دولية
الخميس ٢٨ آذار ٢٠٢٤ - 17:30

المصدر: الحرة

تقرير: روسيا تطلق “حملة تضليل” لصرف الانتباه عن الإخفاق الأمني بهجوم موسكو

في أعقاب “هفوة أمنية واضحة” سمحت لمجموعة من الرجال المدججين بالسلاح بقتل العشرات من رواد حفلة موسيقية في العاصمة الروسية موسكو، الأسبوع الماضي، قامت روسيا بتقديم رواية تلقي فيها باللوم على “المشتبه به المعتاد: أوكرانيا”، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

وصعّد كبار أعضاء حكومة الرئيس الروسي، فلاديمر بوتين، خلال الأيام الأخيرة، من مزاعمهم، وألقوا اللوم صراحة على أوكرانيا، والآن على حلفائها في الغرب أيضا.

وقال محققون روس، الأربعاء، إنهم يحققون في تقارير “تفيد بأن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، تمول وتساعد في ارتكاب هجمات إرهابية في روسيا”، وفق الصحيفة.

والإثنين، اعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن الهجوم “نفذه متطرفون”، لكنه ألمح إلى تورط كييف وداعميها الأميركيين، وربط الهجمات بغارات مسلحة على روسيا، نفذتها قوات كوماندوز مدعومة من كييف، وضربات بطائرات بدون طيار أوكرانية على البنية التحتية للطاقة الروسية.

ولم يقدم المسؤولون الروس أي دليل على التواطؤ الأوكراني. ونفت كييف بشدة أي علاقة لها بالهجوم، فيما رفضت الولايات المتحدة ادعاءات روسيا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الثلاثاء، إن “هذا ببساطة غير صحيح”. وأضاف: “تلك التعليقات الصادرة عن المسؤولين الروس، بما في ذلك تصريحات الرئيس بوتين، هي مجرد دعاية لتبرير عدوانهم المستمر على أوكرانيا”.

ويقول محللون إن الحملة المنسقة لإلقاء اللوم على أوكرانيا هي “جزء من محاولة لتحويل الانتباه بعيدا عن الإخفاقات الأمنية التي يبدو أنها سمحت للمهاجمين بدخول قاعة الحفلات الموسيقية، على الرغم من وجود الشرطة داخل المبنى”.

وقال الزميل بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، كيريل شاميف: “إنهم يريدون تصنيف هذا الهجوم على أنه جزء من مواجهة أوسع مع الغرب وأوكرانيا، وليس مجرد فشل لأجهزة الأمن الروسية”.

وأضاف أن روسيا “تتحوط في رهاناتها من خلال الاعتراف بمسؤولية المتطرفين، لكنها تتجنب الإذلال الناجم عن تصويرهم على أنهم يعملون بشكل منفصل عن الحرب في أوكرانيا”.

وبدأت وسائل الإعلام الروسية الإبلاغ عن الهجوم قرابة الثامنة والربع مساء الجمعة (17,15 بتوقيت غرينتش)، عندما اقتحم عدد من المسلّحين “كروكوس سيتي هول”، وهي قاعة للحفلات الموسيقية تقع في كراسنوغورسك عند المخرج الشمالي الغربي للعاصمة.

واستخدم المهاجمون “أسلحة أوتوماتيكية” وأشعلوا المبنى بواسطة “سائل قابل للاشتعال” وفق ما أوضحت، السبت، لجنة التحقيق.

ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء عن أجهزة الطوارئ قولها، إن “مجموعة من أشخاص مجهولي الهوية يرتدون زيا تكتيكيا ومسلحين بأسلحة رشاشة… فتحوا النار على عناصر الأمن عند مدخل قاعة الحفلات الموسيقية” في كروكوس سيتي هول ثم بدأوا إطلاق النار على الجمهور”.

وقال مسؤولون غربيون إن تنظيم داعش الإرهابي مسؤول عن الهجوم الذي وقع في 22 مارس على “كروكوس سيتي هول” والذي أسفر عن مقتل 143 شخصا على الأقل وإصابة المئات.

كما أعلن التنظيم المتطرف مسؤوليته عبر تلغرام.

“أداة في صندوق أدواتهم”

ومثل 4 من المسلحين المشتبه بتنفيذهم الهجوم، الذين قالت السلطات إن جميعهم ينحدرون من جمهورية طاجيكستان في آسيا الوسطى، أمام المحكمة، الأحد، واعتقلت روسيا منذ ذلك الحين 4 مشتبه بهم آخرين.

ولأكثر من عقد من الزمان، أنفقت روسيا موارد هائلة على حملة دعائية ركزت على إرجاع مشاكل البلاد إلى “مخططات شائنة دبرها الغرب، وتصوير أوكرانيا على أنها نظام يقوده دمية يعمل بأوامر غربية، وهو جهد تسارع بعد أن أطلق بوتين غزوه الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022″، حسب “وول ستريت جورنال”.

وعلى سبيل المثال، بعد أن أسقط الانفصاليون المدعومون من روسيا، رحلة الخطوط الجوية الماليزية “إم إتش 17” فوق أوكرانيا عام 2014، نشرت وسائل الإعلام الحكومية الروسية قصصا “تشير إلى أن الرحلة كانت مليئة بالجثث، قبل أن يتم ضربها بصاروخ”.

ولم تكن الحملة الرامية إلى إلصاق الحادث الأخير بأوكرانيا وتحويل الانتباه عن إخفاقات روسيا الأمنية، تستهدف الجمهور المحلي فحسب، وفقا لبحث أجرته شركة “أكتيف فينس”، وهي شركة للأمن السيبراني تقدم المشورة لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي بشأن مكافحة المعلومات المضللة.

وعثرت شركة “أكتف فينس” على “عشرات الآلاف من حسابات دشنت حديثا في منصة (إكس)، تنشر منشورات تدعم الخط الروسي بشأن التواطؤ الأوكراني والغربي، بسبع لغات على الأقل، بما في ذلك اللغة العربية”.

وقالت راشيل ليفي، التي تركز على المخاطر الجيوسياسية في “أكتيف فينس”، إن “حملة التضليل الحالية على وسائل التواصل الاجتماعي، لها سمات الحملات السابقة التي شنتها روسيا”.

وقالت أيضا: “إن الحجم والاستثمار هما أمران عادة ما يشيران إلى الجهات الفاعلة الحكومية”، مضيفة: “إنهم يستهدفون الجماهير الدولية كثيرا في مجموعة من القضايا. هذه أداة في صندوق أدواتهم، وهي أداة استراتيجية”.