swiper image
إقليمية
gallery icon
الجمعة ٩ حزيران ٢٠٢٣ - 21:20

المصدر: الحرة

بسبب مساعدته.. تقرير يتحدث عن سرقة مجوهرات ضخمة تعرض لها حمد بن جاسم

كشف تقرير لموقع “فايس” أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الأسبق، حمد بن جاسم آل ثاني، تعرض لسرقة كبيرة بسبب مساعدته، لم تتحدث عنها وسائل الإعلام عمدا.

تعود القصة وفق التقرير لأوائل ديسمبر الماضي، حين اضطرت مؤسسة شهيرة للبيع بالمزادات إلى إلغاء عرض بيع ماسة كبيرة قد تصل قيمتها لنحو 35 مليون دولار.

وتم إلغاء العرض على المزاد، بسبب اتصال مكتب التحقيقات الفدرالي بالمؤسسة التي كانت ستنظم عملية البيع، لإخبارها بأن الماسة قد سُرقت من شخصية قوية وشهيرة في الشرق الأوسط، من قبل وسيط مقيم في فلوريدا، وذلك ضمن مخطط صادم شهد مشاركة عدة مساعدين.

ويضيف التقرير أنه وقبل بضعة أسابيع من إلغاء المزاد، في 22 نوفمبر، ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض على كل من جون لي، الذي يسكن في كل من دافنبورت بفلوريدا، وباراموس، في نيو جيرسي، بتهمة الاحتيال عبر البريد ونقل بضائع مسروقة بين الولايات.

وكان لي محل ملاحقة استمرت أشهرا من قبل أجهزة إنفاذ القانون الدولي وفرق المحققين الخاصين في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وحتى الخليج العربي.

سرية تامة

استقت “فايس نيوز” المعلومات المنشورة في التقرير من محققين ومسؤولي إنفاذ القانون الأوروبيين ومصادر متعددة في صناعة الألماس تحدث جميعهم شريطة عدم ذكر أسمائهم.

“ولم تحظ القضية باهتمام وسائل الإعلام، وكان ذلك عن قصد” وفقا لما نقله التقرير عن الأشخاص المذكورين “لأن ضحية سرقة المجوهرات كان الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء السابق لدولة قطر، وأحد أكثر المطلعين على السياسة في الشرق الأوسط”.

ونقل التقرير عن عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي تحول إلى محقق خاص في نيويورك قوله إن المسؤول القطري السابق، “الذي تقدر ثروته بملياري دولار، يمتلك المال والنفوذ لإبعاد اسمه عن القضية” .

وقال الوكيل السابق، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “هناك أسبابا دبلوماسية مشروعة لإبقاء شخص مثل اسم آل ثاني بعيدا عن القضية”.

وقال محقق خاص مقيم في دبي تم إطلاعه على القضية: إن “حمد بن جاسم آل ثاني لديه الثروة والنفوذ السياسي والدبلوماسي للحفاظ على القضية طي الكتمان”.

وتؤكد “فايس نيوز” أنها أفصحت عن اسم حمد بن جاسم آل ثاني كضحية في هذه القضية،  للمرة الأولى، حيث لم يتم التطرق لاسمه من قبل أي وسيلة إعلامية أخرى.

وقالت إنها تبينت ذلك، بعد فحصها للسجلات والإيصالات التفصيلية للمسروقات الثمينة، وتأكيد عدة مصادر مشاركة في البحث.

مسروقات بقيمة 90 مليون دولار

قال التقرير أيضا إنه في شهر أغسطس من العام الماضي، تم تعيين محققين من الشركات الكبرى في لندن ونيويورك من قبل المحامين العاملين في شركة حمد بن جاسم آل ثاني، لاستعادة 17 قطعة مجوهرات تزيد قيمتها عن 90 مليون دولار سُرقت خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

كانت المجوهرات فريدة من نوعها وذات قيمة عالية، بل وبعهضا معروف لدى تجار المجوهرات الكبار، لذلك افترض المحققون أن إخراجها للعلن لبيعها من قبل اللصوص كان سيكون مخاطرة كبيرة منهم، لكنهم استنتجوا أن اللصوص كانوا ينوون إجراء بعض التغييرات عليها حتى لا تُعرف.

يقول التقرير أيضا، إنه من المعروف أن حمد بن جاسم آل ثاني يمتلك ثروة، و”يحب الأشياء الجميلة” إذ عرض ما قيمتة 179 مليون دولار على لوحة بيكاسو Les Femmes d’Alger (نساء الجزائر) في عام 2015 وكان ذلك رقماً قياسياً لعرض شراء لوحة في المزاد.

وبحسب تسريبات “أوراق بنما” فإن الرجل كان يقضي عطلته على متن يخت فاخر بقيمة 300 مليون دولار، بينما تردد مؤخرا أن ابنه، جاسم بن حمد بن جاسم آل ثاني، قدم عروضا متعددة لشراء نادي مانشستر يونايتد الإنكليزي لكرة القدم.

وأمضى حمد بن جاسم آل ثاني 30 عاما كوزير لخارجية قطر من 1992 إلى 2013  وكذلك ست سنوات بين عامي 2007 و 2013 كرئيس للوزراء أيضا.

وهذه الأدوار، جنبا إلى جنب مع ثروته الشخصية الهائلة، منحته منذ فترة طويلة التأثير والوصول لأقوى دوائر اتخاذ القرار في العالم.

وخلال الثورة السورية، ورد أن مكتبه كان بمثابة مركز رئيسي لجمع التبرعات والدعم اللوجستي للمتمردين السوريين، حيث قام بتحويل مئات الملايين من المساعدات إلى سوريا، فضلاً عن لعب دور رئيسي في إطلاق سراح الرهائن الأجانب في كل من العراق وسوريا.

وقال محلل من الشرق الأوسط تحدث لـ”فايس نيوز” لكنه حجب اسمه: “حمد بن جاسم شبه متقاعد سياسيا منذ تولى الأمير الجديد السلطة في 2013 ويركز على استثماراته”.

وذكّر بأن الرجل أمضى أكثر من 20 عاما كواحد من أهم الساسة والوسطاء في المنطقة “وعلاقاته مع اللاعبين الإقليميين وكذلك المسؤولين الرئيسيين في جميع أنحاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا قوية”.

أثارت هذه العلاقات جدلا في بعض الأحيان، حيث تم الكشف في يونيو 2022 عن أن حمد بن جاسم آل ثاني قد منح ملك بريطانيا تشارلز الثالث عندما كان أميرا ما لا يقل عن 3 ملايين جنيه إسترليني على ثلاث دفعات نقدية من عام 2011 إلى عام 2015.

وتلك المدفوعات، التي تم تسليمها في حقائب فاخرة، كانت وصفت فيما بعد بأنها تبرعات لصناديق الأمير الخيرية.

يقول التقرير تعليقا على ما سلف ” لكن هذه الثروة والوصول إلى أروقة السلطة لم يساعدانه على حماية جواهره من لص عبر الإنترنت”.

تفاصيل القضية

في إبريل 2019، كانت مساعدة حمد بن جاسم آل ثاني المشار إليها باسم الضحية 1 في مذكرة التوقيف ولكن تم تحديد اسمها الأول بـ”ماغدالينا” في وثائق قدمت للمحققين، تتردد على موقع Purple Garden، وهو موقع إنترنت خاص بتقديم المشورة في مختلف المجالات مثل الحظ والحب والعلاقات المهنية لمدة عام تقريبا وهناك دخلت في اتصال مع مستشار اسمه “جيوفاني”، لكنه في الحقيقة كان لي، المقيم في فلوريدا، والمتهم بسرقة مجورهات الشيخ القطري.

خلال تلك الفترة، كان لي يخطط لعملية احتيال طويلة الأمد، بعد أن جمع ما لا يقل عن 150 ألف دولار من الرسوم من ماغدالينا وفقًا للمحققين الذين قرأوا بيانها الذي قدمته إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وقال محقق ثالث تحدث لـ”فايس”، كونه أطلع على القضية: “أصبح من الواضح أنه بحلول يونيو قرر لي الانتقال إلى ما هو أكبر حيث أقنع المساعدة بإرسال مجوهراتها إليه بالبريد لتنظيفها من الشوائب السيئة”.

وبعد أن ربط لي علاقة “قوية” بماغدالينا، حيث كان يقدم لها المشورة في الغالب عبر تطبيق واتساب، أقنعها بأن مشاكلها الرومانسية والنفسية تكمن في مجوهراتها الشخصية، والتي قال إنها تحتوي على شوائب سيئة، كما تقول الوثائق المقدمة إلى “فايس نيوز” من قبل المحققين قبل اعتقال لي.

وبعد بضعة أسابيع، وفقا لكل من المحققين ووثائق الشحن، أعاد لي مجوهرات لماغدالينا عبر “فيديكس” وذلك “بعد أن نظفها من الشوائب السيئة” حسب زعمه، لكنه أخبرها بأن مجوهراتها قد نشرت “الأرواح الشريرة” وأصابت مجواهرت أخرى، مؤكدا أن ذلك يعرّض الجميع للخطر، لذلك، اقترح أن ينظف المجوهرات الأخرى ” .

بعد أن أعاد المجوهرات، كسب لي ثقة ماغدالينا، التي أرادت إعادتها لمكانها دون علم مديرها، آل ثاني، لكن المكان كان به كاميرات، وهو الأمر الذي سهله لها لي، حيث زعم أنه سيعطيها تعويذة تجعل الكاميرات لا تسجل مرورها.

قال محقق رابع مطلع على القضية، تحدث هو الآخر شريطة عدم ذكر هويته: إن لي كان يجهز ماغدالينا لكسب ثقتها، ومساعدته على السرقة، وذلك لمدة تفوق أربع سنوات.

لكن التعويذة لم تنجح، ففي 12 يونيو 2022، سجلت الكاميرات دخول ماغدالينا إلى المكان حيث توجد المجوهرات لحوالي 10 دقائق، بحسب مذكرة التوقيف.

الصدمة

لكن الأمر استغرق شهورا، وتخلله دخولها ثلاث مرات أخرى، واعتراف منها ليدرك الشيخ القطري وفريقه الأمني ما حدث.

تُظهر المستندات المقدمة إلى “فايس نيوز”، بما في ذلك إيصالات “فيديكس” ومعلومات تتبع الطرود، أن ماغدالينا دفعت نحو 92 دولارا بالعملة القطرية، لإرسال طرد بحجم 0.5 كغ من الدوحة، إلى عنوان في دافنبورت، بولاية فلوريدا، حيث قرر مكتب التحقيقات الفيدرالي لاحقا أنه واحد من مساكن لي.

كان الطرد  الذي تم إرساله بدون تأمين وصول أو طلب توقيع استلام، موجه إلى لي، وفقا لبيانات التتبع.

وكان المغلف يحتوي على أربعة مما سيكون في النهاية 17 قطعة من المجوهرات الراقية بقيمة لا تقل عن 90 مليون دولار.

ومن بين الشحنات الأربع التي تم إرسالها عبر البريد على مدار ستة أسابيع في الصيف الماضي، تم إرسال ثلاث شحنات إلى عنوان في دافنبورت بولاية فلوريدا وواحدة إلى عنوان في باراموس بولاية نيوجيرسي.

يقول التقرير أيضا إن ماغدالينا أرسلت المجوهرات عبر أربع دفعات، وفقا للمعلومات الواردة عن تتبع الطرود.

ومن بين المجوهرات التي أرسلتها، كان هناك خاتم ضخم من الألماس الوردي، وعقد، مرصع بـ 75 قيراطا من الألماس الأصفر والأبيض بقيمة 3000 ألف دولار.

ورفع لي أسعاره إلى أكثر من 50 ألف دولار لكل من الحزم الأربع من جواهر حمد بن جاسم آل ثاني التي تم إرسالها خلال فترة الستة أسابيع.

وقامت ماغدالينا بتضمين الشيكات في كل من حزم “فيديكس” الأربعة.

كشف الحقيقة

ماغدالينا أخبرت المحققين أنها بدأت تشك أخيرا في صدق لي، عندما رفض إعادة المجوهرات عن طريق “فيديكس” بنفس الطريقة التي تلقاها زاعما أنه يخشى أن تصادر سلطات الجمارك الجواهر إذا أرسلها عبر FedEx.

لكن مخاوف ماغدالينا خفّت إلى حد ما، عندما وعدها لي بلقائها في مدينة كان، بفرنسا، في نهاية شهر أغسطس من تلك السنة، حيث كانت سترافق الشيخ القطري في عطلة صيف.

وعندما لم يظهر لي في كان، أصابت ماغدالينا حالة من الذعر، بحسب بيانها.

وبعد أن سألته لماذا لم يأت إلى كان كما كان مخططا له، وسألته متى سيعيد المجوهرات، أنهى لي أخيرا تلاعبه وكتب ردا عليها بحسب مذكرة التوقيف: “من فضلك توقفي.. لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه.. أعتقد أنك بحاجة إلى طبيب نفسي.. أرجوك توقفي عن مضايقتي”.

عندها، أدركت ماغدالينا على الفور خطأها واعترفت للشيخ القطري، قبل تقديم بيان مطول لفريق الأمن التابع له والعودة إلى الدوحة على متن طائرة خاصة.

وبدلا من مقابلة ماغدالينا في فرنسا لـ”إعادة المجوهرات”، وفقا لوثائق الاتهام والمحققين الذين تم إطلاعهم على القضية، أمضى لي شهر أغسطس في مدينة نيويورك، ونيوجيرسي وهو يحاول بيع “أشياء” إلى تجار مجوهرات مختلفين، لا يزالون الآن محل التحقيق، عن دورهم المحتمل في عملية الاحتيال والسرقة.

ويعكف المحققون الآن على استعادة بعض المسروقات رغم صعوبة المهمة، حيث أنه باستثناء ساعة رولكس، يمكن بسهولة تحويل القطع الستة عشر الأخرى التي سرقها لي إلى أحجار جديدة قد يقبل شراءها تجار الماس “أقل أخلاقية” وفق وصف التقرير.