المصدر: مرصد الازمة في الجامعة الاميركية
لماذا الشتاء القادم سيكون حالكاً، بارداً وطويلاً؛ وظاهرة “فقر الطاقة” ستتفاقم
تربع على رأس ميزانية الاسر في لبنان عام 2019 ما تنفقه على “المسكن، الكهرباء، الماء، الغاز والمحروقات” والمقدر بحوالي 28.5% من انفاقها حسب ادارة الاحصاء المركزي، يذهب اقل من نصفها على المسكن/المأجور. واذا اضفنا انفاق الاسرة على “النقل” والمقدر ب 13%، تصبح ما تنفقه العائلات على استهلاك “الكهرباء، والماء والغاز والمحروقات” – من دون احتساب كلفة المسكن/المأجور- بالإضافة الى الانفاق على “النقل” يقدر بـ 28% من مصروفها (بالمقارنة مثلا، تنفق الاسر على الغذاء والمشروبات غير الكحولية حوالي 20% من ميزانيتها) .
ماذا اذا رُفع الدعم عن المحروقات؟
في محاكاة سريعة، اذا رفُع الدعم عن المحروقات واحتسب سعر الاستيراد على سعر السوق مع ابقاء الرسوم وكلفة النقل والعمولات على ما هي، من المتوقع ان يصل سعر 20 ليتر من البنزين الى حوالي 65،000 ليرة و20 ليتر من المازوت الى حوالي 45،000 وجرة الغاز الى حوالي 50،000 ليرة، اي سترتفع الاسعار حوالي 160%
ماذا سيحدث للاسر؟
تحاول الاسر منذ بدء الازمة الاقتصادية التأقلم عبر تخفيف انفاقها على سلع وخدمات لا تعتبرها اساسية، والابقاء على السلع الاساسية خاصة الطعام. كما تبدل الكثير من الاسر في نوعية الطعام وتقلل من استخدام البروتينيات على حساب النشويات. ساعد الدعم الحالي على المحروقات والسلة الغذائية المدعومة وعدم الارتفاع الكبير في اسعار الخضار في الموسم الماضي في عملية التأقلم هذه، لكن سيؤدي رفع الدعم عن المحروقات الى زيادة متوقعة بين مرتين ومرتين ونصف من كلفة انفاق الاسر على الكهرباء والغاز والنقل، من ضمنها التدفئة والطبخ الخ. والزيادة في اسعار المحروقات ستنعكس على كل القطاعات والسلع. بالطبع لن يكون عند اكثرية العائلات في لبنان القدرة على الاستمرار بنفس انماط الاستهلاك المرتبطة باستخدام المحروقات او الوقود، خاصة ما تدفعه على المولدات الخاصة او الانتقال بالسيارة. ستتأثر العائلات ذات الدخل المتدني واصحاب الدخل المتوسط الادنى، خاصة تلك التي في الارياف، اكثر من غيرها وهي ستصبح في حالة “فقر طاقة”، وهي ظاهرة عدم القدرة على الحصول على الطاقة للكهرباء والتدفئة والطبخ.
كيف نتعاطى مع هذه الازمة؟
في موضوع النقل، يمكن على المدى القريب تأمين بنزين مدعوم لسيارات وفانات الاجرة ضمن تسعيرة يتفق عليها مع اتحادات ونقابات النقل البري، وبالطبع زيادة اعداد باصات مصلحة النقل المشترك. على المدى المتوسط والطويل وجب تحفيز سائقي السرفيس والتاكسي على استخدام السيارات الهجينة ضمن اعفاءات ضريبية عن هذه المركبات.
في موضوع التدفئة، يمكن على المدى القريب ان تؤمن قسائم مازوت للاسر المصنفة “فقيرة من ناحية الطاقة” خاصة في المناطق الداخلية والجبلية عبر نقل جزء من قسائم المحروقات المخصصة للضباط لهؤلاء العائلات وكذلك توسعة برامج الشتاء التي تنفذها المنظمات الدولية مع اللاجئين وبعض افراد المجتمعات المضيفة.
يبقى موضوع الكهرباء وهو الاصعب، فالمتوقع اذ لم يتم اي تدخل جدي في هذا القطاع ان تنخفض ساعات التغذية الى 7 ساعات يومياً خلال العام القادم وعلى الارجح اقل من ذلك. يبدو ان لا مفر من ليال دامسة.