محلية
الجمعة ٣ نيسان ٢٠٢٠ - 14:02

المصدر: أساس

محمّد جواد خليفة يرفع الصوت لـ “أساس”: إستعدوا لسيناريو كورونا الأسوأ

كالبورصة “تلعب” هواجسنا مع “عدّاد” الموت اليومي، ترتفع نسب التفاؤل وتنخفض تبعاً لمؤشر عدد إصابات مرضى الكورونا، ووفقاً للتقرير اليومي الصادر عن مستشفى رفيق الحريري الحكومي. هكذا نحسب أسداس الحالات الجديدة بأخماس الوفيات وأرباع أعداد الفحوصات، فنحزن ونفرح من أجل رقم، مع عودة حالة الفوضى في الشوارع اللبنانية… وإذ بهذا الرقم مجرّد رقم وليس معياراً سليماً للتشاؤم أو عدمه. وقد يؤسس مع انخفاضه لسيناريو قد يكون الأسوأ، فأين تكمن الحقيقة؟

قالها بالأمس رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى رفيق الحريري محمود حسون في حديثٍ تلفزيوني: “لسنا بألف خير ونتخوّف من الوصول إلى الذروة كما حصل في إيطاليا”… تصريحٌ كان كفيلاً بقلب معدّلات الاطمئنان المحلّي رأساً على عقب، وإجبار اللبنانيين على إعادة النظر بحساباتهم وحسابات وزارة الصحة العامة على حدٍّ سواء، والسؤال الذي يطرق رؤوس اللبنانيين: أين لبنان من السيناريوهات الكورونية المرعبة حول العالم؟ وما هو ترتيبنا؟ وماذا بعد 12 نيسان؟!

وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة لا يرى في هذا الكلام تهويلاً إعلامياً لتحفيز الناس على الالتزام بتدابير التعبئة العامة بعد كسرها في المرحلة الاخيرة، بل يراه جديّا إلى أقصى الحدود: “فالتزام الناس شيء، والكلام العلمي شيء آخر”. ويؤكد في حديث لـ”أساس” أنّ هذا الكلام علمي بحت لأنّه ناتج عن المستشفى الوحيد الذي لديه معطيات في هذا الإطار: “وما حصل في كلّ الدول متوقّع أن يحصل في لبنان”. وقد سمعنا يوم أمس بوفاة سفيرة الفليبين في لبنان، ولم يكن أحد يعلم بإصابتها في الأساس.

يعود خليفة ويذكّر بأوّل تصريح أدلى به عبر موقعنا “أساس” لحظة الإعلان عن أوّل إصابة كورونا في لبنان، ويقول: “كما قلت في أوّل يوم، وأكرّر اليوم وأشدّد كلّ يوم، على ضرورة إجراء الفحوصات في كلّ المناطق”. والهدف هو تجميع الداتا المطلوبة، والتعرّف على خريطة تفشّي الفيروس والتعامل معه وكيفية الخروج منه.

الوقت الذي مررنا به، برأي خليفة، كان فرصة لتحضير قاعدة التصدّي السريع لأنّنا كنا نعرف بأنّنا سنصل إلى هذه السيناريوهات: “وهذا ما لا يختلف عليه اثنان”. فالمشكلة أن قاعدة المعلومات موجودة في مستشفى رفيق الحريري فقط، وهو المستشفى الوحيد الذي يقوم بالفحوصات لقسم جغرافي محدّد، وليس لكلّ لبنان “وأكرّر إنّ وجود قاعدة كبيرة من بيانات الفحوصات هي التي تساعد على اتخاذ القرار، وهذا غير متوفّر اليوم في لبنان، فلا داتا  تسمح لنا بالتنبؤ بما يمكن أن يحصل”.

وبإزاء هذا الواقع، عن أيّ عدد إصابات محتمل نتحدث في الأيام المقبلة في لبنان؟

يؤكد خليفة أنّه لا يمكن معرفة العدد، لأنّ المعلومات التي بين أيدينا غير كافية كما أسلفنا، وهناك 5  محافظات لا فحوصات فيها. والفحوصات مهمّة جداً لاتخاذ القرار وليس لعدّ المرضى: “فعدّ المرضى بلا طعمة”. ونحن لسنا في حرب لنعدّ الجرحى والقتلى، بل عملنا يجب أن يتركّز على تأمين قاعدة معلومات نبني عليها القرار الصحيح لمعالجة الأزمة، لأنّ نشرة الأرقام اليومية تتعلق بالمستشفى ولا تعكس الوضع الصحي في البلد كلّه. فإجراء الفحوصات في كلّ المناطق بشكل دوري، والطلب من المستشفيات الخاصة أن تكون جاهزة للمعركة من اليوم الأول، كان أساساً للتمهيد لمرحلة أكثر أمناً من فيروس كورونا: “لكنهم أضاعوا الكثير من الوقت”.

ويلفت إلى أنّ “هذا الفيروس لا بدّ أن يأخذ مداه، ولا يمكن أن ننكر بأنّ هناك أناساً فعلاً مستهترون، وهناك حالة من الفوضى، لكن يجب أن يعرف هؤلاء أن لا نظام صحياً في لبنان يستوعب أعداد إصابات كبيرة”.

لكن ماذا بعد 12 نيسان، التاريخ الذي يعوّل اللبنانيون أن يكون خاتمة أحزانهم الكورونية؟ يجيب وزير الصحة الأسبق: “صلّي لربّك، اليوم مع هذه القدرات العلمية ربما ننتظر القدرة الإلهية، ويجب أن نستعدّ للواقع كغيرنا من الدول”.

وتوقّع خليفة التمديد لحالة التعبئة العامة بعد هذا التاريخ: “فهو تمديد تفرضه الأزمة كلّ فترة، لكن ليس بإمكانهم إعلان الحظر لثلاثة أشهر دفعة واحدة، فالأميركيون قالوا إنّ أمامنا شهراً ونصف الشهر لتخطّي الأزمة، والبريطانيون قالوا إنّ أمامنا شهرين من الأصعب، فبناءً على ماذا ستنتهي الأزمة في لبنان  في 12 نيسان؟”. ويتابع خليفة: “أمام لبنان ما لا يقلّ عن شهرين أو ثلاثة ليعود إلى حياته الطبيعية، بانتظار فحوصات لدورية تؤكد خلوّ المناطق من الإصابات على مدى أسبوعين متتاليين، وعلى أساسها يُرفع الحظر ويُعلن عن عودة الحياة إلى طبيعتها”.

ماذا عن الدراسات العالمية، ورحلة البحث عن علاج لكورونا. يجيب خليفة: “كلّ ما يجري على المستوى العالمي حتّى الساعة هو علاجات وأبحاث تجريبية، لا تستند إلى أبحاث مقنعة، وكلّ الأدوية التي يتحدّثون عنها هي أدوية لم يخترعوها بل كانت موجودة في المخزون ويحاولون صناعة “كوكتيلات” ليجرّبوها على المرضى. بعض المؤشرات في مراحل معيّنة من المرض كانت إيجابية لكن لا بحث علمياً مكتملاً لنبني القرار عليه ولا دراسات كافية لنبرّر استعمال هذه الأدوية ونتقبّل ضررها الجانبي”.

أما اللقاح، “فلا شيء حتّى الساعة يدلّ على أنّ البحث عنه بات في مراحل متقدّمة، وهو وإن تمّ اكتشافه، فما عاد ينفع لمرضى اليوم، ولا يمكن أخذ جرعات اللقاح إلاّ في أيلول وتشرين الأول لحمايتنا في السنة المقبلة لأنّه سيكون لحمايتنا من الفيروس في العام التالي في حال لم يطوّر الفيروس نفسه”.

ويختم خليفة حديثه بالتشديد على ضرورة البدء بإجراء فحوصات على امتداد لبنان، والتحضير لمرحلة الخروج من الفيروس: “فالدول بدأت اليوم بوضع دراسات للخروج من المرض لأنّ استمرار الفيروس لأربعة أشهر مثلاً قد يعرّض كوكب الارض كلّه للمجاعة فكيف ببلد مثل لبنان؟”.

على هامش المقابلة، سألنا خليفة عن السؤال الذي يشغل بال كثيرين، وإن كان فعلاً فيروس كورونا يعيش في الهواء، وكان جازماً بأنّ كلّ الدراسات تؤكد أن الفيروس ينتقل بالرذاذ وتسافر هذه الجزيئات لمدى أبعد في الهواء تبعاً للظروف، وتبعاً لوزنها وسرعة الهواء والمكان نفسه، لكن بالتأكيد أنّ “الفيروس مش داير بالهوا وعم يكزدر”، بل هذه الجزيئات يمكن أن تسقط على بعد نصف متر أو أكثر أو على بعد سنتيمترات قليلة وذلك تبعاً للظرف والمكان.

بعد هذه السطور التي تدبّ الرعب في قلوب كلّ من لديه جزيئات قيلة من الوعي، ندقّ مع خليفة جرس الإنذار على مسامع المعنيين لإعلان حالة طوارئ في الفحوصات الطبية كي تشمل مناطق لبنان كافة، وإن كان كورونا من خلفنا فالمجاعة من أمامنا، ووحده الوعي سبيلنا إلى الخلاص، وإلا فالمصير الإيطالي سيكون قدرنا المستعجل.