقيقًا على هذا التحدي ببعده الاقتصادي. وهي جزء لا يتجزأ من النضال البرلماني للكتائب التي حرصت على الطعن بالضرائب غير العادلة أمام المجلس الدستوري والتي أدّت الى إبطال القانون ومراجعته أمام المجلس النيابي (آب 2017). كذلك يعتبر هذا المؤتمر ان ريادة الكتائب في العمل الاجتماعي لا بدّ أن يستمر بعد الإنجازات التي تحققت في وزارة الشؤون الاجتماعية (2009 – 2011) لاسيما الميثاق الاجتماعي، الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية، رفع سقف قروض الاسكان بنسبة 50%. اطلاق معايير الجمعيات الأهلية ومعايير دور المسنين وتأهيل برنامج الأسر الأكثر فقرًا، واطلاق المشاريع الوطنية لمكافحة الادمان ومكافحة الأمّية المعلوماتية، ومشاركة المرأة في الحوكمة المحلية والتزام التنظيم المدني بالقانون الخاص بذوي الحاجات الخاصة (2000/220) وغيرها من الخطط التي ساهمت في عملية الانماء المتوازن.

جاءت هذه الانجازات متكاملة مع العمل التشريعي عبر اقتراح قوانين بما يتعلق بالتعليم المجاني والنوعي أو بقضية حق موظفي القطاع العام بالانضمام الى نقابات أو بالسنة السجنية على سبيل المثال (نضالي البرلماني، سامي الجميّل)

  1.    لذلك، يوصي المؤتمر:

أولاً – باعتماد الخطوات التي جاءت في برنامج “131” عام 2018 في فصلي الاقتصاد والاجتماع.

ثانيًا – بإيجاد حلّ عادل لمسألة الرتب والرواتب لأساتذة التعليم الخاص.

ثالثاً – باعتماد “الميثاق الاجتماعي” (2010) أساساً للعمل الاقتصادي – الإجتماعي والتنمية الشاملة “للانسان، كلّ إنسان، كلّ الانسان”.

رابعًا – بتطبيق القانون اللبناني في ما يتعلّق بعمل النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.

خامسًا – بإعلان حالة طوارئ اقتصادية – اجتماعية بالتعاون مع المجلس الاقتصادي – الاجتماعي.

سادسًا – بالبدء بالاصلاح الجدي والفعال لإعادة بناء الثقة بين اللبنانيين والسلطة وبين لبنان والعالم.

سابعًا – بالإنطلاق من مشروع “صناعة لشباب 2010” عام 2006 لحماية وتحديث الصناعة اللبنانية.

ثامناً – بالعملِ على تسهيل الدخول الى سوق المعرفة عبر اعتماد التشريعات الضرورية والتحفيزات اللازمة للشركات في عالم التقنيات الحديثة.

سابعًا – النزوح السوري

  1.    يعتبر المؤتمر العام أن مسألة النزوح السوري الى لبنان قد بدأت عام 2011 قضية إنسانية – إجتماعية لتتطوّر مع الوقت فتصبح أزمة سياسية وقومية بامتياز.

درس المؤتمر العام التداعيات المتراكمة لمسألة النزوح والتخبط الذي وقع فيه لبنان الرسمي من جراء فقدان القدرة وغياب الارادة في وضع السياسات الضرورية لمعالجة هذا الموضوع.

  1.    فبات النزوح السوري الى لبنان يشكّل التّحدي الكياني السابع لإصابته هوية لبنان في تركيبتها وخصوصيتها وطبيعتها.
  2.    ردّ المؤتمر بالتذكير بالمواجهة السياسية والقانونية التي قام بها حزب الكتائب اللبنانية لدرء خطر هذا النزوح. فهو من ساهم في دفع أصدقاء لبنان دوليًّا الى وضع مسألة النزوح على رأس سلّم الأولويات، وكان سبّاقًا في دعوة دولة الاتحاد الروسية للمبادرة مع باقي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لضمان أمن العودة الآمنة والطوعية للسوريين.

وخلص حزب الكتائب اللبنانية أن ربط العودة بموضوع إعادة الإعمار أو بموضوع الانتقال السياسي في سوريا أو بموضوع تطبيع العلاقات السياسية بين لبنان وسوريا، هو حجة لإبقاء النازحين في لبنان على حساب لبنان. وهذا ما لا قدرة للبنان على تحمله.

وذكر بمواجهة حزب الكتائب القانونية أمام المجلس الدستوري في ردّ المادة 49 معدلة في قانون الموازنة العامة والتي هي مقدمة لتوطين النازحين عند منحهمحقوق الاقامة من ثم بطبيعة الحال، حقوق اقتصادية واجتماعية وصولاً الى حقوق مدنية وسياسية لاحقًا.

  1.    لذلك يوصي المؤتمر:

‌أ.       بتشكيل لجنة وطنية لبنانية توحّد الموقف الداخلي حول مسألة النازحين وتكون مهمتها متابعة هذه القضية مع كلّ عواصم العالم شرقًا وغربًا.

‌ب.دعوة مجلس الأمن الى المبادرة وخلق مناطق آمنة في سوريا في ظل حماية دولية، لتسهيل العودة المرحلية والممنهجة.

‌ج.   تطبيق القوانين اللبنانية بالنسبة لعمل النازحين واللاجئين في لبنان.

في التوصيات الاداريـــــة

ان الكتائب حزب متجدّد تنظيميا ًيتفاعل مع الحاجات والمتطلبات إنطلاقـا ًمن المصلحة الحزبيـة والوطنية على قاعدة ثوابت رسمها منذ نشأته.  فالـ82 سنة من صفحات نضاله هي صفحات مجد كتبت بدماء وعرق ودموع.

 عشرات الاَلاف من المناضلين والمناضلات بنوا هذا مجد الحزب في كافة الميادين: الوجودية، الوطنية، السياسية، الإقتصادية، الإجتماعية، الطلابية، العمّالية، المساواة بين الجنسين، مكافحة الفساد والتصدّي للمفسدين، الدفاع عن حقوق المواطن في كافة المجالات… لذا من الطبيعي بعد هذه المسيرة الطويلة أن تظهر في البنية الحزبية بعض الثغرات الواجب معالجتها.

لذا أوصى المؤتمرون بالعودة الى الجذور في الأمور المبدأية والتي تمثّل حجر الزاوية في فكر و نضال الكتائبيين على الدوام و التي ترتكز على:

o      الإستقلال الناجز والسيادة المحققة

o      تعزيز فكرة الوطن/ الأمّة : عبر تظهير الوظيفة العالمية والأقليمية للبنان

o      بناء دولة المواطنة وعمادها مواطن مسؤول متحرر

o      حزب له الدور الريادي في كلّ ما سبق

وأقرّ المؤتمرون أنّ المؤتمر هو محطة أساسية لتثبيت هذه العودة الى الجذور في الأمور المبدأية، كما في اعادة توصيف دور الكتائبي في حزبه، في المجتمع وفي بناء الدولة ومؤسساتها.

  •         ويرتكز دور الكتائبي في حزبه على:

o      الإلتزام

o      الإنضباط

o      الروح الرفاقية والتعاضدية

o      الروح النضالية الرسولية

o      المشاركة الفعلية بالأفكاروبالعمل

o      السعي الحثيث لتحفيز الدعائم الفكرية والثقافية في الحزب. فالحزب الفاقد للفكر أو الثقافة هو جسم خال من الروح و يسير حتما الى الهلاك.

  •         كما ثبّت المؤتمرون الأقانيم الثلاثة المقدسة في العمل الكتائبي:

o      تعدد الأفكار وتعزيز الديمقراطية لتكوين القرار الكتائبي

o      الدقة والإنضباط الصارم في التنفيذ بعد أخذ القرار

o      تقييم القرارات بعد تنفيذها كوسيلة فضلى لتحسين الآداء مستقبلا

  •        أمّا دور الكتائبي في المجتمع – فهو في المبادرة والقيادة في:

o      تكوين الشخصية المجتمعية للمواطن ووجوب ارتكازها على الصدق والنزاهة

o      نشر قيم التعاضد الإجتماعي في كافة المجالات

o      تعزيز الفكر والثقافة كأحد المقوّمات الأساسية المكوّنة للشخصية المجتمعية

  •        أمّامن ناحية دور الكتائبي في تطوير مفهوم المواطنة – فهو في المبادرة والقيادة في:

o      احترام القوانين و الأنظمة

o      المشاركة الفعّالة في الحياة العامة (السياسية والنقابية) على المستوى المحلّي وعلى المستوى الوطني

  •        لذا دور الكتائبي في الدولة ومؤسساتها يكون عبر:

o      الإنخراط في المؤسسات الرسمية على المستوى المحلّي وعلى المستوى الوطني

o      الإنخراط في الأسلاك العسكرية والأمنية.

o      القيام بعملية الإصلاح إنطلاقا من المناقبية الكتائبية.

o      الخدمة العامة شرف وواجب وهي خدمة للناس وليست للتسلّط عليهم

  •        فالكتائبي ينطلق من حزبه لـ:

o      التأثير على المجتمع في كافة المجالات

o      القيادة في الوطن عبر المشاركة الفعّالة في الحياة العامة

o      الانخراط في كافة مؤسسات الدولة ليخدم الوطن والمواطن رافضا التسلّط والفساد واللافساد ولتحقيق هذه الأهداف القصيرة، المتوسطة والبعيدة المدى توجب اعادة التقييم للهيكلية الحزبية الحالية واقتراح بعض التعديلات علما أنّ الحزب طوّر عبر تاريخه الطويل واحدة من أفضل الهيكليات على الإطلاق. لكنّ تطوّر وسائل الإتصال والأساليب الادارية تحتّم امّا ترتيب التواصل ما بين الوحدات بطريقة معدّلة وامّا اضافة وحدات جديدة للقيام بمهام لم تعطَ الأهمية المطلوبة في السابق. في كلّ الأحوال ما طرحته الأمانة العامة هي رؤية واضحة ذات آلية تطبيق متحركة وغير جامدة.

وبما ان استمرار الكتائب ســرُّ مفاده الالتزام والانضباط والمناقبية الحزبية على أساس الحريـــة والعدالة ومحافظتها على الأمانة التي تسلّمتها عبر أجيال من المناضلين لاسيما شهداءها والمصابين والمعتقلين من الرفاق وزيادة التعاضد عندما تدعو الحاجة.

وبما ان مغتربي الكتائب مصدر دعمها وانتشارها في المسـكونة، وطلابها وشبابها سرّ حيويتها الدائمة والرياضة ذودها عن الاخلاق وعن المس بالمحرمات ومتحفها ذاكرتها لمن أراد أن تخونه الذاكرة.

وبما ان الديمقراطية مشـاركة مسـتمرة في صنع القرار.

وبما ان التطوير والتجدد وتأمين حسن التواصل بين القـاعدة الكتائبية والقيـادة تقتضي تعديلات تطال النظام العام للحزب وأنظمته الداخلية وهيكليته التنظيمية.

وبما ان الحالة الراهنة في البلاد تقتضي نشاطًا أفعل يحاكي هموم الناس ومشاكلهم اليومية الحياتية على كافة الصعد بدأً بالخلية الاساس “الاقسام الكتائبية ” وإنتشارها في أوســـــع مســــاحة من لبنان المقيم والمغترب.

  •        أقرّ المؤتمر بالتصويت بندًا بندًا على بعض التعديلات الواردة على النظام العام وفق الجدول المرفــــــوع الى المؤتمر من قبل المكتب السياسي بواسطة الامانة العامة كما على بعض الأنظمة الخاصة لتصبح أكثر تلاؤما ً وتكاملا ً بينها وأكثر إنتاجية وفعالية.
  •        أوصى المؤتمرون بانجاز بطاقة حزبية جديدة يقترن الحصول عليها عبر نموذج جديد يقوم من خلاله الكتائبي الراغب باعلان ولائه مجددا وصراحة للحزب. على أن تستمر هذه العملية لمدة سنتين تقريبا لاعطاء الوقت الكافي لجميع الكتائبيين ان يبدوا الرغبة أو عدمها. وعند انتهاء العملية، تتم تثبيت قاعدتي بيانات، واحدة للكتائبيين المجددين وواحدة لغير المجددين حيث يبنى على الشيء مقتضاه.
  •        كما أوصى المؤتمرون بانجاز أطلاق أعمال القسم النموذجي في كافة الأقاليم والمناطق على أن يطلق أقلّه قسم نموذجي واحد في كلّ أقليم قبل انعقاد المؤتمر العام العادي القادم. والقسم النموذجي المقترح هو الذي يقدّم للرفاق كما للمواطنين خدمات حياتية، ثقافية، اجتماعية الخ…
  •        عدم التهاون حيال الانضباط والالتزام والمناقبية الحزبية وتطبيق الانظمة المسلكية المرعية الاجراء .
  •        ايلاء المصالح الجماهيرية والندوات وخصوصا ًالطلاب والشباب والحركة الكشفية والعمال والمعلمين والاساتذة والمرأة الدعـــــم الوافي وصولا ً الى تفعيـــل وتعزيز العمـــل النقابي وكلّ القوى الحيّة في المجتمع.
  •        تعزيز دور الاكاديمية الكتائبية التي تزيد الكتائبيين معرفة واطلاعا ًوثقافــــــة سياسية وتسهل المشـــاركة الفعليــــة والمسؤولة في التهيئــــة لقرارات سياسية فتمتزج المعرفــــــــة والاخـلاق معـــا ًشرطا ًاساس في تبؤ مسؤووليات حزبية عملا ً بمبدأ “الانسان المناسب في المكان المناسب”.
  •        إستكمال التطوير الرقمي للحزب لترشيد الادارة وزيادة فعالية الأجهزة والوحدات الحزبية.
  •        التعاون والتنسيق والتكامل بين الكتائب المقيمة والكتائب المغتربة مع مراعاة خصوصية كل منطقة من بلاد الاغتراب اذ لكل منها قوانينها وأنظمتها الالزامية كما التحضير لمؤتمر عام للإنتشار يقترح اعادة تعديل أو إعادة صياغة نظام الهيئة الاغترابية الحالي بما يتناسب مع تطور حالة الاغتراب الكتائبي وينسجم مع النظام العام للحزب.
  •        السماح للمغتربين الكتائبيين الدخول الى أحزاب في البلدان المنتشرين فيها ما يعزز دور الحزب في المحافل الدولية كما إنخراط الكتائبي في الشأن العام حيث يقيم سـيّما وإن من طبيعة اللبناني الابداع.
  •        اعتماد الروزنامة الكتائبية على مدار السنة وتكريس تواريخ ثابتة للإحتفال والذكرى بمناسباتٍ كبرى كـ “يوم الشهيد” في 13 نيسان.
  •        إيلاء مصابي الحرب الكتائبيين وشهدائنا وعوائلهم كما المعتلقين الخارجين من معتقلاتهم الاهتمام والرعاية والتكريم، كما متابعة مسـألة اللبنانيين المعتقلين في الســجون الســـورية بخاصة الرفيق بطرس خوند وعدم التغاضي عن المبعدين من “القرى الجنوبية” قسـرا ً الى إسـرائيل والسعي الى عودتهم الآمنة .
  •        إطلاق “متحف الإستقلال” وتفعيلهِ كحاضنٍ للذاكرة الوطنية عبر مراحل الإستقلال المستمرّة حتى اليوم.

وفي الخلاصة،

يوصي المؤتمر الرئيس والمكتب السياسي بوضع خارطة طريق انقاذية للبنان انطلاقًا من المعارضة الوطنية تمهيدًا لطرح بديل جدّي في المستقبل، لأن في ذلك أمل حقيقي للبنان واللبنانيين”.