خاص
play icon
الجمعة ١ شباط ٢٠١٩ - 08:55

المصدر: صوت لبنان

نشرة أخبار الثامنة والربع: بعد سَكرة التأليف جاءت فِكرة التآلف

من دون أيّ تسرّع، ومن دون لفّ ودوران يمكن القول ان مكتوب الحكومة العتيدة يُقرأ من عنوانه. بعد ثمانية أشهر وستّةِ ايام وُلدت الحكومة التي كان يمكن ان تولد هي ذاتُها بكل تناقضاتها ، وبكل المولوتوف السياسيّ المتفجّر الذي تضمّه ، بعد اسبوع من اجراء الانتخابات النيابيّة في ايار من العام الماضي . وعليه يمكن من اليوم حجبُ الثقة ، عن حكومة لا توحي بالثقة .

بلغة الأرقام ايضاً تمّ اهدارُ مئتين واثنين وخمسين يوماً في ورشة التأليف ، كلّفت الاقتصاد اللبناني المليارات من الأضرار المباشرة وغير المباشرة ، فمَن يحاسب ، وكيف ؟ والسؤال ايضاً : ما الذي جرى حتى صار التأليف ممكناً ، ولماذا لم يتحرّك المعنيوّن امام خطر التحوّلات الهائلة الجارية في المنطقة ، وانعكاسات الحرب السورية ، والأزمات الاقتصاديّة والتصنيفات السلبيّة للاقتصاد اللبناني ؟ ولماذا هبط فجأة وحيُ التأليف ؟ انجاز الولادة الحكوميّة على ايّة حال، اطلق حسابات الربح والخسارة .

الرابحون في السياسة معروفون ومحدّدون ، وعلى رأسِهِم حزبُ الله الذي فرض تمثيل اللقاء التشاوريّ ، وانتزع وزارة الصحّة ، على الرغم ممّا تردّد عن وجود فيتو اميركي على هذا الأمر . ومعه كوكبةُ الحلفاء لا سيّما امل وتيّار المردة الذي احتفظ بحقيبة الأشغال .

والخاسرون في السياسة معروفون كذلك . من الرئيس سعد الحريري الذي اعلن من اليوم الأول ان اللقاء التشاوري لن يُمثَّل ونقطة ع السطر ، الى النائب السابق وليد حنبلاط الذي قَبِل بتعدّديّةِ التمثيل الدرزي ، وصولاً الى القوات اللبنانيّة التي بقي مسلسل تنازلاتِها وتسهيلاتِها حتى اللحظة الأخيرة . وكان يمكن اضافة التيّار الوطنّي الحرّ وفريقُ رئيس الجمهورية الى لائحة الخاسرين نسبيّاً ، لولا اعلان الوزير جبران باسيل ليلاً ان فريقه حصل على احد عشر وزيراً ، هم على ما يبدو حصّة التيّار والرئيس ، اضافة الى الوزير الدرزي الثالث صالح الغريب .

هذا الأمر يطرح اكثر من سؤال حول التوازنات الغامضة داخل الحكومة ، اضافة الى تموضع وزير اللقاء التشاوريّ ، ولونِه السياسيّ الضائع بين البرتقالي والأصفر . ومن خارج السياسة الخاسر الأكبر هو اللبنانيون ، الذين امضَوا الليل ، وهم يتابعون اعلانَ اهل السلطة النجاح في تأليفٍ كان يمكن ان يكون قبل ثمانية اشهر .

بعد سَكرة التأليف جاءت فِكرة التآلف المطلوب من مجموعات سياسيّة متضاربة المصالح والأهواء ،ستقيم تحت سقف حكومةٍ وفاقيّة . التآلف يبدو صعباً حتى الساعة ، واولى الاشارات الى ذلك ، اعلان النائب السابق وليد جنبلاط ان المعركة بدأت لتصحيح الخلل ورفض الهيمنة ومحاولة عودة التوازن والتصدي لنهب البلد . فأيُّ توافق ممكن مع هدير المعارك ؟ وبالتالي كيف يمكن لحكومة مشلّعة ان تنجح بالتصدّي للاستحقاقات ، وهي كثيرة ؟ الحكومة فعليّاً هي حكومة سيدر اولاً واخيراً باعتبار الاصلاحات الاقتصاديّة والاداريّة المطلوبة تشكلّ الاستحقاق الأبرز امامها ، ولا مهرب منها . عورات التأليف الحاصل ، حجبت انجازاً جندريّاً كبيراً ، هو الحضور النسائي في الحكومة الذي جاء بمواصفات اوروبيّة عالية ، فضمّت اربع نساء بينهنّ وزيرة للداخليّة .

لكن ، حتى هذا الانجاز لم يمرّ من دون خدوش ، مع استحداث وزارِةِ دولة لشؤون التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للشباب والمرأة ، سارعت الوزيرة فيوليت خيرالله الصفدي الى الاعلان انهاستناقش تغيير اسم الوزارة مع رئيس الحكومة . وفي المقابل ، طارت من الحكومة وزارةُ الدولة لمكافحة شؤون الفساد ، كأنّ المهمّة أُنجزَت وصار البلد من دون فسادٍ وفاسدين .