swiper image
swiper image
كورونا
gallery icon
الأربعاء ٢٣ حزيران ٢٠٢١ - 21:56

المصدر: العربية

جدل مثير.. هل يشفي حقا هذا العقار من فيروس كورونا؟

أطباء وعائلاتهم يتعاطون العقار لكن لا يصفونه لمرضاهم.. وموقف حذر من الصحة العالمية يواكبه حالة ترقب من الخبراء

في بداية العام الجاري، شعر رينو دغيسي، عامل البناء البالغ من العمر 53 عامًا والذي كان يعاني من عدوى فيروس كورونا المُستجد، بتدهور حالته المرضية لدرجة أنه اعتقد أنه يحتضر. وروى دغيسي أنه شعر “أنها النهاية حقًا”، حيث كان بالكاد يستطيع التحدث ويجاهد من أجل التنفس وشعر بالألم وكأن أحدهم يطعنه في ظهره وجانبيه.

بناء على نصيحة صديق

وبحسب ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، كان رينو، آنذاك يتلقى علاجًا طبيًا بجرعات عالية، حتى قام عن طريق الصدفة، وبناء على نصيحة من أحد أصدقائه، باستخدام عقار يُدعى بالإيفرمكتين أو أيفرزين، والذي يشيع استخدامه كعلاج مضاد للصئبان.

وقال دغيسي إن صديقه أكد له أن هذا العقار يستخدم لعلاج مرض كوفيد-19 في بلدان أخرى، وأنه آمن تمامًا، على الرغم من أنه لا يُسمح للأطباء العامين في المملكة المتحدة بوصفه في برتوكولات العلاج المضادة لفيروس سارس-كوف-2.

واستطرد دغيسي قائلًا إنه تناول الأقراص لمدة 5 أيام وأن الأمر استغرق “حوالي خمسة أو ستة أسابيع للتعافي تمامًا”، مؤكدًا اقتناعه التام بأن العقار، المستخدم للقضاء على الصئبان في الشعر وقمل الرأس منذ عام 1981، ساعده على النجاة من أسوأ أضرار كوفيد-19.

القمل والجرب الطفيلي

يستخدم عقار إيفرمكتين (على شكل أقراص أو كمادة مضافة إلى شامبو الشعر) حول العالم للقضاء على قمل الرأس والجرب الطفيلي الجلدي والتهابات الديدان الأخرى، حيث يعمل عن طريق منع البروتينات التي تستخدمها الديدان لتعطيل الجهاز المناعي للمضيف.

أبحاث في أستراليا

ولكن تبين أيضًا أن للعقار خصائص أخرى، حيث أفاد باحثون من جامعة موناش بأستراليا، في مارس الماضي، أن الإيفرمكتين، الذي يستخدم أيضًا (في شكل دهان موضعي) لعلاج مرض جلدي مزمن هو حب الشباب الوردي، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض واضح في تكاثر فيروس كورونا المُستجد.

أشارت تجارب أخرى من جميع أنحاء العالم إلى أن العقار له أيضًا تأثير قوي مضاد للفيروسات ومضاد للالتهابات التي يسببها مرض كوفيد في الغالبية العظمى من الحالات عدا الحالة الشديدة التي تستدعي تلقي العلاج بالمستشفيات.

وقال بروفيسور توماس بورودي، المدير الطبي لمركز أمراض الجهاز الهضمي في سيدني: “يبدو أن من السهل للغاية القضاء على فيروس كورونا” (باستخدام هذا العقار).
وفي دراسة نُشرت في ديسمبر في دورية Reviews in Cardiovascular Medicine، والتي شارك في التوقيع عليها 56 متخصصًا آخر في جميع أنحاء العالم، تم اقتراح وصف عقار الإيفرمكتين جنبًا إلى جنب والزنك والمضاد الحيوي دوكسيسيكلين كعلاجات فعالة بشكل ملحوظ لحالات كوفيد.

ويرجح بعض الباحثين أن الإيفرمكتين يعمل على منع فيروس سارس-كوف-2 من الارتباط بمستقبلات الخلية ودخول الخلايا، حيث يوقف قدرة الفيروس على تعطيل إنتاج الجهاز المناعي للإنترفيرون، وهو البروتين الذي يشكل جزءًا من آلية الدفاع الخلوي.

حماس مبتكر العقار

وفي أبريل من العام الجاري، وصل الأمر ببروفيسور ساتوشي أومورا، عالم الكيمياء الحيوية الياباني البالغ من العمر 85 عامًا والذي فاز بجائزة نوبل للطب لعام 2015 لاكتشافه عقار الإيفرمكتين، إلى أن قال إن العقار ربما يمثل اختراقًا طبيًا يمكن مقارنته بالفوائد التي تحققت مع اكتشاف المضادات الحيوية.

وكتب في الدورية اليابانية Antibiotics: “عندما يتم تأكيد فعالية الإيفرمكتين في جائحة كوفيد ويتم تحقيق استخدامه السريري على نطاق عالمي، فربما يكون مفيدًا للغاية للبشرية”.
ولكن على الرغم من حماس بروفيسور أومورا لاكتشافه العلمي، إلا أن هناك أدلة علمية أخرى تشير إلى أن العقار يحتاج للمزيد من البحث والتجارب.

موقف حذر للصحة العالمية

قاد دكتور أندرو هيل، زميل أبحاث كبير في علم العقاقير والعلاجات في جامعة ليفربول، بتكليف من منظمة الصحة العالمية، فريقًا بحثيًا للقيام بتحليل نتائج 18 من هذه التجارب التي شملت ما يقرب من 2300 شخص بدرجات متفاوتة من عدوى كوفيد، وخلص، في دراسة نُشرت في أكتوبر الماضي، إلى أن الإيفرمكتين يمكن أن يخفض وفيات كوفيد بنسبة 75%.

ومع ذلك فإن “الإرشادات التوجيهية” التي نشرتها منظمة الصحة العالمية في أبريل بهدف تحسين أساليب علاج كوفيد في جميع أنحاء العالم، وصفت فعالية عقار الإيفرمكتين في تقليل معدلات الوفيات وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفيات بأنها “غير مؤكدة للغاية”، ويعزى السبب في الـ”مخاوف” المهمة، من جانب المنظمة الدولية، إلى احتمال وجود تحيز في التجارب السريرية التي تم دراستها وتحليل نتائجها وكذلك إلى قلة أعداد المرضى، الذين شملتهم الدراسات.

وخلصت الوثيقة المكونة من 60 صفحة إلى أن عقار الإيفرمكتين يستحق التحقيق والدراسة ولكن يجب أن يوصف فقط للمرضى الخاضعين للمراقبة الدقيقة في التجارب السريرية بسبب عدم اليقين بشأن الجرعة وخطر السمية غير المعروف.

لم يتفاجأ دكتور هيل، الذي قاد العديد من هذه المبادرات، من الموقف الحذر من جانب منظمة الصحة العالمية، وأعرب عن أمله في “أن يعمل (عقار) الإيفرمكتين على الرغم من أن هناك حاجة إلى إثباتات مؤكدة وفقًا لمعيار تنظيمي حتى يمكن الموافقة عليه”.

الأطباء يتعاطونه

وبحسب “ديلي ميل” أعرب بعض الأطباء في المملكة المتحدة عن تناولهم أو استعدادهم لاستخدام العقار كعلاج أو كوقاية، حيث يقول جون مكارثي، طبيب 54 عامًا من لانكشاير، إنه كان يبحث عنه لبعض الوقت وأنه يتناوله “منذ ديسمبر لتقليل خطر الإصابة بكوفيد”، مضيفًا أنه يعطيه “أيضًا لأفراد العائلة”، وفي حين أكد أنه لا يصف العقار للمرضى في المملكة المتحدة، لكنه ينصح معارفه خارج بريطانيا باستخدامه.

أما توماس ماديجسكي، طبيب عام في ألبيون بنيويورك فيقول إنه قام بالفعل بوصل العقار كعلاج لأكثر من 100 مريض.

65 دراسة حول العالم

في غضون ذلك، أصدرت شركة ميرك، المصنعة الأصلية لعقار الإيفرمكتين، بيانًا أصرت فيه على أنه “لا يوجد أساس علمي لتأثير علاجي محتمل” للإيفرمكتين ضد كوفيد-19، وسلطت الضوء على “نقص في بيانات السلامة في غالبية الدراسات” التي أجريت على مرضى كوفيد-19 باستخدام العقار.

وتقوم الشركة حاليًا بتطوير عقار جديد مضاد لكوفيد-19، أثبتت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أنه يحد من انتقال كوفيد في غضون 24 ساعة.

تجرى حاليًا 65 دراسة حول فعالية عقار إيفرمكتين في علاج كوفيد-19، لكن ما يثير القلق هو أن معظم هذه التجارب السريرية تتضمن أعدادا صغيرة من المرضى أو يتم إجراؤها في بلدان ذات أنظمة أقل صرامة.

وقال بروفيسور ريتشارد هوبز، أخصائي الرعاية الأولية في جامعة أكسفورد، وأحد الباحثين الرئيسي في دراسة كبيرة حول عقار إيفرمكتين: إن “الهدف هو العثور على دواء يقلل من مخاطر المرض والحاجة لدخول المرضى إلى المستشفى”، مشيرًا إلى تجارب PRINCIPLE حاليًا تعمل على تقييم فعالية عقار الربو المسمى بوديزونيد وعقار الكولشيسين، المستخدم لعلاج مرض النقرس، بالإضافة إلى عقار الإيفرمكتين.

تخوف من أمل زائف

قال دكتور سيو بينج لام، مدير الترخيص لهيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة، إنه على الرغم من أن الإيفرمكتين غير معتمد حاليًا لكوفيد، إلا أن الهيئة تدرك الاهتمام به ومستعدة لمعالجة أي طلب لتسويقه، لكنها تحتاج إلى إثباتات مؤكدة بشأن سلامة وفعالية استخدامها “بناءً على بيانات علمية قوية”.

ومن جانبه قال بروفيسور هوبز: “من الطبيعي أن نأمل جميعًا في العثور على أدوية مفيدة،” ولكن في بعض الأحيان يكون من المهم للغاية أيضًا التحذير من الأدوية التي لا تقدم علاجًا.
واتفق دكتور هيل في الرأي مع بروفيسور هوبز، مؤكداً على الحاجة إلى رؤية نتائج التجارب السريرية الأكبر الجارية قبل اتخاذ قرارات بشأن استخدام الإيفرمكتين على نطاق واسع قائلًا: إن “النتائج جيدة حتى الآن ولكن دعنا نحصل على المزيد من البيانات”، فقد سبق أن عايشنا نفس الأمل الزائف مع أدوية أخرى مماثلة.