المصدر: صوت لبنان
زغيب لكواليس الأحد: الدستور اللبناني يتعرّض للتمزيق على مذبح المصالح السياسية الآنية
أكّد الأستاذ المحاضر في القانون المحامي الدكتور رزق زغيب لصوت لبنان ضمن برنامج “كواليس الأحد” أن الدستور اللبناني يتعرّض للتمزيق على مذبح المصالح السياسية الآنية، من دون أي اعتبار لأية أحكام صارمة، مشيرًا إلى أن الكتل والأحزاب الموجودة على الساحة المحلية اقتحمت السلطة منذ الحرب اللبنانية ولا تريد الخروج منها بأي شكل من الأشكل، مؤكّدًا أن الدستور لا يستطيع ان يلحظ كل الحالات، وان على الحقوقي ورجل الدولة الذي يمارس العمل السياسي الاتكال على المبادىء العامة الدستورية وعلى الأعراف والسوابق لاجتراح الحلول لاستمرارية السلطة العامة ولاحترام الحريات الأساسية للمواطنين، مؤكّدا على ضرورة التوافق لاحترام الدستور والمهل الدستورية.
ولفت زغيب إلى أن الالتباس الفقهي الذي تناول موضوع النصاب في الستينات لم يطرح اشكالية على ارض الواقع نتيجة التزام جميع النواب بالحضور إلى مجلس النواب بشبه اجماع لانتخاب رئيس الجمهورية على مدار خمسين سنة، من منطلق حرصهم على تأمين السير الطبيعي للمؤسسات الدستورية، مشيرًا إلى أن المادة 49 من الدستور لا تتكلم عن نصاب، بل يتم استنتاجه من الأكثرية المطلوبة للفوز، بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى والأكثرية المطلقة في الدورات التي تليها، لافتًا إلى الرأي الفقهي الآخر في العام 1976 القائل بأن النصاب هو النصاب العادي، لحظ خطورة هذا التفسير، موضحًا أن مشكلة تأمين النصاب طُرحت للمرة الأولى في العام 1976 مع دخول الحرب اللبنانية والهبوط من مرتبة الدولة إلى مرتبة السلطة، وتخوّف المعارضة من تأمين النصاب والإتيان برئيس والقضاء عليها، ما أدّى إلى ممارسة لعبة النصاب للمرة الأولى والسعي لعدم تأمينه، وإعادة الكرة في العام 1982 على إثر انتخاب الشيخ بشير الجميل من خلال محاولة تعطيل النصاب من قبل المعارضة، ما أدّى إلى اجتماع لجنة الإدارة والعدل وهيئة مكتب المجلس والحصول على موافقة الهيئة العامة للتأكيد على أن الثلثين هما ثلثي عدد مجلس النواب، مؤكّدًا أن اجتماع هيئة المجلس في العام 2014 للإقرار بأن النصاب هو الثلثين في كل دورات الاقتراع، خرج عن المألوف، بهدف ملء الشغور في العامين 2014 و2016، ما شكّل خروجًا عن النص وعن ما طبّقته العادة والعرف التفسيري طيلة السنين الماضية.
وأوضح زغيب أن الزامية تفسير الدستور في الدولة ترتبط بالمجلس الدستوري وبرئيس الدولة الذي يسهر على احترام الدستور، مع عدم إلزامية تفسير اي سلطة أخرى، إلا في حال قرار تعديل الدستور وفق الآلية المنصوص عنها لتعديله بغية تفسيره، مشيرًا إلى ضرورة ملء بعض الثغرات لإعادة النظر في الدستور وتأمين استمرارية السلطة العامة بشكل أوضح، لافتًا إلى استغلال النواب لموضوع النصاب وإلى انتفاء حقهم في التغيب عن الجلسات والتعطيل نتيجة الموازاة بين حرية النائب واستمرارية السلطة مع تجاوز الشغور الأمد المعقول، مؤكّدًا أن مبدأ استمرارية السلطة يطغى على حرية النائب وعلى حقه بالتعطيل.
وأكّد زغيب على المهام الأساسية لمجلس النواب في التشريع ورقابة الحكم، إلى جانب الصلاحيات التكميلية التي منحه اياها الدستور في انتخاب رئيس الجمهورية، وتحوله إلى هيئة ناخبة عندما يلتئم المجلس لانتخاب رئيس وعدم جواز استغلال الجلسة الملتئمة لانتخاب الرئيس في التشريع، وعدم انسحاب هذه الصفة على كل الجلسات من منطلق اهمية عمل المؤسسات واستمرارية السلطة، وعدم جواز التعطيل، والذهاب إلى التشريع الضروري، مشيرًا إلى الظرف الاستثنائي الدائم والعجز عن بلورة الحلول، مع انتفاء الظرف الطبيعي منذ العام 2005، منتقدًا استسهال التشريع في ظل حكومة تصريف الاعمال، مع تجاوز فترة الشغور لأيام معدودة إلى عدة شهور وسنين، ومع غياب ثقافة الحكم في البلد، واعتماد تعطيل القرارات للمساومة، لافتًا إلى تعطل اللعبة الديمقراطية نتيجة التركيبة السياسية في مجلس النواب وافتقادها للأكثرية المتنوعة طائفيًا والمتراصة سياسيًا وللمعارضة المتنوعة طائفيًا والمتراصة سياسيًا بحيث تحكم الاولى وتنتظر الأخرى دورها لتحكم.
وفي ما خص القرار الصادر عن المجلس الدستوري، اشار زغيب إلى انتفاء الديمقراطية في الانتقال من الشرعية إلى الملائمة، بعد وضع الأمور في نصابها، ما يطرح علامات الاستفهام حول صلابة دولة القانون في لبنان.
وفي موضوع اللامركزية الإدارية أوضح زغيب الاختلاف بين المصالح المحلية والمصالح الوطنية العامة، وإلى الاختلاف بين الامركزية واللاحصرية، مشيرًا إلى ضرورة إعادة النظر في التقسيم الإداري وعدم اعطاء اللامركزية المدلول السياسي، وانحسار هدفها في انماء المناطق وتحسين العمل الإداري وتعزيز ثقافة الحريات الديمقراطية.
وأوضح زغيب أن سياسة التحييد تختلف عن سياسة الحياد بمفهومها القانوني الذي يستلزم شروطًا إقليمية ومحلية ودولية لا يستجمعها لبنان، مؤكّدًا أن على لبنان ان يتخذ موقفًا مغايرًا عن النأي بالنفس، باعتماد سياسة حكيمة تجنّبه المحاور في المنطقة كمفتاح لخلاصه، وفق ما ينص عليه ميثاق لبنان الوطني في تجنّب لعبة المحاور التي قد تدخل فيها الدول العربية، مشيرًا إلى انحسار هامش المناورة لدى الطبقة السياسية نتيجة التدخل الخارجي، آملًا ان ينعكس التوافق الخارجي هدوءًا على لبنان يتم استغلاله في بناء الدولة.