المصدر: صوت لبنان
بالفيديو- زلزال كريت يُهزّ شرق المتوسط: مرّ من هنا!
إستيقظت دول شرق البحر الأبيض المتوسط على وقع زلزالٍ عنيف، بلغت قوته 6.3 درجات على مقياس ريختر، ضرب جزيرة كريت اليونانية صباح اليوم الأربعاء، بحسب “مركز أبحاث علوم الأرض الألماني”.
الهزة، التي سُجلت على عمق 83 كيلومترًا تحت سطح الأرض، لم تقتصر آثارها على الأراضي اليونانية، بل امتد صداها ليطال عواصم ومدنًا في كل من مصر، لبنان، سوريا، فلسطين، الأردن، وقبرص.
مركز الهزة في عمق بحر إيجه
وقعت الهزة الساعة 01:51 بالتوقيت المحلي لليونان، جنوب جزيرة كاسوس الواقعة في بحر إيجه، وعلى مسافة تُقدّر بـ15 كيلومترًا من شواطئها. هذه المنطقة المعروفة تاريخيًا بوجود صدوع جيولوجية نشطة شهدت في السابق زلازل قاتلة، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الاول 2020، حين أودى زلزال بقوة 7 درجات بحياة أكثر من مئة شخص في إزمير التركية وجزيرة ساموس اليونانية.
وعلى الرغم من قوة الزلزال الحالي، أكدت السلطات اليونانية عدم تسجيل أي إصابات أو أضرار مادية حتى لحظة إعداد هذا التقرير. ورجّحت أجهزة الرصد أن العمق الكبير للهزة قد يكون ساهم في تقليل تأثيرها المدمر في السطح، على عكس الزلازل السطحية التي تُعد أكثر فتكًا.
القاهرة تهتز أيضًا… وذاكرة المصريين تستفيق
في غضون ذلك، وفي تمام الساعة 10:53 بتوقيت غرينتش، شعر سكان العاصمة المصرية القاهرة، إضافة إلى محافظات الجيزة والمنوفية والقليوبية، بهزة أرضية متوسطة. وسرعان ما امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بتقارير وشهادات حيّة من مواطنين خرجوا إلى الشوارع، وبعضهم استعاد شبح زلزال 1992 الذي خلّف مئات القتلى والجرحى في مِصر.
وأصدر “المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية” في حلوان بيانًا أكد فيه أن الزلزال الذي شعر به المواطنون في مِصر بلغت قوته 6.4 درجات على مقياس ريختر، ومركزه يقع على بعد 431 كيلومترًا شمال مدينة رشيد، بعمق 76 كيلومترًا تحت سطح البحر. وأكد المعهد أن أجهزة الرصد لم تسجّل حتى الآن أي توابع للهزة، كما لم ترد أنباء عن إصابات أو خسائر مادية.
ارتدادات إقليمية: من لبنان وسوريا إلى تركيا وفلسطين
الهزة ذاتها امتدت إلى مناطق أخرى في المنطقة، حيث أبلغ سكان في بيروت وطرابلس وصيدا عن شعورهم بارتجاج أرضي واضح، لكنّهم أشاروا إلى أنه لم يتجاوز بضع ثوانٍ.
وفي سوريا، أحسّ السكان في دمشق وحمص وحلب بحركة مماثلة. أما في فلسطين، فقد شعر بها المواطنون في القدس ورام الله وغزة، بينما أُبلغ أيضًا عن ارتجاج طفيف في أجزاء من الأردن، لا سيما في العاصمة عمّان.
من جهة أخرى، ذكرت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD) أن زلزالًا بقوة 6.0 درجات سُجّل قبالة سواحل داتشا، في ولاية موغلا جنوب غربي البلاد، وهو ما أثار قلقًا واسعًا في المدن الساحلية التركية القريبة من بحر إيجه.
سانتوريني وكريت في مرمى الزلازل
الزلازل ليست غريبةً عن جزر اليونان، بل هي جزء من الحياة الجغرافية اليومية. منطقة بحر إيجه، تحديدًا، تقع على مفترق صدوع جيولوجية نشطة، تجعل منها إحدى أكثر المناطق عرضة للهزات الأرضية في أوروبا.
منطقة سانتوريني، التي تبعد قرابة 100 كيلومتر عن مركز زلزال كريت الأخير، شهدت في شهريْ يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين نشاطًا زلزاليًا مكثفًا، حيث رُصدت آلاف الاهتزازات الصغيرة، مما دفع بعض السكان لمغادرة الجزيرة موقتًا خشية من زلزال كبير.
البحر المتوسط: بؤرة زلزالية نشطة
من الناحية الجيولوجية، يُعد شرق البحر المتوسط من أكثر المناطق الزلزالية نشاطًا في العالم، نتيجة التقاء الصفائح التكتونية الأفريقية والأوراسية والأناضولية. هذا التلاقي يُنتج ضغطًا مستمرًا يتراكم على شكل طاقة تحت الأرض، ويُطلق بين الحين والآخر عبر الزلازل التي تتفاوت في شدتها.
وقد وثّقت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية وقوع زلزال آخر صباح الثلاثاء، جنوب مدينة فراي اليونانية، بلغت قوته 6.1 درجات، وشعر به سكان بعض المناطق في تركيا.
لا خسائر حتى الآن… لكن القلق باقٍ
على الرغم من عدم تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية حتى الآن، فإن هذا الزلزال أعاد طرح التساؤلات حول جاهزية دول شرق المتوسط لمواجهة كوارث من هذا النوع، لا سيما أن غالبية الأبنية في المنطقة غير مصمّمة لتحمّل زلازل قوية، خصوصًا في مدن عريقة كالقدس وبيروت والقاهرة.
التحذير من توابع زلزالية لا يزال قائمًا، خاصة أن الزلازل العميقة غالبًا ما يتبعها نشاط زلزالي ثانوي قد يمتد لأيام أو حتى أسابيع، وفق ما أعلنه “المعهد القومي للبحوث الفلكية” في مصر.
زلزال يذكّرنا بالماضي… ويحثّنا على الاستعداد للمستقبل
الهزات الأرضية، على غرار ما حدث في كريت، تُعيد إلى الواجهة أهمية التخطيط لمواجهة الكوارث الطبيعية. من تعزيز البنى التحتية المقاومة للزلازل، إلى تدريب السكان على خطط الإخلاء والتعامل مع الهزات، ومن تطوير أجهزة الإنذار المبكر، إلى بناء شبكات تعاون بين الدول المعنية.
كما تذكّرنا تلك الكارثة الطبيعية بأن الزلازل لا تعرف حدودًا، ولا تعترف بجنسيات. فهي قد تبدأ في أعماق بحر إيجه، لكنها قادرة على تحريك بلاط البيوت في القاهرة، وإثارة الذعر في بيروت، وزلزلة الأرواح في دمشق.
هدوء بعد العاصفة… ولكن الحذر واجب
على الرغم من أن الزلزال الأخير لم يسفر عن خسائر بشرية أو مادية تُذكر، إلا أن ارتداداته النفسية لا تزال قائمة.
سكان كريت يعودون تدريجيًا إلى روتينهم، والمصريون يسترجعون ذكريات زلزال 1992، واللبنانيون يتابعون نشرات الأخبار بقلق ممزوج بالحذر.
بالفيديو: ضرب زلزال بقوة ستّ درجات جزيرة #كريت اليونانية فجرا pic.twitter.com/MbVy44Fs6D
— Voice of Lebanon 100.3 100.5 (@sawtlebnan) May 14, 2025