مجتمع
الأحد ٤ آب ٢٠١٩ - 08:51

المصدر: صوت لبنان

جمعية Y4C تجول مع أهل الإعلام في البترون تحت عنوان تنضل هون

في اطار نشاطها الموسمي دعت جمعية Y4C، أهل الصحافة والإعلام والناشطين على التواصل الإجتماعي، إلى جولة بيئية سياحية في جرد البترون، للتعرف على القرى المميزة التي يضمها هذا القضاء وقصص النجاح التي يحيكها أهل تلك البلدات بإمكانياتهم الخاصة.

الجولة بدأت في ساحة بلدة بشعلة و”ترويقة” على طريقة “ستات الأخوية” اللواتي استقبلن الضيوف بالزغاريد والتأهيل، فكانت كلمة لكاهن الرعية الأب أنطوان مارون رحب فيها بالحضور، شاكرًا اياهم على كل الجهود التي تبذل من أجل الإضاءة على الحياة الريفية وأبرز الأنشطة التي تقوم بها المجتمعات المحلية.
وتشارك الجميع فطورًا من منتجات بلدية، من أرض البلدة وخبز الصاج التراثي والمناقيش والفطاير البلدية التي أعدّتها “الستات” بكل حب وفرح، فشعر الجميع بجو الألفة الذي يجمع أهل البلدة.

بعدها كان التجمع للانطلاق في رياضة السير على الأقدام في الطبيعة، مع مجموعة “دروب بشعلة”، والدروب هذه سبع، يقود كل درب منها إلى معلم سياحي أو أثري وسط طبيعة خلابة حرجية نقية. وقبل الانطلاق شرحت السيدة رانيا جعجع خواجة، مؤسسة جمعية دروب بشعلة، تاريخ تأهيل هذه الدروب، وأهميتها البيئية والسياحية والتاريخية. فيما خصّص الدليل باتريك الهاني كلمته لتزويد الضيوف بإرشادات تقنية تتعلق خاصة بشروط السلامة والوقاية أثناء المشي.
الجميع انطلق على “درب قلعة الحصن بشعله” وهي درب وعرة تجتاز الاراضي الزراعية والحرجية في البلدة لتنتهي المرحلة الاخيرة فيها والأكثر صعوبة، عند قلعة الحصن – بشعله. وهي أنقاض قلعة قيد التنقيب، يحكي المؤرخون عنها قصصًا كثيرة أبرزها أنها كانت معبدا لتقديم الأضاحي في العصور الكنعانية الفينيقية القديمة، كونها موجودة على تلة مرتفعة جدا، لأنه في تلك الأزمنة كانت هذه الأماكن تعتبر الأقرب إلى الآلهة. تطلّ قلعة الحصن على الساحل اللبناني من عكار حتى جبيل، كما يمكن للواقف في موقع القلعة ان يرى جزيرة الأرانب وقسمًا من الساحل السوري.
بعد استراحة قصيرة تحت الصليب الموجود على تلة القلعة، عاد الزوار أدراجهم نحو البلدة لتكون استراحة الغداء الذي أعدّ بمجمله من المنتوجات المحلية، في منزل رئيس الجمعية التعاونية في بشعله جان رزق، وقد أعدت التعاونية معرضًا لأبرز منتوجات المنطقة الزراعية، فكان عرض لكيفية إعداد كبد البط الـ Foix gras من منتجات مزارع مار يعقوب في بشتودار البترونية ومختلف الطبخات التي تعتمد البط كأبرز مكوّناتها.
كذلك قام السيد جواد العشّي بعرض زيت الزيتون N’or الموضب بطرق حديثة والذي يعتنى بزيتونه حسب معايير الزراعات العضوية الطبيعية، إضافة إلى ذلك كانت مناسبة لتذوق العرق البلدي الأصيل من منتجات السيد سليمان جعجع الذي يقوم بتقطيره بيديه على الطريقة القديمة، كما قام الحاضرون بتذوّق نبيذ Sept الذي يقطف ويعصر في بلدة نحله البترونية، هذه التجربة الجديدة للشاب ابن البلدة بيتر حرب كان لها وقع كبير في سوق النبيذ اللبناني لناحية الجودة والطعم الرائع لهذا النبيذ البلدي. واستكملت جولة المعرض أمام الأشغال اليدوية “الأرتيزانا” للسيدة ايفا الشدياق التي أدهشت الحضور بجمال ما صنعته أيديها.
وكانت كلمة لرئيس جمعية Y4C جيلبير رزق أكد فيها بداية شكره الكبير لكاهن رعية مار اسطفان بشعلة الأب أنطوان مارون ورئيس بلدية بشعله المهندس رشيد جعجع، وهيئة الوقف والمجلسين البلديين في كل من بشعله ودوما، ومخاتير البلدتين ورئيسي النادي الرياضي في بشعلة ودوما وكل الهيئات الأهلية في البلدتين. وأضاف: “إن قرانا هي أمانة في أعناقنا ونحن مؤتمنون عليها لنسلمها لأولادنا أفضل مما هي عليه الآن. وما الدرب الوعرة التي سلكناها في مشوارنا إلى القلعة اليوم إلا دليلا على النضال والتضحيات الكثيرة التي بذلها أسلافنا لتتحول هذه الجبال إلى أرض خيّرة تأوي المضطهدين وتطعم الكثيرين. وهذا يحتّم علينا مسؤولية كبيرة نتشاركها وإياكم للحفاظ على هذا الإرث الثمين وتحصينه #تنضل_هون ولتعود مناطقنا وتنهض من جديد مع الحفاظ على طابعها البيئي والريفي الذي لطالما تميزت به هذه القرى”.
بعد استراحة الغداء كانت المحطة في البلدة المميزة دوما المعروفة بقرميد منازلها وأسواقها التاريخية وعراقتها كونها ثاني بلدية تاريخيا في لبنان، خصوصا وأن دوما كانت تعتبر صلة وصل بين الساحل والجرد، ومركزا اداريا وتجاريا ازدهر في اواخر القرن التاسع عشر، حيث شهدت حركة عمرانية لافتة تعود أسبابها بشكل أساسي إلى أموال المغتربين الدومانيّين، خصوصًا في أميركا اللاتينة واستراليا، التي تدفقت إليها.
المحطة الأولى المركز البلدي في دوما وجولة تاريخية سريعة على تاريخ البلدية والرؤساء الذين تعاقبوا عليها وأبرز النشاطات الحالية، بعدها جال الضيوف في سوق دوما التاريخي واستمعوا إلى شرح المتخصص في الشؤون السياحية والمسؤول عن تسويق دوما سياحيا باتريك شمّاس، حيث كانت لهم محطة في سينما دوما وهي من الأقدم في لبنان، وهي لا زالت تستخدم لعرض الأفلام الثقافية والتاريخية في البلدة.
ثم انتقل الجميع إلى النادي الرياضي في دوما الذي شهد تطورا كبيرا خلال الأعوام المنصرمة فكانت في استقبال الحضور رئيسة النادي السيدة صباح معلوف التي شرحت أبرز إنجازات النادي والتوسع الذي شهده.

بعد دوما والصور التذكارية عاد الجميع بالباص إلى بشعلة، حيث لا بد من وقفة عند زيتونها الأثري الذي أكدت الدراسات أن عمره تجاوز الـ 2043 سنة بحسب آخر التحاليل المخبرية، فيما يؤكد كبار البلدة أن الخزعة التي أجريت عليها التحاليل هي من القسم الظاهر للزيتون، أما جذوره المتشعبة تحت الأرض فقد يصل عمرها إلى 6 آلاف عام.
وختام الجولة كان في دير مار ضومط الأثري في بشعله المسيج بالسنديان المعمر ويقدر عمر أشجاره بالـ 600 عام، أما الكنيسة فقد بنيت على أنقاض معبد وثني ما يشير إلى قدمها.
وعلى تلة مار ضومط المميزة التي تطل من على ارتفاع 1200 متر على ساحل البترون، حمل كل مشارك في النشاط غرسة أرز وزرعها باسمه فتنشارك الحضور متعة إعادة تشجير لبنان والحرص على توسيع حجم ثروته الحرجية وتنميتها.
ثم انتقل الجميع إلى تناول الطعام في الطبيعة، وقد أعد المجلس البلدي حفل استقبال تخلله مشاركة The three Brothers وهي مجموعة شباب نجحت في فرض اسمها بسرعة قياسية في عالم تصنيع مشروب الـ Gin ، الذي يصنّع في بلدة سمار جبيل البترونية، هذا التحدي الذي انطلق به الشبان الثلاثة تحوّل محط أنظار الكثيرين لجودته ومذاقه الرائع إضافة إلى جمال توضيبه وذكاء تسويقه بأفكار خلّاقة. فكانت جلسة تبادل أحاديث وأنخاب تابع في خلالها المدعوون مشهدا ساحرا لغروب الشمس على وقع أنغام الموسيقى الجميلة وقد افترشوا الطبيعة الخلابة التي احتضنتهم.
وختاما كانت كلمة لرئيس بلدية بشعله المهندس رشيد جعجع شكر فيها الحضور معدّدا إنجازات البلدية على المستويين الإنمائي والبيئي، متمنيا أن يعود المشاركون في مناسبات أخرى للإطمئنان إلى صحة أرزاتهم التي غرسوها، داعيا الإعلام إلى “المشاركة في حمل الأمانة، ليصل الصوت، لتتمكن البلدة من تنفيذ هذه المشاريع والوصول لهدف بشعله خضرا في العام 2030”.