أمن وقضاء
الأثنين ٣ شباط ٢٠٢٥ - 09:58

المصدر: النهار

ذهب لمقابلة “مكتب الهيئة” وعاد جثّة… من المسؤول عن اغتيال العالم السوري حسان إبراهيم؟

تتفاقم حالة الفلتان الأمني وتتصاعد موجة الانتهاكات الخطيرة التي تضرب منذ أسابيع أبناء الطائفة العلوية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. فقد تعرضت محافظة طرطوس، السبت، لصدمة كبيرة إثر انتشار خبر اغتيال العالم حسان إبراهيم في حادثة هي الأولى من نوعها في دلالتها إلى استهداف الأدمغة وأصحاب الشهادات العليا من أبناء هذه الطائفة.

وفي التفاصيل التي حصلت عليها “النهار” من مصادر قريبة من العالم المغدور، أنه كان يعمل في مركز بحوث برزة في ريف دمشق منذ سنوات طوال، ولكنه انقطع عن الدوام على غرار زملائه بعد سقوط النظام. وفي 4 كانون الثاني/يناير الماضي اتصلت به إدارة المركز الجديدة وطلبت منه العودة إلى الدوام.
وبالفعل عاد إبراهيم، الحائز شهادة الدكتوراه في البصريات الالكترونية من جامعة لندن في ثمانينات القرن الماضي، بصحبة زوجته وأولادهما الثلاثة إلى دمشق، وباشر عمله في مركز البحوث والمعهد التابع له، تحت إشراف فريق إداري جديد أرسلته “هيئة تحرير الشام” ويسمى ضمن المركز “مكتب الهيئة”.
وكان إبراهيم وعائلته يقطنان في شقة ملك خاص في منطقة جمرايا في ريف دمشق. واستمر العمل بوتيرة طبيعية على مدى أكثر من أسبوعين.
بعد ذلك تبلّغ العاملون في المركز رسمياً أن عليهم إجراء مقابلات مع “مكتب الهيئة”، وهو ما أثار قلق إبراهيم الذي يتحدر من قرية بريصين في ريف الشيخ بدر في طرطوس، ولكنه استعاد طمأنينته عندما أخبره زملاؤه الذين أجروا المقابلة قبله أنها ذات طابع روتيني ولا داعي للقلق.
وكان موعد مقابلته الإثنين الماضي، وقبل دخوله إلى “مكتب الهيئة” اتصل بأهله للمرة الأخيرة، ثم دخل ولم يظهر حياً بعدها، وفق ما قال لـ”النهار” أحد العاملين في مركز برزة وهو زميل المغدور.
اتصل أفراد من عائلة إبراهيم بزملائه، وكذلك اتصلوا بمكتب الهيئة للسؤال عنه بعد غيابه وانقطاع الاتصال معه، وكان الجواب أنه إجراء روتيني وسوف يعود قريباً، لكنه لم يعد إلا جثة، إذ انتشرت، السبت، على بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي صورة جثة ملقاة على جانب طريق معربا في ريف دمشق، وصفت بأنها مجهولة الهوية. وتبين لاحقاً أنها عائدة إلى إبراهيم (مواليد 1966)، وسارع نجله الكبير، وهو طالب طب، إلى المنطقة ليرى جثة والده ممددة فوق التراب وهي مكبلة اليدين بينما اخترق طلق رصاصي جمجمته وأودى بحياته، بحسب مصدر محلي قريب من عائلة المغدور .
ووجدت إلى جانب الجثة بعض البطاقات الشخصية العائدة إلى المغدور، وهو ما رسم علامات استفهام بشأن السبب في وصف الجثة بأنها مجهولة الهوية عندما نشرت صورها على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

ونُقل الجثمان إثر ذلك إلى مشفى التلّ الذي لا يضم بين كادره أي طبيب شرعي للكشف على الجثة وتحديد سبب الوفاة ووقت حدوثها، غير أن طبيباً من العاملين في المستشفى أخبر عائلته أن الوفاة حصلت قبل 48 ساعة على أقرب تقدير.
وأثار تحديد وقت الوفاة تساؤلات كثيرة، إذ لو كانت الجثة ألقيت على الطريق منذ لحظة الوفاة لكانت نهشتها الكلاب والذئاب خلال هذه الفترة، لكن الجثة لم تكن تحتوي على أيّ آثار توحي حدوث ذلك، وهو ما رجّح أنها لم توضع على جانب الطريق إلا قبل وقت قصير من اكتشافها ونشر صورها.

وللمغدور 5 أشقاء و5 شقيقات، إحداهن الشاعرة السورية المعروفة ليندا إبراهيم، وهي أيضاً رئيسة المركز الثقافي في مدينة الشيخ بدر في ريف طرطوس.
وأصدر اتحاد الكتاب العرب- فرع طرطوس بياناً إثر اغتيال إبراهيم، أعرب فيه عن خالص العزاء لعائلته وأصدقائه ومحبيه.
ورغم ملابسات الحادثة ودلالاتها إلى الجهة التي من المرجح أنها ارتكبت عملية الاغتيال، طالبت بعض الأصوات بالتريث قبل توجيه أصابع الاتهام إلى جهة محددة، مشيرة إلى احتمال أن يكون لإسرائيل دور في عملية الاغتيال، خصوصاً أن الأخيرة تلاحق منذ سنوات العلماء السوريين وتقوم بتصفيتهم بأشكال وطرق مختلفة. وكان من أبرزهم العالم السوري رئيس مركز البحوث العلمية في مصياف عزيز إسبر، الذي ينسب إليه تطوير الصواريخ البعيدة المدى، وقد اغتالته الاستخبارات الإسرائيلية بعبوة ناسفة انفجرت بسيارته عام 2018.
ووصف المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية الاغتيال بأنها “إعدام ميداني”.
وذكر في تقرير أن المغدور مدرّس في المعهد العالي في البحوث العلمية في ريف دمشق، وخطف قبل نحو 5 أيام من مكان عمله في المعهد العالي في البحوث العلمية.
وأدان المرصد هذه الجرائم داعياً إلى محاسبة مرتكبيها بشكل علني للنهوض بسوريا والتخلص من الطائفية المقيتة.