المصدر: صوت لبنان
ربيع قيس لصوت لبنان: الثقة والقرار السياسي أساس بناء الدولة الحديثة…وعامر صياغة: لا مكافحة للفساد دون الذهاب الى التحول الرقمي
لفت المحامي ربيع قيس مدير المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم ضمن برنامج” نحنا والاقتصاد” عبر صوت لبنان الى ان الادارات بحاجة الى تسريع وتيرة العمل فيها، والحكومة تتحرك ببطء،انما الامور بدأت تأخذ مسارها التدريجي، خصوصا بعد سنوات طويلة من الفراغ.
وقال: “الحكومة لم يتجاوز عمرها الشهرين والنصف، ومع ذلك نحن ننتظر منذ سنوات ان تتحرك الامور بشكل أسرع، ونأمل ان تكون وتيرة العمل فيها على قدر طموحاتنا خصوصا مع اقتراب الانتخابات البلدية التي تلعب دورا اساسيا في التنمية الادارية، ومن ثم علينا الانتقال الى الانتخابات النيابية لتشكيل برلمان جديد يواكب العهد والاصلاحات”.
ورأى انه في هذه المرحلة الحكومة تعمل على قوانين اصلاحية، مثل قانون السرية المصرفية الذي اقر في البرلمان، لكن المطلوب أكبر بكثير، فالبلد بحاجة الى اصلاحات جذرية للنهوض بالاقتصاد وادارات الدولة.
وقال: “نحن كمؤسسة نعمل على دعم الاصلاحات في القطاع العام لتحقيق التنمية المستدامة التي تخدم جميع المواطنين، سواء المقيمين او المغتربين”.
وأكد قيس ان الاصلاحات المالية والضرائبية هي جزء من هذه الجهود، وهي تهم جميع اللبنانيين، بالاضافة الى ذلك، نركزعلى التحضير للانتخابات، بدءا من البلدية وصولا الى النيابية.
ولفت الى اننا في العام 2025 نواجه تحديات كبيرة مثل التغير المناخي وادارة مصادر المياه، حيث تعتبر المياه النقية قضية حيوية تؤثرعلى الاقتصاد والصناعات الغذائية وصحة الانسان.
واضاف: “من بين القضايا الاخرى التي نناقشها، الاصلاحات السياسية والحزبية، هل نحن بحاجة الى مركزية في البلد؟ هل نحن بحاجة الى هذا العدد الكبير من البلديات؟
وتابع: “نصف البلديات تعاني من نقص التمويل والموارد، معتبرا ان البلديات يجب ان تكون فعالة وتساهم في التنمية المحلية وإلا، فما هو دورها؟
وأردف: في النهاية الهدف هو ان يبقى المواطنون في مناطقهم ويعيشوا حياة كريمة دون الحاجة الى النزوح الى المدن.
وقال:”نحن نعمل على تسريع وتيرة الاصلاحات لتجنب تأجيل جديد للانتخابات، ولضمان تحقيق التقدم المطلوب في الملفات الاساسية”.
ورأى ان الموطفين في الادارات العامة لا يحبذون فكرة اعتماد الوسائل الالكترونية ، حيثي يفضلون الاستمرار في استخدام الوسائل الورقية التقليدية، مثل تسجيل المعاملات على السجلات الورقية بدلا من اعتماد الانظمة الرقمية مثل document management systems في الوزارات.
واعتبر انه لتطوير اي حكومة الكترونية او وزارة رقمية او ادارة عصرية، نحن بحاجة الى موظفين يتمتعون بمستوى علمي وثقافي يتناسب مع متطلبات التكنولوجيا.
واكد ان استمرارية الدولة تتطلب ان يكون تنفيذ المشاريع الرقمية مسؤولية مستدامة، بحيث يلتزم الوزراء المتعاقبون بمتابعة هذه المشاريع.
ولفت الى ان رئيس هيئة الشراء العام تنتهي ولايته قريبا، والسؤال الذي يطرح من سيخلفه، وماذا سيحل بالهيئة، اذا لم يتم تعيين رئيس جديد او تحديث القوانين، قد نعود الى النظام القديم مما يخلق فراغا اداريا.
واشار الى العالم دخل في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والروبوتات ومن المعيب ان نبقى نستخدم في المعاملات الورقة والقلم.
وقال: “الوزراء في حكومة نواف سلام على مستوى عالٍ من الخبرة، وما ينقصنا القرار السياسي لتنفيذ اي مشروع اصلاحي في الادارة”.
وأضاف: “علينا الا نيأس، وان نحاول ونسعى، فالبلد بلدنا ومسؤوليتنا السعي من أجل التغيير، ونحن بحاجة الى عامل الثقة والقرار السياسي وباقي الامور من كفاءات موجودة في البلد، انما الادارة يجب ان تكون موضع ثقة، والثقة تأتي من القرارات الصحيح”.
وشدد على ان الشعب اللبناني تعب، انما هو شعب جبار وقادر على تخطي الحواجز، ومن حقنا بعد كل هذه المعاناة الدخول الى دولة حديثة، وحد أدنى من الاستقرار الأمني والنقدي ومؤسسات حديثة.
وختم حديثه بالقول: “نحن موجودون من أجل العمل للبنان الأفضل”.
عامر صياغة الخبير بالتحوّل الرقمي والتكنولوجيا، قال بدوره، ضمن البرنامج عينه: ” القطاع العام يعاني من مشاكل بنيوية وتنظيمية، خاصة في عصر التكنولوجيا والسرعة التي يشهدها العالم، وللاسف الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تواكب هذه التطورات، وما زلنا نتعامل مع قوانين تعود الى الستينات والسبعينات، مشددًا على ان القطاع العام بحاجة ماسة الى ان يصبح عصريًا، شفافًا ، مرنًا ،يقدم خدمات جيدة للمواطنين.
ورأى ان اللبناني يتطلع اليوم الى خدمات الكترونية سريعة وفعالة، خالية من الفساد والبيروقراطية.
وشدد على ضرورة اعادة النظر في الهيكليات الادارية للادارات والمؤسسات العامة.
ولفت الى ان هناك وظائف تحتاج الى اعادة تقييم من حيث الوصف الوظيفي، المهام، والكفاءات المطلوبة، بالاضافة الى استحداث وظائف جديدة لمواكبة الثورة الرقمية.
واشار الى ان الادارة تفتقر الى سلسلة رتب ورواتب لموظفي التكنولوجيا، ولا توجد وظائف مخصصة للتكنولوجيا والرقمنة في هيكليات الادارات والوزارات، لافتا الى ان هذا الامر تمت مناقشته مرارا ولكن لم يتم اتخاذ خطوات جدية، ما ادى لخسارة القطاع العام العديد من الخبراء والكفاءات الذين انتقلوا للعمل مع مؤسسات دولية خارج لبنان.
ولفت الى ان وزارة التنمية الادارية على سبيل المثال فقدت العديد من الخبراء بسبب انتهاء الاتفاقيات مع برنامج الامم المتحدة الانمائي في عام 2020، وهذا الفراغ اثر بشكل كبير على قدرة الوزارة على تنفيذ مشاريعها، ومع ذلك نتمنى التوفيق للوزير الحالي الدكتور فادي مكي في مواجهات التحديات.
وقال: “التعاون بين الجهات المانحة والقطاع العام ضروري لدعم مشاريع التنمية، ولكن يجب التركيز على استدامة هذه المشاريع”.
ورأى ان التحدي الاكبر يكمن في بطء وتيرة العمل في الادارات مقارنة بسرعة التقدم التكنولوجي، على سبيل المثال، قانون التوقيع الالكتروني الذي بدأ العمل عليه في عام 2000 ولم يقر الا في عام 2018.
وشدد على ان لبنان بحاجة الى ورشة تشريعية لتحضير البيئة التشريعية اللازمة للتحول الرقمي.
وقال:” يجب ان يكون هناك جهاز مركزي لادارة وتنفيذ التحول الرقمي مع ارادة سياسية واضحة لدعم هذا التوجه”.
ولفت الى ان كل ادراة يجب ان تتضمن وحدة للتحولالرقمي تعمل على تنفيذ الخطط الوطنية، مؤكدا ان التعاون بين ادارات والوزارات ضروري، ويجب التعلب على الثقافة السائدة التي تعيق تبادل المعلومات.
وأشار الى ان الحلول التقنية مثل منصات التبادل البياني وواجهات برمجة التطبيقات APIsيمكن ان تسهل هذا التعاون مع الحفاظ على سرية وأمن البيانات.
وأكد ان التحول الرقمي لا يوفر فقط خدمات أفضل للمواطني، بل يساهم ايضا في تعزيز خزينة الدولة من خلال تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة، لافتا الى ان هذا الموضوع يتطلب جهودا كبيرة وتعاونا بين جميع الاطراف لتحقيق النجاح.
وأكد ان مسوؤلية التحول الرقمية ليست مسؤولية الوزير بل الحكومة مجتمعة واولوية لديها.
وعن تحديات التحول الرقمي، قال: ” هو وسيلة وأداة للنهوض ويجب خلق وظائف جديدة او وظائف تغير طبيعة عملها ويجب العمل على ذلك بأسرع وقت ممكن كما العمل على إقرار التشريعات والمراسيم المطلوبة في هذا الاطار، معتبرا إلا اصلاح دون رقمنا ولا اصلاح دون ارادة واضحة وجازمة في الشروع بتنفيذ التحول الرقمي والاصلاحات المنشودة، ولا قيادة في هذا المجال ان لم يكن هناك توافق وطني، مشددا على ان هذا التحول يفيد كافة اللبنانيين وليس طرف دون الاخر.
وقال:” أناشد فخامة رئيس الجمهورية تنفيذ التحول الرقمي في الادارات العامة بالتعاون مع رئيس الحكومة كي يلمس المواطن ان الدولة مستعدة للقيام بخطوت فعلية لنقل القطاع العام الى بر الامان”.
ولفت الى ان الاستراتيجية الوطنية التي أقرت 2022 من قبل البرلمان جيدة جدا ويمكن ان تكون مدماكا للتحول الرقمي وهي صالحة لليوم، وبرأيي لبنان يكفيه وضع استراتيجات فالمواطن يريد ان يلمس نتائج على الارض، ونحن بحاجة الى تطبيق التحول الرقمي الذي هو الاداة للتخفيف من الفساد، ولا مكافحة للفساد دون الذهاب الى التحول الرقمي.
وختم بالقول: ” علينا انجاز الرقمنة أولا، لأننا متأخرون عنها كثيرًا، والرؤية للاصلاح في القطاع العام لا يمكن فصلها عن الرقمنة، والرقمنة تعزز فاعلية الادارة، ونحن مستعدون لوضع خبرتنا بخدمة بلدنا”.