المصدر: النهار
حديث تبون عن التطبيع مع إسرائيل يثير لغطاً… ما حقيقته؟
لم تمر تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول التطبيع مع إسرائيل مرور الكرام، إذ أحدثت لغطاً داخلياً وخارجياً أخذاً في الاعتبار مواقف الجزائر التاريخية المناصرة للقضية الفلسطينية.
حوار الرئيس الجزائري مع صحيفة فرنسية لم يكن فقط حول علاقات الجزائر بتل أبيب، بل تعداها إلى تفاصيل أحداث وقعت وقضايا كشف عنها تبون للمرة الأولى، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات مع فرنسا.
غير أن جوهر التصريحات تركز على إمكان تطبيع العلاقات الجزائرية – الإسرائيلية في حال تم الإقرار بإنشاء الدولة الفلسطينية المنشودة المكتملة الأركان، وهو ما حاول البعض إثارة موجة من الاستهجان بسببه.
يقول الخبير والباحث المتخصص في الاقتصاد والجيوبوليتيك سيف الدين قداش لـ”النهار”، إن تصريح الرئيس الجزائري “يتماشى مع مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي قدمتها السعودية وأقرتها القمة العربية في بيروت”، ونصت على الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معه مقابل انسحابه الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مضيفاً أن الجزائر دعمت القضية الفلسطينية منذ استقلالها عام 1962 واحتضنت إعلان ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988 خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، كما لعبت دوراً محورياً في دعم الاعتراف الدولي بفلسطين ودفعت نحو قبولها كعضو مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، وتواصل جهودها لدعم الاعتراف بها كدولة كاملة العضوية، كما ناصرت غزة بقوة في مجلس الأمن كعضو غير دائم.
ويوضح قداش أنّ الجزائر تعي جيداً أن إسرائيل “ترفض حل الدولتين وتواصل سياسة التوسع الاستيطاني، ما يعرقل أي إمكان لقيام الدولة الفلسطينية المنشودة”.
ويشير إلى الرفض الذي تبديه الجزائر لكل أشكال التطبيع التي لا تتوافق مع مبادرة 2002، مؤكداً أنّ “الموقف الجزائري ثابت وينسجم مع مواقفها التاريخية في دعم حركات التحرر ورفض الاستعمار، وتأكيدها المستمر أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقاً للشرعية الدولية والمبادرة العربية”.
ويتجه المحلل السياسي حكيم بوغرارة في المنحى نفسه، مؤكداً، لـ”النهار”، أن حديث تبون “لا يمكن قراءته من زاوية وجود نية لدى الجزائر للتطبيع” مع إسرائيل، بل “يسير في سياق المبادرة العربية التي تم إطلاقها في قمة بيروت”.
وبالنسبة إلى بوغرارة، فإن “إجماعاً عربياً حصل على أن يكون قيام دولة فلسطينية في حدود 67 بموافقة الفلسطينيين هو الحل المطروح” لعملية السلام في الشرق الأوسط. ويلفت إلى أن “الجزائر، وفي مختلف مواقف مسؤوليها، بما فيها خطاب الرئيس الأخير أمام البرلمان، تتحدث عن قيام دولة فلسطينية وحق الفلسطينيين من دون مزايدة عليهم، وبالتالي حديثه هو تجديد لموقف الجزائر المعروف”.
ويذكّر بوغرارة بتصريحات تبون لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي السابق أنطوني بلينكن قبل سنتين، بأن الاعتراف بحقوق الفلسطينيين والدولة الفلسطينية في حدود 67 كفيل بإحلال السلام.
ويرى أن تبون تحدث في سياق عربي فلسطيني، موضحاً أن “هذا التجديد في المواقف يدخل ضمن ما وافق عليه الفلسطينيون سابقاً في إطار المبادرة العربية”.
ويعتقد بوغرارة أن مثل هذه التصريحات في مصلحة القضية الفلسطينية، وهي “على الأقل خطوة عربية في سياق حل القضية الفلسطينية”، مضيفاً أن ما قاله الرئيس تبون لن يلقى تجاوباً من إسرائيل، وأن الإسرائيليين “مهما أبديت لهم من مرونة فلن يعترفوا بحق الفلسطينيين في قيام دولتهم”.