خاص
play icon
play icon pause icon
أحمد الغز
الجمعة ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٣ - 09:09

المصدر: صوت لبنان

الغز لـ “مانشيت المساء”: نفتقد الفريق القادر على إدارة الأزمة على أعتاب إعلان شرق أوسط جديد عاصمته بيروت

توقع الباحث والكاتب السياسي أحمد الغز ان لا تتكرر الجلسة الحادية عشرة لانتخاب الرئيس بعد اليوم. وإن الحديث عن نظام جمهوري ديمقراطي برلماني بات قيد الدرس. فالاستعراض الذي شهدنا نموذجا منه كرس مبدأ الشغور الرئاسي كعرف واكد فقدان الفريق القادر على ادارة الازمة في لبنان. وكل ذلك يجري في وقت تستعد فيه المنطقة لتشهد على قيام شرق أوسط جديد عاصمته بيروت في بداية مرحلة للانتقال من مرحلة الصراع الى الاستقرار .

وقال الغز اثناء مشاركته في برنامج “مانشيت المساء ” من صوت لبنان في توصيفه لما يعيشه لبنان منذ فترة طويلة ان الفشل في لبنان تحول شكلا من أشكال الصناعة، ولتبقى حيا يجب ان تكون فاشلا لأن النجاح يعرضك للاغتيال بدليل ان الذين نجحوا في اي مهمة قاموا بها اغتيلوا.

واضاف ان مرد ذلك الى نظرية تتأرجح بين القاعدة والاستثناء وقد جرى تطبيقها بالمقلوب بحيث ان القاعدة لم تعد تؤدي الى النجاح بقدر ما صار الاستثناء بالخروج عن القانون والدستور يؤدي الى الربح. وتحولنا بذلك الى مجتمع مفكك لم يعد يعرف قواعد الانتظام فوضعت طاقات كبيرة لبناء مستقبل مستقر ومتقدم انتهت بتعطيل مفاعيلها بلحظات غدر واغتيال للحريات وتقدم منطق النزاع المسلح على حساب الحريات الفردية وقيام الدولة.

وردا على سؤال يتصل بالنزاع الذي اثارته الجلسة الثانية للحكومة منذ خلو سدة الرئاسة قال لا اعرف لماذا استحضرت في أعقاب هذه الجلسة ما انجزناه قبل أكثر من عقد من الزمن. عندما قمنا نحن فريق صغير من أربعة او خمسة اشخاص بالتعاون مع فخامة الرئيس أمين الجميل وضعنا ما سميناه يومها بـ “شرعة الربيع العربي” بهدف التحول من واقع الى آخر. ولو نجحنا في تلك الخطوة ما كنا حيث نحن اليوم، نفتقد تلك الخيارات التي يمكن ان تواكب التحولات الاقليمية والدولية التي تقودنا الى نظام جديد تنتهي معه اعتبار ساحتنا اللبنانية الساحة الوحيدة للصراع مع اسرائيل منذ العام 75 حتى اليوم. فآخر الحروب العربية مع اسرائيل كانت حرب العام 73 ومنذ ذلك العام ليس هناك من صراع يتجنب او يتجاوز الساحة اللبنانية التي تحملت وحيدة اعباء هذا النزاع وتبعاته منذ ان كانت المواجهة على الحدود الجنوبية بالإنابة عن “دولة الوحدة العربية” ومن بعدها الوجود الفلسطيني امتداد الى الوجود السوري الى ان وصلنا الى الوجود الإيراني مؤخرا.

وعن التحولات الجديدة في المنطقة والعالم وموقع لبنان ونصيبه منها، قال الغز ان إعلان الموفد الاميركي الى مفاوضات الترسيم بشأن الحدود الحدود البحرية مع اسرائيل عاموس هوكشتين عن الاتفاق من الناقورة في 22 تشرين الأول 2022 شكل إعلانا عن “لبنان الجديد” بعد مئة عام وعام على الإعلان عن “دولة لبنان الكبير”. وبات بذلك الساحل اللبناني جزءا لا يتجزأ من “منطقة نفط وغاز شرق المتوسط” وما يؤدي إليه ذلك من حال أمن واستقرار بضمانات دولية كبرى ما يوحي بإمكان التحضير لشرق أوسط جديد عاصمته بيروت.

وعن قراءته لما عبرت عنه جلسة المجلس النيابي الحادية عشرة لانتخاب الرئيس، قال الغز ان ما جرى جعل المجلس النيابي في مواجهة نفسه. وهو أمر يتعدى ان ينتخب او ان لا ينتخب رئيسا للجمهورية. فالحديث عن نظام جمهوري ديمقراطي برلماني بات قيد الدرس. فالاستعراض الذي شهدنا نموذجا منه كرس مبدأ الشغور الرئاسي كعرف. ولو كان لدينا نخبة تتفهم مخاطر المرحلة وحاجات لبنان يجب ان تقدم موضوع انتخاب الرئيس على ما عداه من أي عمل آخر.

وقال: كان على المجلس النيابي الحالي ان يستذكر التجربة التي عاشتها البلاد في انتخابات الياس سركيس وسليمان فرنجية التي شكلت نموذجا للديمقراطية الحقيقية. وهو امر يلزم بعدم توفر القصد باحداث الشغور الرئاسي والمسؤولية تقع على من اعاق ذلك، وهو المجلس النيابي نفسه الذي لم يستبق نهاية الولاية الرئاسية بانتخاب الرئيس الخلف وقبل ذلك بتشكيل حكومة جديدة في أعقاب انتخابات أيار النيابية. لافتا الى ان مثل هذه الظاهرة التي تزامنت فيها فترات الشغور الرئاسي والحكومي لم تكن قائمة قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وعن المرحلة التي تلي الجلسة الحادية عشرة لانتخاب الرئيس توقع الغز بان تكون الاخيرة في هذه المرحلة التي يمكن ان تكون طويلة قبل الوصول الى الجلسة الثانية عشرة. ومرد ذلك الى التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة في أعقاب اللقاءات الدولية والاقليمية التي بدا مسلسلها قبل فترة من “قمة النقب” الى “قمة أبو ظبي” قبل يومين التي توحي باولى بوادر ولادة الشرق الجديد. مع ما يستلزم ذلك من إقفال لبوابات النزاع في الجولان ومزارع شبعا وكفرشوبا التي تكمل ما هدفت إليه عملية ترسيم الحدود البحرية وفصل ملف لبنان عن ملفات المنطقة المتفجرة.

وتحدث الغز عن تحولات كبرى علينا انتظار ما يمكن ان تفضي اليه نتيجة مسلسل الاحداث الكبرى التي تلت انسحاب الأميركيين من افغانستان وما يجري في ايران واسرائيل وسوريا من تحولات للانتقال من مرحلة النزاع الى مرحلة الإستقرار. ولفت الى ان ما يعزز هذا الشعور رهن النتائج المباشرة للحرب الروسية على أوكرانيا التي تنبىء بنظام عالمي جديد يبدأ بحرب باردة و ستكون له تداعياته الكبرى على أوروبا والولايات المتحدة الاميركية والصين وان ما يجري في مؤتمر دافوس يقدم أكثر من مؤشر على هذا التوجه الدولي الجديد الذي علينا الاستعداد لنعيشه في وقت قريب.