المصدر: اللواء
المطبخ الحكومي: مراسيم خلال 10 أيام وإلا…!
ترافقت عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت مع اقتراب الحراك الراهن، وهو الثالث من نوعه منذ 17 (ت1) 2019، من انهاء اسبوعه الاول، مع حركة «كر وفر» بين الاقفال وإعادة فتح الطرقات من اوتوسترادات الجنوب والشمال والبقاع والشوارع الرئيسية في مدن بيروت وطرابلس وصيدا، من دون ان تنجح حملات التشويش على الحراك، ومحاولة نصب عداء بين المتحركين في الشارع والمواطنين، الذين ينتقلون على هذه الطرقات ذهابا وايابا من والى منازلهم واعمالهم.
كما ترافقت هذه العودة مع حدث دبلوماسي، إذ اجتمع الرئيس المكلف مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يجري محادثات في عدد من دول الخليج في ابوظبي.
وحسب المكتب الاعلامي للرئيس الحريري فإن مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الاوسط وشمال افريقيا ميخائيل بوغدانوف حضر إلى جانب مستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، وتناول البحث خلال اللقاء مجمل الاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة.
وحسب بيان الخارجية الروسية، فان «لافروف التقى، خلال زيارة العمل التي يقوم بها إلى ابوظبي، رئيس حكومة لبنان السيد سعد الحريري الذي بنتيجة الاستشارات النيابية للكتل البرلمانية في البرلمان اللبناني تم تكليفه من الرئيس ميشال عون لتشكيل حكومة جديدة، وجرى البحث بشكل معمق في وجهات النظر بالنسبة لوضع حد للوضع المتأزم في لبنان، مع التركيز على اهمية الاسراع في اجتياز الازمة الاجتماعية والاقتصادية، منخلال تشكيل حكومة مهمة قادرة من التكنوقراط».
والعنصر الثالث، الذي تزامن مع عودة الحريري إلى الحراك ولقاء لافروف، العرض الذي حمله إلى بكركي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم صباح امس، والمفترض ان يعرضه لاحقاً على الرئيس المكلف.
وهكذا، نشطت مساعي حل الأزمة الحكومية بين بيروت وابوظبي إلى بكركي، حيث اطلع اللواء ابراهيم البطريرك الماروني بشارة الراعي على نتائج المساعي التي قام بها بين قصر بعبدا وميرنا الشالوحي وتتضمن اقتراحاً لحل عقدة وزارتي العدل والداخلية وعقدة اختيار اسماء الوزراء المسيحيين. فيما استمر الدولار في الارتفاع وتم التداول به عصر امس بين 10575 و10525 ليرة، واستمر مع ارتفاعه الغضب الشعبي واقفال الطرقات، لا سيما بعد المعلومات عن شح مادة البنزين حيث رفع عدد من محطات المحروقات خراطيمه بعدما نفد مخزونه من الوقود.
المبادرة بين الراعي وابراهيم
وقال مسؤول الاعلام في الصرح وليد غياض: أجواء لقاء الرجلين ايجابية والأمل موجود بتشكيل الحكومة في وقت ليس ببعيد، والضغط يجب أن يتركز في كل الاتجاهات حاليا من اجل التشكيل. فيما قالت مصادر اخرى: ان «الآمال متوافرة لتشكيل حكومة ولكن تحقيق هذا الامر يحتاج لجهد اضافي».وبدا أن الرئيس نبيه بري ليس بعيدا من مساعي اللواء ابراهيم وهو في تفاصيل ما يقوم به.
وحسب ما بات مؤكداً لـ»اللواء» فإن مسعى اللواء ابراهيم يقوم على تأليف حكومة مهمة من 18 وزيراً من الاختصاصيين غير السياسيين لا تتمثل فيها الاحزاب وبعيدة عن المحاصصة. ويسمي الرئيس ميشال عون وفريقه 5 وزراء مسيحيين ووزيراً للارمن، ما يعني من دون الثلث الضامن. على ان يُسمّي عون وزيراً للعدل بالتوافق مع الحريري، ويسمي الحريري وزيراً للداخلية بالتوافق مع عون، لشخصيات غير سياسية وغير حزبية وغير استفزازية. لكن الحريري لم يعطِ رأيه بعد بانتظار عودته من الامارات ولقاء اللواء ابراهيم، فيما تردد ان الحريري متمسك بحقيبتي العدل والداخلية، وعلى هذا الخلاف تدور الوساطات للتوصل الى حل مقبول بين الرئيسين.
وتردد ان الحريري طلب موافقة رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل على المبادرة، فيما باسيل يريد ضمانات بعدم تفرّد الحريري في حال وافق على المقترحات التي يحملها اللواء ابراهيم.
هذا وحصل اشكال بين عناصر موكب اللواء ابراهيم والمحتجين في منطقة الزوق لدى عودة اللواء ابراهيم من اجتماعه مع البطريرك الراعي في بكركي.فعند محاولة موكب اللواء المؤلف من ثلاث سيارات المرور قام المحتجون بافتراش الارض، فنزل عناصر من موكب اللواء ابراهيم من السيارات وحصل تدافع وتلاسن، قبل ان ينتهي الإشكال بعبور الموكب.
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة اللواء أنه بعد عودة الرئيس الحريري يفترض أن تتضح الصورة في ما خص طرح الصيغ المتصلة بالملف الحكومي وحتى ما إذا كانت هناك من حركة الحريري في اتجاه المعنيين أم لا.
ولفتت المصادر إلى ان صيغة المدير العام للأمن العام ستعرض بدورها على رئيس الحكومة المكلف وهي المتمثلة بخمسة زائدا واحدا وتؤول الداخلية إلى حصة رئيس الجمهورية ويتم الاتفاق على اسم الوزير في حين تؤول وزارة العدل إلى حصة رئيس الحكومة المكلف ويتم الاتفاق على اسم الوزير أيضا في حين كتلة لبنان القوي تحجب الثقة.
ولفتت إلى أن زيارة اللواء ابراهيم إلى بكركي هدفت إلى وضع البطريرك في هذه الأجواء وافيد أن البطريرك سيناقش الأمر مع الحريري.
ورأت المصادر إن المحاولات قائمة إنما لا يعني أن الأمور انتهت إذ لا بد من التحلي بالحذر دائما بفعل المطبات.
10 أيام … وإلا
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فان «المطبخ الحكومي» والجهات المعنية، بما في ذلك القوى الامنية تعتبر ان الوضع دخل في مسار خطير.
وحددت هذه الجهات العشرين من الشهر الجاري موعداً يستوجب اصدار مراسيم الحكومة، أي في غضون عشرة أيام، لاعتبارات ابرزها ان الحركة الاحتجاجية لن تتوقف، قبل ولادة «حكومة انقاذ» وفقاً للمبادرة الفرنسية وتحظى بدعم بكركي.
ومن الاعتبارات ايضاً، نفاد الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان من الدولار، الامر الذي ادى إلى انعدام دعم المواد الاساسية، فإن اسعارها ستسجل ارتفاعات خيالية (85 الف لصفيحة البنزين مثلاً) و5 آلاف (لربطة الخبز)… إلخ، فضلاً عن تلويح وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر بأن الاحتياطي المالي اليوم يسمح فقط باستيراد الفيول لتشغيل محطات الكهرباء حتى نهاية آذار الجاري… وإلا فالعتمة الدامسة في بيروت، وكل المناطق، فضلاً عن السقف غير المعروف لارتفاع سعر صرف الدولار.
وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان تعاود اتصالات التشكيل بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت مساء امس،من خلال اتصالات غير معلنة ولقاء مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، للاطلاع على نتائج آخر الاتصالات التي جرت مع الاطراف السياسيين،لتسويق طرح التشكيلة الوزارية المؤلفة من18 وزيرا، ويحصل فيها رئيس الجمهورية وتياره على خمسة وزراء اضافة لوزير الطاشناق وتتم تسوية الخلاف حول الداخلية باختيار الرئيس المكلف لاسم من ثلاثة يسميهم الرئيس عون.
وكشفت المصادر ان الطرح المذكور يحظى بتأييد الثنائي الشيعي باعتبار انه لم يعد ممكنا بقاء لبنان بلا حكومة باسرع وقت ممكن بعد تزايد وتيرة الانهيارالمتواصل واتساع رقعة الاحتجاجات التي شملت معظم المناطق ولم يعد بالامكان منع المواطنين من التظاهر والاحتجاج. واشارت المصادر الى ان الطرح المذكور عرض على رئيس الجمهورية وأبلغ بالمواقف الداعمة واسديت له النصائح بوجوب تسهيل ولادة الحكومة لان الوضع لم يعد يحتمل والعهد على مشارف الانهيار ولا يمكن انقاذ ما تبقى منه الا بتسريع تشكيل الحكومة، وكان شرطه للموافقة بضرورة الحصول على موافقة من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
وكشفت المصادر انه خلال عرض الطرح على باسيل، لم يكن مؤيدا، بل اعتبر ان ما سرب عن اشتراط الرئيس المكلف بضرورة تصويت كتلة التيار الوطني على الثقة بالحكومة مسبقا،هو محاولة مكشوفة لنسف الطرح، وعندما سئل عما اذا كان لديه اقتراح حل بديل لتشكيل الحكومة من دون الحريري وهو الرئيس المكلف، أجاب باسيل حسب ما نقل عنه بان الحل الذي يقترح لحل مشكلة رفض الرئيس المكلف عدم إلاعتذار هو توجيه رسالة من قبل رئيس الجمهورية للمجلس النيابي لنزع تكليف الرئيس سعد واعادة المشاورات لتكليف شخصية اخرى بديلا عنه وهو ما اعتبرته المصادر بمثابة اعتراض ضمني من باسيل لاعاقة وعرقلة تسويق الطرح، فيما كشفت المصادر عن تحرك فعلي كان يجري في بعبدا بايعاز من باسيل لإعداد رسالة من رئيس الجمهورية لتوجه يوم الاثنين الماضي إلى رئيس المجلس النيابي بهذا الخصوص. وقد قام بصياغة النص المستشار الرئاسي سليم جريصاتي ووضعت اللمسات الاخيرة عليه الاحد الماضي، الا ان رد الرئيس بري الذي علم بموضوع الرسالة كان بالرفض المطلق، باعتبار انه لا يمكن نزع التكليف من الرئيس المكلف الا اذا هو قرر ذلك بنفسه باعتبار الاستشارات ملزمة ولا يوجد اي نص دستوري لنزع التكليف، ومشيرا إلى ان مثل هذا الاجراء يعرض البلد لحرب اهلية وهو ليس مستعدا للسير فيه تحت اي ظرف كان، الأمر الذي ادى الى التخلي عن هذا الامر ومحاولة التنصل منه، بينما تم ابلاغ جميع الذين شملتهم الاتصالات ان هناك دعما فرنسيا وروسيا ومن الفاتيكان لتأليف الحكومة على الصيغة المذكورة. وقد ابلغ اللواء ابراهيم البطريرك الراعي بالامس نتائج اتصالاته مع كل الاطراف، وابلغه بآن باسيل لا يزال متحفظا على الطرح المذكور ولا بد من اجراء الاتصالات معه لتليين موقفه لأنه لم يعد ممكناً بقاء البلد بلا حكومة والاوضاع متردية على هذا النحو.
وعليه، تخشى مصادر سياسية مراقبة من ذهاب الفريق الحاكم إلى التشدد، والاطاحة بالفرصة الجديدة التي برزت، على خلفية ان «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يخض كل المعارك المعروفة في حياته كي يتراجع هذه المرة» (بتعبير الـo.t.v).