
المصدر: المدن
فصل الرجال عن النساء في مصاعد دمشق!
والحال أن فكرة راحة النساء التي يتم تعميمها من أجل تبرير الممارسات التمييزية تبقى خطيرة وسامة، لأن الراحة الحقيقية تأتي من عدم وجود تلك الفوارق أصلاً التي تجعل النساء فقط، لا الرجال، في حالة من التأهب لما قد يحصل معهن، والعقوبات التي تحل بهن، حصراً، في حال اشتكى أحد من تجاوزهن للخطوط الحمراء المرسومة لهن، والتي تتغير في كل لحظة طبعاً.
وهذه الممارسات باتت حاضرة في سوريا من حين إلى آخر منذ سقوط النظام السابق في كانون الأول/ديسمبر 2024، حيث تتوالى مظاهر التمييز الجندري في مؤسسات الدولة والمرافق العامة في دمشق وسواها، بعضها معلن تحت مبررات “الراحة” أو “الأعراف الاجتماعية”، وبعضها يمارس بغطاء ديني مستمد من تفسير متزمت لأحكام الشريعة الإسلامية.
وفي نيسان/أبريل الماضي، فرض مستشفى المواساة في دمشق فصلاً مؤقتاً في باصات نقل الموظفين، حيث طلب من النساء الجلوس في المقاعد الخلفية، قبل أن يسحب القرار جزئياً عقب احتجاجات داخلية. إلا أن الفصل بقي قائماً في بعض أقسام العمل داخل المستشفى، كما كشفت تقارير إعلامية، فيما كان الفصل في المصاعد حاضراً في مستشفيات بدمشق أيضاً.
ورغم اعتماد “الإعلان الدستوري الانتقالي” في 13 آذار/مارس، والذي نص صراحة على حماية الحريات الشخصية ومنع كافة أشكال التمييز، لم تصدر أي تعليمات تنفيذية تجرم ممارسات الفصل الجندري. في الوقت نفسه، لا تملك المؤسسات القانونية آلية واضحة لمساءلة الجهات التي تمارس التمييز بناءً على النوع الاجتماعي، سواء في دوائر الدولة أو في مرافقها الخدمية.
وأثارت الحادثة الأخيرة استياءً واسعاً في مواقع التواصل، حيث اعتبر كثير من المعلقين أن هذه السلوكيات تعيد إنتاج السلطة الذكورية بغلاف أخلاقي وديني، وتنتقص من مهنية النساء ومكانتهن كمواطنات فاعلات في الفضاء العام.