خاص
play icon
play icon pause icon
عليا المبيض
الأثنين ١٢ آب ٢٠٢٤ - 22:15

المصدر: صوت لبنان

المبيض لمانشيت المساء: نحتاج الى دولة كاملة الأوصاف

أشارت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط لدى مصرف جفريز عليا المبيض عبر صوت لبنان ضمن برنامج “مانشيت المساء” إلى ان لبنان يدخل في مرحلة جديدة تفرضها العوامل الخارجية وقد تستفيد منها المنظومة السياسية لتنقل النقاش حول مسببات الأزمة وكيفية الخروج منها وضرورة المحاسبة للتعافي رغم الحرب الدائرة في جنوب لبنان.

ورأت ان الدولة اللبنانية والاقتصاد سيتحملان تبعات الحرب التي دخل بها لبنان، وان حالة عدم اليقين ولجم حركة الاستهلاك وزخم الحركة السياحية تنعكس سلبًا على الاقتصاد الذي أصبح موسميًا بغياب أي خطة واضحة ومع عدم وضوح الوضع في الجنوب وتبيان حجم الدمار والكلفة المستقبلية لإعادة الإعمار.

ولفتت المبيض الى ضرورة الحد من آثار الأزمة الاجتماعية على المدى القصير والعودة الى المسلمات على المدى المتوسط والبعيد، والى واقع ان الاقتصاد ما يزال يتخبّط بالأزمة المالية مع عدم تصحيح او إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمالي والنقدي، لمواجهة المرحلة المقبلة وإعادة النهوض من خلال إعادة ترتيب البيت الداخلي عبر استراتيجية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوزيع الخسائر المتبقية، ومن خلال وضع الدولة امام مسؤولياتها وأولوية الاهتمام بالمناطق التي واجهت العدوان الإسرائيلي والتراجع عن تحميل الخسائر المالية للدولة، التي كان من المُفترض ان يحاسب عليها الأفرقاء في القطاع المصرفي والمسؤولين السياسيين ان كانوا في مصرف لبنان او وزارة المالية او غيرها.

وقالت: “المساعدات الخارجية ستكون في اطار خطة يكون فيها المجتمع الدولي شريك”، وأشارت الى ان ارتفاع نسبة المخاطر الجيوسياسية لها تأثير على كل اقتصادات المنطقة، حيث يشكّل لبنان الحلقة الأضعف، بانعكاسها سلبًا على كلفة التأمين في الاستيراد والتصدير وعلى مناخ الاستثمار والسياحة، وأوضحت ان عدم تأثر الأردن ومصر سببه وضع الاستراتيجيات الوطنية للإصلاح في اطار برامج صندوق النقد الدولي والعمل على تطبيقها منذ سنوات، بالإضافة الى المساعدات الثنائية بالنسبة لمصر، التي تخفف بالتالي مجتمعة نسبة المخاطر الجيوسياسية.

وأكّدت ان الحفاظ على الأمن القومي والاقتصادي يتطلّب الأخذ بعين الاعتبار وهن الاقتصاد ووضعه، وأشارت في هذا الإطار الى ان لبنان لم يحصّن للأسف نفسه، دون الدخول في برامج الاصلاح الاقتصادي وانهاء التفاوض مع الدائنين وإعادة هيكلة الديون كما فعلت الدول التي تعرضت لأزمات اقتصادية، ووضعها اليوم في طبيعي ويتزايد فيها معدل النمو والتدفقات المالية وقامت بتصحيح عملتها وخفض التضخم، بعكس لبنان الذي اعتمد استراتيجية الهروب الى الأمام وتحميل الكلفة للمواطنين عبر مرحلة الخفض غير المنتظم لسعر الصرف والتضخم اللامتناهي، ومرحلة “ليرلة” الودائع والتحضّر اليوم لبيع أصول الدولة بكذبة إعادة تكوين الودائع.

وانتقدت الطروحات غير الواقعية وغير المفيدة وأشارت الى ان المطلوب العودة الى ما هو ممكن مع الأخذ بعين الاعتبار قدرة الدولة على احتمال الدين، علمًا ان الناتج المحلي الى انحسار، مع استحالة التقدّم من دون إعادة الهيكلة وإيجاد مخرج آخر للودائع من خلال النمو وعودة انتظام الاقتصاد والقطاع المصرفي الى عمله ما سيسمح على فترة طويلة باسترجاع جزء من الودائع.

وشدّدت على الحاجة الى دولة كاملة الأوصاف بوجود رئيس للجمهورية وحكومة اصيلة وفاعلة، وعلى ضرورة إعادة تفعيل مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية، وأشارت الى ان استقرار سعر الصرف وهمي بسبب عجز لبنان الخارجي الذي يتخطّى ما لدى المصرف المركزي من موجودات خارجية هي في الحقيقة ما تبقى من ودائع بددتها السلطة السياسية، ولفتت إلى كلفة تثبيت سعر الصرف الكبيرة من خلال سحب الليرات من السوق ومنع الدولة من صرف الأموال لمعالجة مشكلة النزوح ولتأهيل الطرقات وفق متطلبات السلامة العامة وتحسين الأمن في المطار وتدعيم قدرات الجيش للحد من دخول النازحين، وبالتالي منع مؤسسات الدولة من تقديم الحد الأدنى من الخدمات التي سيكون لها انعكاسات سلبية كبيرة في المستقبل أهمها انخفاض النمو…

وانتقدت المبيض تخلي مصرف لبنان عن القانون الذي يتعلّق بإعادة الهيكلة والتوازن المالي التي عملت عليه لجنة الرقابة على المصارف بالتعاون مع اخصائيين من صندوق النقد الدولي بعد تقدّمه وذلك لمصالح خاصة وسياسية، وتبديد جهود المؤسسات العامة والجهات الخارجية التي قد لا تتوافر في المستقبل، واعتبرت ان توحيد سعر الصرف ضروري ومهم وهو بخطر لأنه ليس حقيقيًا.

وأشارت إلى ان دور القطاع العام هو الأكثر فعالية والى ان انحسار النمو يترافق مع عدم القدرة على فرض الضرائب وعلى الاستيراد ما سينعكس سلبًا على موارد الدولة وبالتالي سيعيق زيادة رواتب القطاع العام.

ولفتت إلى عدم وضوح الأرقام التي تُبنى عليها الموازنات والى السيناريوهات المتعددة للاقتصاد اللبناني، مع استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه، والاستمرار في التصعيد، وسيناريو الحرب الأوسع، والسيناريو الإيجابي المتمثّل بالذهاب الى حل سياسي وانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة انقاذ اقتصادي ووطني للدخول في مرحلة إعادة الهيكلة ضمن برنامج مع صندوق النقد الدولي، والأمل بإعادة بناء الدولة ووضع خطة طوارئ اجتماعية واقتصادية تعيد للدولة قدرتها على توفير الخدمات للمواطنين بكلفة مقبولة يستطيعون تحمّلها.

وأوضحت ان لبنان منفصل تمامًا عن الأسواق الخارجية ولن يستفيد من انخفاض الفوائد بالإضافة إلى خطر وضعه على اللائحة الرمادية، وحذّرت في هذا الإطار من تسليم مفاتيح الاقتصاد للمؤسسات التي تستفيد من اقتصاد الكاش ومن الاقتصاد غير الرسمي، وخروج لبنان من المنظومة العالمية الاقتصادية، ما سيؤدي الى الاحتكام للأقوى القادر على الدفع وشراء الأصوات في البرلمان ما سيؤدي بالتالي الى زيادة الفوارق الاجتماعية وإيجاد طبقة جديدة من المتموّلين الذين سيشكّلون العائق الأكبر امام قيام الدولة في المستقبل.