المصدر: cnbc عربية
هل يؤدي تصاعد الحرب في لبنان إلى إشعال أزمة هجرة جديدة بأوروبا؟
في الوقت الذي يركز فيه العالم أجمع على ما إذا كان الصراع في الشرق الأوسط سوف يتصاعد إلى أزمة إقليمية أوسع، بدأت أعداد من اللاجئين في النزوح من لبنان إلى سوريا.
ويقدر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن عدد النازحين بسبب الصراع الإسرائيلي مع حزب الله بلغ مليون شخص، كما ظهرت مقاطع فيديو لأعداد كبيرة من اللاجئين وهم يصلون إلى الحدود السورية.
يشار إلى أنه بحسب بيانات كشف عنها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الاثنين 30 سبتمبر/ أيلول، فإن عدد اللبنانين الذين عبروا الحدود إلى سوريا لا يقل عن 100 ألف مواطن لبناني وسوري.
تقرير لمنصة unherd يشبه الوضع في الشرق الأوسط الآن إلى حد كبير بما كان عليه الوضع في العام 2015، عندما شقت تدفقات الهجرة الضخمة طريقها إلى أوروبا مع نزوح الناس بسبب الحرب في سوريا.
تشير التقديرات الأخيرة إلى أن نحو مليون شخص شقوا طريقهم إلى أوروبا في ذلك العام، وهو رقم مماثل بشكل مخيف للرقم الذي ذكره رئيس الوزراء اللبناني.
ويضيف التقرير أن ما يقف بين حشود اللاجئين اللبنانيين وأوروبا هو حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا وحكومة رجب أردوغان في تركيا.
أما حكومة الأسد ترى أن أوروبا دعمت المتمردين في الحرب الدائرة ببلاده ولن تتردد في إرسال اللاجئين إلى أوروبا. ومن الناحية النظرية قد يكون أردوغان أكثر عقلانية، ولكن حكومته اتخذت موقفاً قوياً للغاية ضد السياسة الخارجية الإسرائيلية الحالية في الشرق الأوسط؛ ولأن أوروبا تدعم إسرائيل على نطاق واسع، فمن الممكن أن ينظر أردوغان إلى اللاجئين باعتبارهم مشكلة يتعين على أوروبا التعامل معها.
وهناك أيضا احتمال أن يسلك اللاجئون طريقا أكثر تعقيدا للوصول إلى أوروبا. فقد يسافرون إلى بلدان في شمال أفريقيا مثل مصر أو ليبيا أو حتى المغرب ويحاولون العبور إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط من هناك.
يُماثل هذا ما حدث في العام 2015، عندما واجه الأوروبيون مشاهد فوضوية من الغرق الجماعي على شواطئ إيطاليا واليونان وإسبانيا.
وفي السياق، يوضح التقرير أن أوروبا ليست مجهزة على الإطلاق للتعامل مع أزمة لاجئين أخرى؛ ذلك أن القارة تعاني بالفعل من تراجع الصناعة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.
كما أوضحت سلطات الاتحاد الأوروبي أنه بعد الوباء والحرب في أوكرانيا، سوف تضطر القارة إلى تحمل تخفيضات قاسية في الميزانية للسيطرة على الاقتراض.
كما لا تزال أوروبا تحاول استيعاب العدد الكبير من اللاجئين الذين نتجوا عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ الرابع والعشرين من شهر فبراير/ شباط من العام 2022.
ووفقاً للأمم المتحدة، هناك حاليا أكثر من ستة ملايين لاجئ أوكراني منتشرين في مختلف أنحاء أوروبا. وفي ألمانيا وحدها يوجد أكثر من 1.2 مليون لاجئ أوكراني. ومن غير الواضح ما إذا كانت أوروبا قادرة على تحمل ضغوط أزمة هجرة أخرى على غرار أزمة عام 2015.
وبحسب unherd ، فإن الأوربيين بدأوا بالفعل يشهدوا حالة عدم استقرار سياسي مرتبط بالهجرة في العديد من الدول الأوروبية. ففي هذا الصيف، اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في بريطانيا بعد طعن ثلاثة أطفال صغار في ساوثبورت (فيما كان قد أثير جدل حول هوية مرتكب الواقعة، قبل أن تعلن المحكمة عن أنه مهاجر من رواندا).
وفي موقف مماثل تقريباً في أيرلندا في العام 2023، أثار طعن ثلاثة أطفال أعمال شغب جماعية في دبلن. والآن أصبحت الهجرة قضية ضخمة في البلاد، مع ظهور حركة احتجاجية واستطلاعات رأي تُظهر أن الهجرة هي القضية التي يدركها الناخبون أكثر من غيرها. كما توضح الاضطرابات الشعبوية في دول مثل ألمانيا حجم المشاعر المناهضة للهجرة في جميع أنحاء القارة.
لكن الواقع أن العام 2024 ليس هو العام 2015. فعندما اندلعت أزمة المهاجرين قبل ما يقرب من عقد من الزمان، لم تكن أوروبا تتمتع بخبرة كبيرة في التعامل مع موجات الهجرة من هذا النوع. والآن شهدت القارة موجتين من هذا النوع ورأت بنفسها مدى زعزعة الاستقرار السياسي.
ويضيف التقرير: “من الصعب أن نتصور أن الساسة الأوروبيين سوف يرحبون بموجة أخرى من الهجرة على غرار عام 2015 بأذرع مفتوحة. ولكن قد تفرض عليهم الظروف هذه الموجة. وإذا حدث هذا، فقد يغير أوروبا سياسيا إلى الأبد”.