مجتمع
الأحد ١ آب ٢٠٢١ - 19:30

المصدر: سكاي نيوز

جرائم الكراهية العنصرية.. شبح يلاحق أكراد تركيا منذ قرن

عادت جرائم الكراهية العنصرية لتطال الأكراد في تركيا، بعد حادثة الهجوم الذي شنته مجموعة قومية عنصرية تركية على عائلة كردية في ولاية قونيا وسط تركيا ليلة أمس، أودت بحياة 7 مدنيين أكراد من عائلة واحدة، بينهم نساء وأطفال.

ومثلما يحدث دوما، فأن السلطات التركية أنكرت الطابع العنصري لهذه الجريمة، واعتبرتها مجرد فعل جنائي بين عائلات متجاورة. الأمر الذي أنكره الأفراد المتبقون من العائلة ومعهم المنظمات الحقوقية الناشطة في تركيا. فهذه العائلة كانت قد تعرضت لهجوم مماثل قبل 3 أشهر فحسب، من قِبل نفس المجموعة التي كانت ترفع شعارات قومية مناهضة للأكراد، لكن السلطات التركية أفرجت عن المرتكبين بعد 3 أسابيع فحسب، ليعاودوا ارتكاب فعلتهم.

وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، المعروف بانتمائه للتيارات القومية المتشددة في البلاد، أنكر أي طابع (كردي/تركي) لما حدث، بل فقط ممارسة شخصية. الأمر الذي رفضه حزب الشعوب الديمقراطي، المعروف بتأييده للأكراد، إذ صنف الحادثة ضمن سلسلة الأفعال العنصرية التي تطال الأكراد في تركيا.

وقال نائب رئيس الحزب، مدحت سنجر، في تصريح إعلامي عقب الحادثة مباشرة “لقد شهدنا في قونيا مثالا مروعا للهجمات العنصرية المستمرة منذ فترة، إن خطاب السلطة الذي ينطوي على الكراهية والاستفزاز هو المسؤول الرئيسي عن هذه المذبحة”.

وتعد ولاية قونيا وسط تركيا المكان الأكثر “خصوبة” في الجرائم العنصرية التي تطال الأكراد في تركيا، بسبب هيمنة التيارات القومية المتشددة على المؤسسات المحلية في تلك الولاية. إذ تعرض فلاح كردي يعمل بالأجرة في ريف المدينة لهجوم مسلح قبل أسبوع واحد فحسب، كان المهاجمون يرددون “لا نريد أكرادا هنا”.

 حوادث اعتداء عنصري

وكانت الأوساط الحقوقية والسياسية في تركيا قد ضجت خلال فصل الصيف الماضي بجريم الاعتداء العنصري على الشاب الكردي “باريش تشاكان” في العاصمة التركية أنقرة، إذ هاجمه أكثر 5 شبان أتراك في الحديقة العامة في أنقرة، لأنه كان يستمع إلى أغنية باللغة الكردية، مما أدى إلى مقتله، الأمر الذي أنكرته السلطات التركية أيضا، لكن المؤسسات الحقوقية في تركيا، إلى جانب الأحزاب السياسية المؤيدة للأكراد، بقيت مصرة على الطابع العنصري للحادثة.

قبل حادثة الشاب الكردي بشهر واحد، كانت وسائل الإعلام التركية قد نقلت من منطقة “جنى قلعة” في أقصى غرب تركيا حادثة الاعتداء على المسن الكردي “أكرم إلدر”، الذي كان يرافق زوجته في مستشفى المدينة، ولأنهما كانا يتحدثان الكردية، التي لا يعرفان إلا التحدث بها، هاجمهم مقيمون أتراك في نفس المستشفى، مرددين شعارات من مثل “لا لتقسيم تركيا”.

ويعد المراقبون تلك الحوادث العنصرية ممارسة دورية تجري في تركيا، ويرجعونها إلى لغة التخوين والشيطنة التي تطال الأكراد من قِبل السلطة الحاكمة ووسائل الإعلام في البلاد، بالإضافة إلى التعامل غير الحازم الذي تتصرف به السلطة الحاكمة مع الفاعلين، الذي يقدره بعض المراقبون الحقوقيون بأنه أقرب ما يكون إلى “المكافأة”.

تصاعد الهجمات بعد صعود حزب العدالة والتنمية

الباحث والناشط السياسي الكردي/التركي رزو كابارلي بين، في حديث مع سكاي نيوز عربية، أسباب تصاعد هذه الهجمات منذ تولي حزب العدالة والتنمية سلطة حكم البلاد “كانت حادثة هجوم قرابة 50 شخصا على العمال الأكراد في بلدة أولتان بالقرب من العاصمة أنقرة في أواسط العام 2003 افتتاحا لتلك الجرائم، إذ كان واضحا أن ثمة تنظيم وتوجيه للأمر، إذ كيف لخمسين شخصا من مناطق مختلفة ان يهاجموا مجموعة من العمال، فقط لأنهم يرقصون على أنغام كردية!”

وأضاف “وبعد ذلك تتالت الهجمات، بالذات التي تستهدف العمال الأكراد، لأنهم أكثر الطبقات ضعفا، إذ لا يمر عام واحد دون العشرات من تلك الهجمات، فأما تستهدف مجموعة من العمال أو صالة عرس أو موقعا لجمعية مدنية أو قرويون مهجرون إلى مناطق الداخل التركي، أو حتى على السجناء الأكراد في عنابر اعتقالهم”.

يضيف كابارلي في حديثه “صحيح أن المادة 122 من قانون العقوبات التركي، الذي يفرض عقوبات قاسية على الجرائم المرتكبة بسبب العنصرية أو الكراهية القومية واللغوية والعرقية، بحيث يشدد العقوبة حد السجن المؤبد لو أدت الجريمة إلى مقتل شخص ما، لكن فقط لثلاث سنوات كحد أقصى لو لم يؤيد فعل الكراهية لموت شخص ما. لكن ذلك ليس مهما، فالادعاء العام التركي، وبضغط من القوى السياسية والأجهزة الأمنية في البلاد، يستحال أن يصنف اية جريمة تطال الأكراد على أنها ضمن جرائم العنصرية أو الكراهية، بل يختلق على الدوام أعذارا واهية لاعتبارها مجرد أفعال جنائية”.

وكانت تركيا تنكر وجود قرابة 20 مليون كردي في البلاد، وهي تعترف بهم راهنا بشكل سطحي جدا، دون أن يكون هناك أي بند دستوري أو قانوني يقر بذلك. لكن جميع خطابات السلطة وحتى قوى المعارضة التركية تتهم الأحزاب والجهات الكردية، وبشكل مبطن المجتمع الكردي، بالتآمر وموالاة القوى الخارجية والسعي لتقسيم تركيا، مما يخلق موجات من الغضب في الأوساط القومية التركية، التي تتمركز في مناطق وسط البلاد.