محلية
الأربعاء ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤ - 14:29

المصدر: النهار

الشيخ الصايغ في رسالة الى الموحدين الدروز: نحذر من أي ‏استفزاز يؤدي إلى فتنة

وجّه المرجع الروحي الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ رسالة ‏الى أبناء طائفة الموحدين الدروز انطلاقا من الواقع الذي ‏تشهده البلاد والجبل.‏

وقال فيها: “إننا اليوم في محنة لا تنتهي إلا إذا عدنا جميعا إلى ‏العقل والضمير، وإلى الله! فله السؤال – ما نسأل – لا عن ثقة ‏بحسن أفعالنا، وسوالف إحساننا، وإنما عن ثقة بكرمه الفائض، ‏وطمعا برحمته الواسعة. فهو سبحانه حافظ الأسرار، ومسبل ‏الأستار، وواهب الأعمار، ومنقذ الأبرار. وهو عز سلطانه لنا، ‏وإن لم نكن لأنفسنا، فهو أولى بنا منا. فليس من المهم مدى ‏سوء ما نواجه، بل الأهم هو أن نواجه كل الصعاب وكل الآلام ‏دون التفريط في تماسكنا وثباتنا على مبادئنا”.‏

‏ ‏

وأضاف: “أن مشيئة المولى عز وجل نافذة، وأن أي فرد مهما ‏كان دوره، ومهما بلغ إسهامه، هو أداة لإرادة الله، وليس هو ‏صانع هذه الإرادة. فنحن وإن نملك خياراتنا، لكن من منا يملك ‏مقاديره؟ وبعد،إن مرجعية أي خيار هو العقل، وليس أجلى ‏للعقل من الهدى، وليس أقرب إلى الهدى من الصواب، وليس ‏أضمن للصواب من الحق، وليس أجدر بالحق إلا الذين ‏انطوت في نفوسهم القيم التوحيدية.ما هو معلوم، أيها الإخوة، ‏أن الوضع القائم في البلاد ليس ما كنا نريده أو نتمناه. ولكن ‏كلي ثقة بأن طائفة الموحدين الدروز، التي ساهمت على مر ‏التاريخ بمواردها الإنسانية والثقافية في صوغ حضارة لبنان، ‏لن تتخلى عن دورها ومكانتها في الإجماع الوطني العام، ‏والإجماع العربي العام. وكلي ثقة بوطنية أبنائها، وجدارتهم – ‏مهما اشتدت الظروف وقست – في حمل القيم المعروفية، ‏والتي نهج عليها السلف الصالح. وبهذا كانت منجاتهم. وفي ‏التاريخ عبرة لأولي الألباب”.‏
‏ ‏

وتابع: “إنطلاقا من الواقع الذي تشهده البلاد والجبل على ‏وخصوصا، وحرصا منا على ألا تحيد خياراتنا عن نهج ما ‏سلف من الأعيان، فإننا نجدد التمسك بخياراتنا تحت مظلة ‏القيم لأن مقادير الأمم بأخلاقها: أولها، إن الدفاع عن الأرض ‏حق وواجب مقدس، وإذا كان تمسكنا بهذا الحق – إنطلاقا من ‏قيمنا – فإنه من غير الجائز أن نستنكره على الآخرين. ولنعلم ‏أن لبنان شارك في نشأته مجتمعات متعددة ومتنوعة، وكلها ‏أعطت وزودت، وكلها أضافت وزادت، وكلها أغنت وأثرت، ‏فإذ به صيغة شراكة إنسانية حقيقية وكاملة. وعليه فإن أي ‏اعتداء يطال أي مجتمع من مجتمعاته هو اعتداء على الوطن ‏كله. وإن واجبنا الدفاع عنه كل بموقعه وأدواته. وثانيها، إن ‏من عاداتنا حسن الضيافة وإكرام الضيف. فالحذر الحذر من ‏أي استفزاز يتحول بالإثارة إلى فتنة، ويتحول بالفتنة إلى ‏قطيعة، ويتحول بالقطيعة إلى حصار للذات”.‏

 

ومضى قائلا: “وهنا ندائي إلى المسؤولين أن يتقوا الله، وأن ‏يتصرفوا بقدر كبير من بعد النظر في إدارة الأزمة، فهذه ‏مسؤوليتهم. وعلينا أن ندرك جميعا أن الدولة ومؤسساتها هي ‏الملجأ والحامي والضمانة لتجاوز هذه الظروف العصيبة.  ‏وثالثها، أؤكد على ما قلته سابقا: إن بني معروف تجمعهم ‏وحدة المسار والمصير. فالذي بالإرادة البشرية اجتماعه ‏فقواها تمسكه، والذي يؤلفه زمان يفرقه زمان، ولكن بني ‏معروف عصب واحد، لم يتصنعه السلف ولم يتكلفه الخلف، ‏بل هو أصيل في جوهرهم، لا تفنيه حدود ولا تحده سياسات ‏كانت أو تكون. ومن هذا المنطلق نرفض بالمطلق أي تشويه ‏لتاريخ ودور الموحدين الدروز، الذين جبلوا على التمسك ‏بأرضهم وحافظوا عليها وصانوا كرامتهم وأصالتهم. ورابعها، ‏إن طائفة الموحدين الدروز منذ القدم دعاة سلام، ومهما ‏عظمت التضحيات فإن أبناءها ينشدون السلام والعدالة بحق ‏لجميع الشعوب، الذين نتشارك معهم القيم الإنسانية. فما ‏أحوجنا ونحن نواجه أكبر مخاوفنا أن نغير آلية تفكيرنا في ما ‏يحدث لنا، وأن نعي أن مصدر غضبنا وحزننا يكمن في ‏أفكارنا، وأن كل واحد منا مسؤول على طريقة تعاطيه مع كل ‏ما يصيبه”.‏

 

ختم: “ندائي لكم أيها الإخوة أن تكونوا فوق الظن بكم، فذاك ‏أعلى لقدركم، وأرفع لناظركم، وأشيع للسمعة الحسنة ‏عنكم.والله ولي التوفيق   والسلام”.‏